ساعدي زوجك على تخطي الأزمات الحياتية التي يواجهها
تزخر الحياة الزوجية باللحظات الحلوة والمرّة، ولكن حين يشعر زوجك بالإحباط ويعاكسه الحظ، قد تتفاجأين عندما تكتشفين أن حبّك له والتزامك بعلاقتكما لا يكفيان لمساعدته على استعادة سيطرته على الأمور. فسواء كان يواجه محنة في حياته المهنية أو الشخصية أو حتى أزمة منتصف العمر، قد تكون الطريقة التي يختارها زوجك لمعالجة مشاكله، وأحياناً لعدم معالجتها، السبب في هزّ دعائم أكثر الزيجات متانة. لذا، استفيدي من النصائح التي يقدّمها لك أهم الخبراء في العلاقات الزوجية كي تساعدي زوجك على تخطّي محنته، وانتبهي إلى تصرّفاتك التي قد تعيق تعافيه عن غير قصد.
- كيف يتصرّف الرجل حين يواجه أزمة ما؟
لكلّ منّا طريقته الخاصة في التعامل مع الأزمات التي قد تواجهه، إلا أنّ طريقة تعامل الرجال مع المواقف المؤلمة والمقلقة تختلف تماماً عن طريقة تعامل المرأة معها. ويوضح الدكتور ماثيو بامبلينغ، الأخصائي في علم النفس، أنّ الرجل يميل إلى الانطواء على نفسه حين يواجه مشاكل عاطفية، فيبتعد عن محيطه ويلجأ إلى مكان منعزل بانتظار أن تُشفى جراحه ويشعر بالتحسّن. بينما تلجأ المرأة إلى التواصل مع صديقاتها وعائلتها بحثاً عن الدعم والمساعدة على إيجاد الحلول. ولا ترى عالمة النفس ميريديث فولر أيّ مشكلة في ذلك إن تمكّن الرجل من تخطّي محنته بسرعة ومن دون ألم، ولكن في حال واجه صعوبة في إيجاد الحلّ، فسيشعر بالضعف والخوف والارتباك لأنّ الرجل بطبيعته "مبرمج" لمعالجة المشاكل.
- كيف تؤثّر أزمة الرجل على الحياة الزوجية؟
حين يواجه الرجل محنة قاسية تؤثّر على إحساسه بكيانه وهويّته الشخصية مثل فصله من العمل، من الممكن أن تتراجع قدرته على التواصل معكِ. فالرجال لا يحبّون التعبير عن قلقهم لأنّهم لا يدركون ما الذي يشعرون به ولا يعرفون كيف يُعربون عنه بوضوح. لذا، من السهل على الرجل أن ينطوي على نفسه يكتفي بالصمت حين تبدأين بمساءلته، فتشعرين بالإحباط نتيجة عدم تجاوبه. وقد يبدأ زوجك بقضاء المزيد من الوقت مع أصدقائه وشراء أمور لطالما تمنّى الحصول عليها بالرغم من عدم قدرته على تحمّل كلفتها، كما قد يحوّل خجله وتعاسته إلى غضب، غالباً ما يصبّه عليك. أو على العكس تماماً، قد يلجأ إلى التقوقع ويتفادى لقاء أصدقائه والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، فيقضي معظم وقته أمام شاشة التلفزيون أو الكومبيوتر، وهذا يشير إلى احتمال معاناته من الاكتئاب.
- كيف تتعاملين مع مشاكل زوجك؟
قد تشعرين بالصدمة حين تشاهدين الشخص الذي تحبينه يتصرّف بطريقة مختلفة جدّاً عن طبيعته. فأنت تعرفينه كشخص طموح، وها هو فجأة يلازم المنزل طوال اليوم في ملابس النوم ويتحجّج بعدم امتلاكه الوقت الكافي للبحث عن عمل جديد. لذا، من الطبيعي أن تشعري بخوف شديد، وأن تتساءلي "ماذا عن حياتنا الزوجية؟"، و"هل سيبقى ممدداً على الكنبة طوال السنوات العشرين المقبلة؟" ونتيجة لذلك، قد تدفعك مخاوفك ونقمتك على زوجك إلى معاقبته عوضاً عن مساندته. فربّما تنهالين عليه بالانتقادات والمطالب بدلاً من أن تكوني حازمة وواضحة بشأن تصرّفاته. وربّما تلتزمين الصمت، لكنّ تعابير وجهك ستفضح شعورك بعدم الرضى والخيبة، وسيحسّ زوجك بذلك لا محالة. وقد تعتبرين سلوك زوجك المزاجي والمكتئب أنانياً، لكن عليك أن تتنبّهي إلى أنّه ربما يعاني من مشكلة نفسية، وأنّه غير قادر على مواجهة معاناته بمفرده والتغلّب عليها. وفي هذه الحالة، عليك أن تتخلّي عن مثاليّتك وقناعتك بأنّك قادرة على إيجاد الحلول لمشاكل زوجك لمجرد أنّه شريك حياتك وأنّك تعرفينه أكثر من أيّ شخص آخر. فلا شكّ في أنّك ساندته إلى أقصى حدّ على مرّ السنين، لكن من الضروري أن تعرفي حدود قدراتك. فعندما تشعرين بأنّ تصرّفات زوجك بعيدة كلّ البعد عن شخصيّته الحقيقية أو أن أفكاره تنمّ عن اليأس، إعلمي أنّ الوقت قد حان لاستشارة أخصائي.
- كيف تواجهان الأزمة معاً؟
لا شكّ في أنّ تصرّفك قد يؤثّر على رأي زوجك بنفسه وبالمشكلة التي يعاني منها، كما قد يكون عنصراً أساسياً لتعافيه منها. لذا إن أردت أن تساعديه على التغلّب على أزمته، خذي هذه النصائح بعين الاعتبار:
1- لا تستجوبيه:
أفسحي المجال لزوجك كي يواجه مشكلته ويستوعبها بنفسه. فهو يحتاج إلى أيام عدة قبل أن يتمكّن من التحدّث عما يشغل باله، ويطمئن إلى أنك لن تبدأي باستجوابه وتحليل مشاعره، فالرجال يكرهون عادة هذه التصرّفات.
2- ذكريه بتخطيه محناً سابقة:
حدّثيه عن مراحل سابقة من حياته استطاع خلالها التغلّب على مشاكل أكثر صعوبة، لأن ذلك يساعده على تذكر قدرته على مواجهة الصعاب.
3- لا تستخفي بمخاوفه:
يقول فولر إنّه من المتعارف عليه أنّ الرجل يؤدي دوماً دور الشخص القوي والرصين، لذا من السهل أن ينسى جانبه الرقيق والحساس. فإن بدأ زوجك على سبيل المثال في اكتساب الوزن الزائد بعد أن كان رياضياً، أو إن بدأ يفقد شعر رأسه، فسيشعر في قرارة نفسه بالقلق ويبدأ بالتساؤل إن كنت ما زلت تحبينه. لذا، احرصي على أن يشعر بالأمان والقبول.
4- بيّني له أنّه ليس الوحيد الذي يواجه الصعوبات:
يميل الرجل بطبيعته إلى عدم التعبير عن مشاعره، لذا يعتقد أنّه الوحيد الذي يمر بأوقات عصيبة. فعلى سبيل المثال، إن شعر بالخوف من خسارة أحد أفراد عائلته أو إن أحسّ بتقصير في دوره كأب، يمكنك أن تعرّفيه إلى أشخاص مرّوا بالأزمة نفسها واستطاعوا التغلّب عليها، لأنّ ذلك سيساعده على التفكير بموضوعية.
5- إحرصي على مشاركته في الحياة الاجتماعية:
إحرصي على أن يتناول زوجك الطعام ويمارس التمارين الرياضية بانتظام ليتخلّص من التوتر. فقد يصبح عرضة للإصابة باضطراب هرموني ينجم عن اكتئاب منتصف العمر وتغيّر المزاج. لذا، يقترح بامبلينغ أن تشجّعي زوجك على فحص معدّلات الهرمونات في جسمه، والمحافظة على صداقاته، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية المعتادة.
6- لا تتصرفي بمأساوية:
تأكّدي من أنّك لن تخفّفي من وطأة الضغط على زوجك إن صرخت في وجهه قائلة "نحن نتّجه نحو الإفلاس!" عندما يخبرك بأن عمله لا يسير كما يجب، لكنّك في المقابل ستساعدينه إن قلّلت من مصاريفك أو أجّلت مشروع تغيير أثاث المنزل أو السفر إلى لخارج للاستجمام. فمن الضروري أن تتحكّمي بمشاعر الضيق والغضب التي تنتابك بسبب التغييرات الحاصلة في نمط حياتك. وتذكّري أنّ الزواج مشاركة، لذا، كوني على استعداد لدعم شريكك مادياً ومعنوياً لا سيّما إن احتاج إلى إطلاق مشروع صغير أو تغيير مسيرته المهنية.
7- كوني خير مثال له:
هل تكرهين عملك ووزنك وقصّة شعرك القديمة أو حتّى ثيابك؟ إذاً غيّريها لأنّ زوجك سيُسعد بإطلالتك الجديدة وسيشجّع على إحداث تغييرات إيجابية على شخصه أيضاً ما سيتيح لكما النظر إلى الأزمات الحياتية التي تواجهونها بتفاؤل وإيجابية.
- هل هي أزمة منتصف العمر؟
* إنّ أزمة منتصف العمر الحقيقية التي يختبر الرجل خلالها إحساساً بخيبة أمل عميقة لما آلت إليه حياته والتي ترتبط عادة بالاكتئاب تُعدّ حالة نادرة نسبياً، إذ تصيب ما يُقارب الـ10 في المئة من الرجال فقط. وبشكل عام، يمرّ معظم الرجال في منتصف حياتهم بتحديات عدّة للتكيّف مع عملية التقدّم في السن.
* إنّ خسارة الرجل لعمله أو تراجع جاذبيته أو وفاة أحد أفراد عائلته أو أصدقائه أو إصابته بمرض ما، أسباب تدفعه إلى مواجهة واقع أنّ نصف حياته قد مرّ. وبالرغم من أنّ معظم الرجال يتأقلمون مع هذا الوضع، إلا أنّ بعضهم يواجهون صعوبة أكبر في تقبّله.
* من المحتمل أن يبدأ زوجك بالتفكير في الأحلام والأهداف التي لم يستطع تحقيقها، وأن يتساءل عن هويّته وانتمائه، كما قد يُبدي رغبة في استعادة شبابه، فيقتني سيارة رياضية فاخرة أو يرتبط بزوجة أصغر سناً.
* إنّ اللجوء إلى الاستشارة الزوجية يُعدّ فكرة جيِّدة في حال تفاقمت المشاكل بينك وبين زوجك في هذه المرحلة، ويمكنكما أن تبحثا عن المساعدة للتكيّف مع التغييرات الجديدة التي تطرأ على حياتكما الزوجية شرط أن تتشاركا في حلّ المشكلة. واعلمي أنّ الزوجين اللذين تربطهما علاقة سليمة يستطيعان أن يتخطّيا أزمة منتصف العمر وأن يوطّدا علاقتهما لتصبح أقوى، أمّا الزوجان اللذان يعانيان أصلاً من مشاكل في علاقتهما فمن المرجّح أن ينفصلا.
ارسال التعليق