مرّت الشهور والأسابيع، والأيام والساعات والدقائق والثواني.. وسرعان ما انتهى العام، أقبل رمضان المعظم علينا ضيفاً عزيزاً كريماً.. أقبل ونحن غافلون، غير مستعدين لإستقباله، أثقلتنا الدنيا، فاثاقلنا إلى الأرض، وأعيتنا الذنوب والآثام فتمادينا في طريقنا المظلم، من نفق المعاصي والغرور، فما أحوجنا إلى أن نعود إلى طريق الله المنير، ما أحوجنا إلى أن نقترب من الله الرحمن الرحيم الغفور، أمّا آن لنا أن نعود ونقترب؟! أما آن لهذه القلوب التي قست وتحجرت أن تخشع لذكر الله وترق؟! أمّا آن للعين أن تذرف دموعها؟! أمّا آن للسان أن يسبح بذكر ربه؟ أمّا آن للتائهين أن يهتدوا؟! أمّا آن لأهل الظلام أن يُقبلوا على طريق النور؟! أمّا آن للجوارح أن تستغفر وتكف عن الآثام؟! أمّا آن للسان أن يقلع عن الغيبة وسب عباد الله وقذفهم؟! أمّا آن لأهل الهوى أن يعقلوا؟! أمّا آن لأصحاب النزوات والشهوات أن يُقلعوا؟!
مع إقبال شهر رمضان الكريم ظللت أفكِّر في نفسي وبني جلدتي وأتساءل: هل يمكن أن نفوز؟ هل يمكن أن نقتنص الفرصة فلربما لا تعود؟! ومن يدري هل سيبلغنا الله رمضان بعد ذلك أم سينتهي الأجل فلا نملك الفرصة؟! وبينما أنا في حيرة من أمري إذا بي أقول في نفسي: نعم.. نعم.. يمكن إقتناص الفرصة.. نعم إن ربي لغفور ودود، إن ربي يفرح بتوبتي كما بشرني حبيبي (ص).. نعم إنّ ربي نهاني عن اليأس والقنوط، وأخبرني بأنّه يغفر الذنوب جميعاً، فقال سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر/ 53).
إنّ الإنسان منّا في حياته الدنيا كمن يسير في طريق صعبة وشاقة، ويحتاج فيه إلى الزاد كي يصل إلى مراده وغايته العظمى ألا وهي الجنة، إنّه يحتاج إلى زاد الإيمان، وكلما نقص الزاد تزوّد المسافر في طريقه، وإلا هلك بسبب فقدان الزاد، فلابدّ من تجديد الإيمان وتزويده، لأنّه يزيد وينقص، فقد أخبرنا الله عزّوجلّ بحقيقة زيادة الإيمان وبقوله تعالى: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب/ 22).
ارسال التعليق