• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المبعث النبوي .. حدث عظيم في تاريخ البشرية

عمار كاظم

المبعث النبوي .. حدث عظيم في تاريخ البشرية

إنّ يوم المبعث النبوي الشريف هو يوم عظيم كان مبدأ إتمام النعمة وإكمال الدين الإلهي للبشرية ولولا وجود شخصية كالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقلب كقلبه النوراني في ذلك الزمن، لما كان لهذه النعمة محلّ ليفيض المولى الكريم عبرها إلى البشرية أعظم نعمة. إنّ ينبوع البعثة الذي تفجّر في مثل هذا اليوم في قلب الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) له مسار بالغ الأهمية... حيث سطع نور إلهيّ وأشرق في قلب إنسان بارز واستثنائي، هذه هي الخطوة الأولى وبداية المهمة ولا شك أنّ هذا أهم جوانب القضية، فإشراقة هذا النور في قلب الرسول وتحمّله لمسؤولية الوحي تعكس بشكل صريح ذلك البعد الذي يربط الخلقة وعالم وجود الإنسان والعالم المادي بمعدن الغيب وها هنا حلقة الوصل. إنّ يوم البعثة هو أعظم يوم في تاريخ البشرية، حيث ولادة أبرز وأشرف المفاهيم والقيم، لقد كانت بعثة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حركة عملية لإيصال البشرية إلى الكمال الفردي والروحي والمعنوي من جهة، ورقي الحياة الاجتماعية وإصلاح المجتمعات من جهة أخرى.

حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت مثالاً ونموذجاً واضحاً للحياة الإسلامية فهو الإنسان الكامل المختار من قبل رب العباد لإيصال رسالته الخالدة والخاتمة إلى الناس أجمعين، وهو المرسل رحمة للعالمين قال الله عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء/ 107)، وهو الإنسان النموذجي والمربي المرشد لأتباعه وللإنسانية جمعاء وإرشاداته القيمة كانت تشمل جميع الناس في السلم والحرب فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام هو ذروة الإنسان الكامل وأحسن الناس خَلقاً وخُلقاً. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً) (الأحزاب/ 45-46)؛ فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان سراجاً منيراً... كان ينير الجوّ بأخلاقه، بمسلكه، بطريقة عمله، بتعامله، بعلمه، بحكمته.

كان الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) أميناً، وصادقاً، وصبوراً، ومتواضعاً وشهماً ومدافعاً عن المظلومين في كافّة الحالات. كان سلوكه سليماً وكان تعامله مع الناس يقوم على أساس الصدق والصفاء والصحّة. كان حَسَنَ الكلام، كان طاهراً، معروفاً بالعفّة والحياء والطهارة وكان الجميع يقبلونه ولم يكن متلوّثاً بأيّ شيء. كان شجاعاً ولم تتمكّن أيّ جبهة من الأعداء مهما كانت عظيمة أن تفتّ من عضده أو تخيفه. كان صريحاً، يوضّح كلامه انطلاقاً من الصراحة والصدق. كان في حياته حكيماً وزاهداً كما كان رؤوفاً متسامحاً كريماً. وكان يعطي المال ولا ينتقم، كان سموحاً وعَفُوّاً.

إنّ أهم عوامل انتشار الإسلام تكمن في حُسن أخلاق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده أهل بيته (عليهم السلام)، قال الله عزّ وجلّ مبيناً سرّ انتشار الإسلام وكثرة أتباعه مخبراً رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الأخلاق الكريمة (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران/ 159)، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يذم سوء الخلق فيقول: «سوء الخلق شؤم وشراركم أسوؤكم خلقاً» وقال أيضاً: «أكثر ما تلج به أُمتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق» وقال أيضاً: «أدبني ربي فأحسن تأديبي».

كان كثير الحنان والتسامح والتواضع وكان من أصحاب العبادة. وكانت هذه الخصوصيات موجودة في شخصيته العظيمة في كافة جوانب حياته منذ مرحلة الشباب إلى الوفاة طيلة ثلاث وستّين سنة. كانت عبادته، عبادة مَن تتورّم قدماه من الوقوف في المحراب. كان يقضي جزءاً طويلاً من الليل صاحياً ومشغولاً بالعبادة والتضرّع والبكاء والاستغفار والدعاء. كان يناجي الله ويستغفره.

هذا هو خلقه وكماله قبل البعثة، يشار إليه بسمو الخلق ورفعة النفس، إنّها جذور الإيمان في أعماق النفس الرفيعة، وهذه بمجموعها تمثل الكمال الذي يرقى إلى مراتب المثل العليا، وانعكست بأكثر حين بعث: رحمة وهادياً، ومبشراً للعالمين.

ارسال التعليق

Top