• ١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ليلة القدر.. تسميتها وفضلها

ليلة القدر.. تسميتها وفضلها

◄تسميتها:

قيل سُمِّيت بذلك من القدر بمعنى القضاء، لأنّها الليلة التي يحكم الله فيها ويقضي بما يكون في السنة بأجمعها، والقدر في اللغة كون الشيء، مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نقصان، وقدر الله هذا الأمر يقدره قدراً، إذا جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة.

روي عن الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع) في قوله تعالى:

(فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/ 4).

"يُقدّر فيها ما يكون في السنة من خير أو شرّ أو مضرَّة أو منفعة أو رزق أو أجل ولذلك سُمِّيت ليلة القدر".

وقيل من القدر: بمعنى الشرف والحظّ وعظيم الشأن، من قوله تعالى:

(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (الأنعام/ 91).

أي ما عظَّمه حقَّ تعظيمه، وذلك بشرفها وعظم شأنها، أو لأنّ للطاعات فيها قدراً عظيماً وثواباً جزيلاً، أو لأنّه أنزل فيها كتاب ذو قدر إلى رسول ذي قدر.

 

فضلها:

1-  حسبك في فضلها أنّ الله – تعالى – أنزل في حقِّها سورة تتلى (سورة القدر).

2-  أنزل فيها القرآن: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر/ 1).

3-  هي الليلة المباركة: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) (الدخان/ 3)، لأنّ الله – تعالى – ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة.

4-  (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/ 4)، لأنّ الله – تعالى – يُقدِّر فيها ما يكون في السنة على مقدار ما تدعو إليه الحكمة.

5-  بيان عظيم خطرها وحرمتها وفضلها وشرفها وشأنها (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (القدر/ 2).

6-  الحثُّ على العبادة فيها وتبيان حرمتها بقوله تعالى:

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر/ 3).

7-   ما روي عن النبيّ (ص):

"إنّ الله اختار من الأيّام يوم الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر".

8-  عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام):

"إنّ العمل الصالح فيها خير من العمل الصالح في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر".

9-  عن الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع):

"إذا كانت ليلة القدر غفرَ الله كمثل ما غفرَ في رجب وشعبان وشهر رمضان".

10-                   عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع):

"في أنّ يومها مثلها في الفضل؟.. قال: ليلة القدر في كلِّ سنة ويومها مثل ليلتها".

 

حصرها:

1-  عن النبيّ (ص):

"التمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كلِّ وتر".

2-  وعن الإمام عليّ بن أبي طالب (ع):

"كان النبيُّ إذا دخل العشر الأخير شدّ المئزر واجتنب النساء وأحيا الليل وتفرّع للعبادة".

3-  سُئلَ الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع) عن ليلة القدر فقال:

"اطلبها في تسعة عشر، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين".

4-  عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام):

"ليلة تسع عشرة يكتب فيها وفد الحاج وفيها يفرق كلُّ أمر حكيم".

5-  قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع):

"التمسها في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين".

6-  وسأل زرارة الإمام الباقر (ع) عن ليلة القدر، فقال:

"هي ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين"

فقال: أليس إنّما هي ليلة؟.. فقال:

"بلى"

قال: فأخبرني بها.. فقال:

"ما عليك أن تفعلَ خيراً في ليلتين".

7-  قال الصدوق (رض): "اتَّفق مشايخنا على أنّها ليلة ثلاث وعشرين، وعن الإمام الصادق (ع) أنّ المعتمد عليه ثلاث وعشرون، وعن ضمرة الأنصاري عن أبيه أنّه سمع رسول الله (ص) يقول: "ليلة القدر ثلاث وعشرون".

وقيل للإمام الصادق (ع): الأرزاق تُقسم ليلة النصف من شعبان، فقال: "لا واللهِ، ما ذلك إلّا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فإنّ في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، وفي ليلة إحدى وعشرين يفرق كلُّ أمر حكيم، وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضي ما أراده الله من ذلك وهي ليلة القدر التي قال الله: (خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ)".

 

علاماتها:

عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) قال:

"علامتها أن يطيب ريحها، وإن كان في برد دفئت، وإن كانت في حرّ بردت.. جاء عن النبي (ص): "إنها ليلة سمحة لا حارّة ولا باردة، تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع".

 

إحياؤها:

في مصباح الكفعمي:

"ليالي الإحياء سبعة: ليلتا الفطر والأضحى وليلة النصف من شعبان وأوّل ليلة رجب والمحرّم، وليلة عاشوراء وليلة القدر".

يستحبُّ إحياء ليلة القدر بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن والإستغفار وطلب الجنّة والتعوّذ من النار واستدفاع الشرور والآفات وطلب سعة الرزق وطول العمر وخير الدنيا والآخرة والإستعاذة من شرِّ الدنيا والآخرة له ولوالديه ولمن يحبُّ.

روي عن الإمام محمّد الباقر (ع):

"مَن أحيا ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وصلّى فيها مئة ركعة وسع الله عليه معيشته في الدنيا وكفاهُ أمرَ من يعاديه وأغاثه من الغرق والهدم والشرق، ومن شرّ السباع، ورفعَ عنه هول المنكر ونكير، وخرجَ من قبره يتلألأ لأهل الجَمْع، ويعطى كتابهُ بيمينه، ويكتب له براءة من النار وأمان من العذاب، ويدخل الجنّة بغير حساب، ويجعل فيها من رفقاء النّبيّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً".

 

أعمال ليالي القدر:

أعمال ليالي القدر نوعان: فقسم منها عام يُؤدّى في كلِّ ليلة من الليالي الثلاثة، وقسم خاص يؤتى فيما خصَّ به من هذه الليالي، والقسم الأوّل عدّة أعمال:

الأوّل: الغُسل: قال العلامة المجلسي – رحمه الله –: الأفضل أن يغتسل عند غروب الشمس ليكون على غسل لصلاة العشاء.

الثاني: الصّلاة ركعتان يقرأ في كلِّ ركعة بعد الحمد التوحيد سبع مرّات ويقول بعد الفراغ سبعين مرّة: أستَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إلَيْه وفي الحديث النبوي:

"مَن فعل ذلك لا يقوم من مقامه حتّى يغفر الله له ولأبويه".

الثالث: تأخذ المصحف فتنشره وتضعه بين يديك وتقول:

"اللّهمّ إني أسألُكَ بكتابِكَ وما فيه وفيه اسمُكَ الأكبرُ وأسماؤُك الحُسْنى، وما يُخافُ ويُرْجى أن تَجْعَلَني مِن عُتَقائِكَ مِنَ النّار".

وتدعو بما بد لك من حاجة.

الرابع: خذ المُصحف فدعه على رأسك وقُلْ:

"اللّهمّ بحقِّ هذا القُرآن، وبحقِّ مَن أرسَلْتَهُ بِهِ، وبِحَقِّ كُلِّ مُؤمن مَدَحْتَهُ فيه، وبحقِّكَ عليهم، فلا أحدَ أعرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ ثمّ قُل عَشر مرّات بك يا اللهُ وعشر مرّات بمُحَمّد وعشر مرات بعلي وعشر مرّات بفاطمَةَ وعشر مرّات بالحسن وعشر مرّات بالحُسَينِ وعشر مرّات بعلي بن الحسين وعشر مرّات بمحمّد بن عليّ وعشر مرّات بجعفر بن محمّد وعشر مرات بموسى بن جعفر وعشر مرّات بعليّ بن مُوسى وعشر مرّات بمحمّد بنِ عليّ وعشر مرات بعليّ بن محمّد وعشر مرّات بالحسن بن عليّ وعشر مرات بالحُجَّةِ".

وتسأل حاجتك.

الخامس: زيارة الحسين (ع) في الحديث أنّه:

"إذا كانت ليلة القدر نادى مناد من السّماء السابعة من بطنان العرش أنّ الله قد غفر لمن زار قبر الحسين (ع)".

السادس: إحياء هذه الليالي الثلاثة في الحديث:

"مَن أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبال ومكائيل البحار".

السابع: الصّلاة مئة ركعة فإنّها ذات فضل كثير، والأفضل أن يقرأ في كلِّ ركعة بعد الحمد التوحيد عشر مرّات.

الثامن: روى الكفعمي هذا الدعاء عن الإمام زين العابدين (ع) كان يدعو به في هذه الليالي قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً، تقول:

"اللّهمّ إنِّي أمْسَيْتُ لَكَ عَبْداً داخِراً لا أمْلِكُ لِنَفْسي نَفْعاً ولا ضَرّاً، ولا أصْرِفُ عَنْها سُوءاً، أشْهَدُ بذلِكَ على نَفْسي، وأعتَرفُ لك بضَعْف قُوَّتي، وقِلَّة حيلَتي، فَصَلِّ على مُحمَّد وآل محمّد، وأنجِزْ لي ما وَعَدتَني وجميعَ المؤمنينَ والمؤمنات من المغفرة في هذه اللّيْلَة، وأثمِمْ عَليُّ ما آتَيْتَني فإني عَبْدُك المسكين المُستكينُ الضعيفُ الفقيرُ المَهينُ، اللّهمّ لا تجعَلني ناسياً لذكرك فيما أوْلَيْتَني، ولا لإحسانِكَ فيما اعطَيْتَني، ولا آيِساً من إجابَتِكَ وإن أبْطَأَت عَنِّي، في سَرّاء أو ضَرّاء، أو شِدّة أو رَخاء، أو عافية أو بَلاء، أو بُؤْس أو نَعماء إنّك سَميع الدُّعاء".►

 

المصدر: كتاب في رحاب شهر رمضان

ارسال التعليق

Top