مايجري في اليمن شي مؤسف تندي له الجبين وتدمع له العين، كلاً يدعي حب ليلى وليلا لاتقر لهم بذاكا ، المواطن الضحية بين الرماح والسهام المتبادلة حيث تتهاطل عليه كزخات المطر. وكل يوم تشيع الأرواح. وكلاً يكشر عن أنيابه وتسيل اللعاب لثرواته، مافوق أرضه وتحت رماله. ما يجري يؤكد بأنّ الوطن لم يكن يوماً ما – كما ينبغي - للجميع وإنما لأطراف محددة تأثرت مصالحها فهاجت كوحوش الغاب مذعورة قائلة وباللهجة الدارجة (والله ماسبرت ياجلسنا سوا ياخربناها علينا جمعه) و(مش أنت تأكل وانا اتفرج.. يا أكلنا جمعه يابطلنا جمعه، فالسرق أخوة ) هو الكذب إذاً وسياسة المناورة والنفاق، أكذب ثم أكذب على مجتمع يعاني من الأمية مجتمع بسيط مطالبه لاتتعدى المطالب الرئيسية الأكل.. الشرب.. العلاج. مطالب بسيطه لم يطلب أن تعمل له الحكومة مناظر وحدائق رؤوس الجبال، أو تشيد له جسور من جبل عصر – على سبيل المثال- إلى جبل نقم ليستمتع بالمنظر والرفاه، أو لتخفيف زحمة السير واصطدام العربيات، وجسر من حيد المذاب إلى حيد المحجر- وهما فرعي شاهقين في الارتفاع من جبل ثنين المشهور بخارف محافظة عمران يطل على قاع البون الشهير وبأعلى قمته قرية ناعط الأثرية المشهورة - أو من جبل ثنين إلى جبل ريده أو شيبرة، ليحدق في هذا الوادي قاع البون. أو تعمل له - وإن كان هذا واجب عليها - جسور وانفاق في الجبال لتسهيل صعود وهبوط وسائل النقل التي تعانيها بعض المحافظات كحجه والمحويت، فبعض القرى لا تصل لهم شربة الماء إلا على ظهر الدوآب، فالأجنة من بطون الحوامل تسقط من عورة الطرق. مجتمع وصل أمنيته أطعمني من جوع وآمنني من خوف، وسأردد لبيك اللهم لبيلك أحكمني إلى يوم الدين، بل يردد جهاراً نهاراً أكلني عيش ويحكمني سعيد اليهودي – من حاخامات اليهود في اليمن – وآخر يقول نشتى عدالة وقانون ويحكمنا يعيش اليهودي – وهو كبير الحاخامات اليهود في اليمن وقد توفي في 6/4/ 2007م وخلفه ابنه يحي يعيش حاخاماً على يهود اليمن - هذا ما وصلنا إليه فـمن (تغذاء بكذبه ماتعشى بها) انكشفت كلّ الأوراق وتبخرت كلّ الوعود وزالت كلّ الأقنعه. فيامن تتحاربون التفتو لهذا الشعب الطيب الذي يعاني الأمرين مُر الحاجه ومُر الغُربه، مُر الحاكمين ومر المستعمرين وكلاهما عذاب. المواطن يصرخ في أعلى قمم الجبال وفي السهول... في الحضر والريف... إذا اجتمعتوا اكلتوني وإذا اختلفتوا قتلتوني. أيها المتصارعون باسم حب الوطن والوطنية، كلما اكتب فيكم يثقل قلمي وتتحشرج الكلمات في صدري، فأصمت وتعبر عن صمتي هطول دموعي، حالة تثير الحزن، ماذا اكتب وعن ماذا اتحدث، ديمقراطية اعطيتونا مشوهه، لم تحقق نتائجها في أرض الواقع، ولم يحدث تداول للسلطة بالطرق السلمية، وحاول الشعب أن يزيلكم بهذا النظام لكن دونما جدوى، وكلما وضع الناخب حرفين (لا) وبقدرة قادر تزيد في الورقة حرف ثالث فتغدو (نعم) كأن داخل الصناديق مصباح علاء الدين السحري، وقوانين ناقصه عرجاء تطبق على الضعفاء أصحاب الدراجات النارية، وباصات الأجره، وبائعين البيض والبطاط، ويفتك بها أصحاب الجاه والسلطان، وإن حاولت أن تستنجد وتصرخ فلن تسمع من يقول لك ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتم أحرارا)). وسجناء بلا محاكمة.. وعقوبات بلا قانون.. وبغروب الشمس وشروقها ينقلب القاضي ووكيل النيابه من ميزان عدل إلى غريم لاتدري ما غيره، أحلم ليلي أفزعه، أم اتصال هاتفي رجه. وبالمثل اليمني (إذا غريمك القاضي من تشارع) و(إذا بيت الله بيوطل اين عاد الكنان). حالة محزنه، كلما حدقت فيها تذكرت حلف الفضول الذي قاله عنه الرسول (ص) ممتدحاً عندما بُعث "لودعيت بهِ في الإسلام لأجبت" ووصفه في حديث آخر بأنه "حلف المطيبين" والذي كان السبب المباشر في إنشاءه هو الظلم الذي وقع على الرجل اليمني، فكما تروي كتب السير والتاريخ والموسوعات أنّ رجلاً من اليمن وتحديداً من "زبيد" أتي مكة ببضاعة إلى تاجر من مكة "العاص بن وائل" وكان ذا قدر بمكة وشرف، فأودعها عنده ليبيعها – وقيل اشتراها منه - فحبس عنه ثمنها، فاستدعى عليه بعض القوم، فأبوا أن يعينوه بل أنتهروه فوقف عند طلوع الشمس على جبل أبي قبيس ونادى بأعلى صوته وقريش في أنديتهم حول الكعبة: يا أل فهر لمظلوم بضاعته، ببطن مكة نائي الدار والنفر. فسمعت قريش صيحة اليمني "الزبيدي" فهب إليه نفر من قريش من بينهم الزبير بن عبد المطلب واجتمعوا في دار أحد وجهاء مكة وهي دار عبد الله بن جدعان وتحالفوا على نصرة المظلوم، ورد المظالم بمكة وأن لايُظلم أحد إلا منعوه وأخذو للمظلوم حقه، وكان رسول الله (ص) يومئذٍ معهم قبل النبوة وهو ابن خمس وعشرين، فسميت قريش هذا الحلف "حلف الفضول" ثم ذهب أطراف الحلف إلى العاص بن وائل وانتزعوا منه حق اليمني " الزبيدي" وفي ذلك أورد ابن الأثير قول عمرو بن عوف الجرهمي:
وقد جاء في سبب التسمية أن ذلك الحلف كان الحلف الثاني سبقه اتفاق ثلاثة من جرهم وهم: الفضل بن فضالة، والفضل بن وداعة ، وفُضيل بن الحارث. وفي رواية: الفضيل بن شراعة، والفضل بن وداعه، والفضل بن قضاعة. والفضول جمع فضل وهي أسماء هؤلاء الذي تقدم ذكرهم وعلى ذلك جاءت التسمية. وعلى أية حال فقد لعب حلف الفضول دوراً مهماً في حفظ مكانة مكة وفي الدفاع عن الحقوق ورد المظالم وتأمين المنطقة الحرام لكل من يؤمها. فهل لليمن اليوم لفضلاء وحلف فضول يقف ضد الظلم والقهر والاستبداد. حلف فضول ينصر المظلوم ويرد الحقوق إلى أهلها وينقذها مما هي فيه ويجعلها موطن آمن للجميع.
ارسال التعليق