أشكركم على حسن استشاراتكم النيرة لنا، لم يحصل لي النصيب في الزواج وفاتني القطار بعد أن وصلت 48 سنة واستوعبت وآمنت أن مقادير الكون بيد الله سبحانه. وآثرت الاتكال على الله وبحكم أنني أعمل في وظيفة محترمة والحمد لله، وعملت برنامجا مفيدا لشغل أوقات فراغي بالرياضة والاشتراك في مكتبة قصد المطالعة وذكر الله وشعرت بالرضى والاطمئنان. إلا أنني مؤخرا صدمت من والدتي إذ ترميني بكلام سم بدني بقولها أنني كالعادة مهما ذهبت الى أي نادي رياضي أو تظاهرات ثقافية فلن أستطيع جلب أي رجل للزواج به. لا أدري ماذا تقصد لقد صدمت حيث كانت نعم الام المثالية والمكافحة. أأصابها الإحباط لهذه الدرجة لكي تحسسني بالدونية والنقص عوض أن تساعدني معنويا لتقبل قدري. أرجوكم أأصبر نفسي أم أصبرها؟
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد..
ابتداءً لابدّ من أن تتفهمي دوافع أمّك حتى تعذريها ولا تتأذي كثيراً من كلامها، فالأمّهات يردن لبناتهنّ الخير، وهنّ – بفعل أفكارهنّ التقليدية – يرون التوفيق للبنت في الزواج، لا غير، ولذا فإنّ شعور والدتك بالخيبة أو الإحباط لا يتوجه إليك، وإنما لنفسها، لأنها تريد الخير لك ولكن ليس بيدها حيلة وربّما ترى نفسها مقصرة إتجاهك.
إذن واجهيها بلطف.. ذكِّريها بقضاء الله وقدره، وأنك أسعد من كثير من الزوجات البائسات ممن تزوّجن رجالاً فاسدين أو أشقياء، واعطيها شحنة أمل بأنّ الأيام قد تحمل معها أخباراً طيبة بهذا الخصوص إن شاء الله، واطلبي منها أن تدعو لك بالتوفيق..
وأخيراً اشعريها بللطف بأن كلامها يؤذيك واطلبي منها إن كانت تحبك فعلاً أن لا تردده كثيراً، ولكن تذكري دوماً قول الله تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً فإما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً) (الاسراء/ 23).
من جهة أخرى، واصلي حياتك المعتادة وحضورك في الوسط الاجتماعي الصالح كالمسجد والمكتبة والرياضة، للمحافظة على سلامة نفسك وجسمك، وتذكري دوماً بأن قيمة الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، بذاته وعمله.. وبرضا الله عنه وخدمته للمجتمع.
يقول الامام علي بن أبي طالب: (قيمة كل امرئ ما يحسنه).
فاسع إلى تطوير قدراتك ومواهبك بمواصلة التعليم أو اكتساب مهارات إضافية فلا تترددي في ذلك، وإذا كانت هناك فرصة للمساعدة في جمعية خيرية أو عمل إنساني فاسعي لذلك واعلمي أن خدمتك لوالدتك وإحسانك إليها وأنسك بها من خير الأعمال والقربات.
بارك الله في أيامك ووفقك لكل خير.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق