إنّ أسلوب "تكرار الأوامر" وسيلة فعّالة ورائعة لمقاومة الجدال والاعتذار وتحويل الانتباه، فالأطفال دوماً يجادلون لتحويل انتباهنا عن الأمر الذي أصدرناه للتو وإشغالنا بقضايا فرعية، وها هو "حسام" يستخدم مع والده هذا الأسلوب:
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: ولكن الساعة لا تزال الثامنة والنصف.
الأب: إنّ الساعة الثامنة والنصف تعتبر ميعاداً متأخراً.
حسام: لا أحد في فصلي ينام في هذا الموعد، جميعهم يسهرون.
الأب: أنا متأكد أنّ هناك بعضهم ينام مبكراً وهم جيدون.
حسام: لا، لا أحد يفعل ذلك، كلّهم يشاهدون التلفاز حتى التاسعة والنصف.
الأب: قد يكون هذا صحيحاً ولكنك لست مثلهم.
حسام: إنّ هذا ليس عدلاً.
الأب: قد لا يبدو هذا عدلاً، لكنك تحتاج أن تنام مبكراً لتستيقظ نشيطاً.
حسام: أعدك أن أستيقظ غداً نشيطاً بشرط أن أنام التاسعة والنصف.
وهكذا يدور الحوار، فهل أدركت كيف يجادل حسام والده ويدخل به في موضوع ويخرج لآخر، ونهاية الموقف معروفة لنا جميعاً...
ولكي نخرج من دائرة الجدال ونضمن طاعة الصغار (إلى حد كبير)، علينا أن نجرب أسلوب تكرار الأوامر مع أطفالنا، وبالنسبة لوالد حسام – في الموقف السابق – لو استخدم إستراتيجية تكرار الأوامر، لقضى على جدال ابنه حسام بشأن النوم مبكراً، ولأصبح الحوار بينهما كالتالي:
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: ولكن الساعة لا تزال الثامنة والنصف.
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: لا أحد في فصلي ينام في هذا الموعد جميعهم يسهرون.
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: لا، لا أحد يفعل ذلك، كلّهم يشاهدون التلفاز حتى التاسعة والنصف.
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: إنّ هذا ليس عدلاً.
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: لماذا تستمر في قول نفس الكلام؟
الأب: لقد حان وقت النوم يا حسام.
حسام: حسناً، حسناً، توقف فقط عن قول هذه الجملة "لقد حان وقت النوم".
الأب: بارك الله فيك يا حسام، سوف ألحق بك في سريرك في غضون دقيقة لأعطيك قبلة.
أيها المربي الكريم...
لا يوجد طفل في هذه الحياة يسير بالريموت كنترول، وإذا أردت من ابنك أن يسير بالريموت كنترول فيجب أن تجعله ذليلاً بلا رأي ولا شخصية، وكن على استعداد أن يمسك غيرك بهذا الريموت يوماً، ويحرك طفلك – بالقسوة والسلطة – كيفما شاء.
إنّ الأب في هذه الحالة يتجاهل "حسام"، فيبدو كما لو كان يقول: "مهما كان ما ستقوله من أعذار؛ فإنّه يجب عليك أن تذهب إلى فراشك الآن، إنني سوف أتجاهل كلّ جملة تقولها لتخرجني عن طلبي الأساسي"، ومع تكرار تلك الرسالة سيتوقف الطفل عن (الجدال)؛ وذلك لأنّه لم يحقق منه أي نتيجة أو استفادة، إنّ الأب (والأُمّ) ليس مضطرّاً إلى البحث عن حجج عندما يتعلق الأمر بقوانين البيت الثابتة وقواعد اليوم المتفق عليها، إنّه ببساطة سيكرر الأمر على مسامع طفله، والحقيقة أنّ إستراتيجية "تكرار الأوامر" تعجب كثيراً من الآباء والأُمّهات، حيث إنهم عند تنفيذها لا يغضبون ولا يصرخون ولا يجادلون أطفالهم النشطين والأذكياء والبارعين في ابتكار الحيل، ويشعر المربون بكثير من الراحة عندما ينتصرون على كلّ حيل الأطفال التي يسعون من خلالها التهرب من أوامرنا...
إذا اكتشف الطفل حيلتك عندما تستخدم طريقة تكرار الأوامر، وبدأ هو يستخدم معك أسلوب "تكرار الرد"، فتوقف عن هذا الأسلوب فوراً، فلقد ربح الطفل، ويجب عليك أن تنتقل إلى طريقة أخرى من الطرق العملية، والمثال التالي يوضح ذلك:
الأُمّ: لقد حان وقت الصعود إلى البيت يا خالد حسب اتفاقنا.
خالد: ولكن زملائي لا يزالون يلعبون.
الأُمّ: لقد حان وقت الصعود إلى البيت يا خالد حسب اتفاقنا.
خالد: اتركيني قليلاً.
الأُمّ: لقد حان وقت الصعود إلى البيت يا خالد حسب اتفاقنا.
خالد: لا، لن أصعد.
الأُمّ: لقد حان وقت الصعود إلى البيت يا خالد حسب اتفاقنا.
خالد: لا، لن أصعد.
الأُمّ: لقد حان وقت الصعود إلى البيت يا خالد حسب اتفاقنا.
خالد: لا، لن أصعد.
الأُمّ: لقد حان وقت الصعود إلى البيت يا خالد حسب اتفاقنا.
خالد: لا، لن أصعد.
الأُمّ: (تكتشف أنّ خالداً أفسد حيلتها، ولم تعد طريقة تكرار الأمر تنفع معه في هذا الموقف، لذلك عليها أن تنتقل سريعاً إلى أسلوب آخر، كأن تقول له: سوف أعد حتى ثلاثة وإن لم تصعد سيكون هناك ما لا تحب، أو تقول له: هل تريد أن تصعد سيراً أم نصنع سباقاً بيننا فيمن يصل إلى غرفتك أوّلاً سأبدأ العد، أو تلجأ إلى تحذيره من عواقب سيئة كأن تقول: إذا لم تصعد كما اتفقنا فلن نحكي الحدوتة معاً...
أيها المربي الكريم؛ إنّ أسلوب تكرار الأمر ما هو إلا طريقة من طرق إدارة الحوار مع طفلك عندما يحاول أن يلهيك بالمجادلات، ولكي تكون فعّالاً ينبغي عليك عند استخدامك لهذه الطريقة أن تظل هادئاً جدّاً ولا تغير كلمة واحدة من كلماتك، وإذا فهم الطفل حيلتك واستخدم أسلوب "تكرار الرد" معك، فاستسلم، واستخدم فوراً طريقة أخرى.
الكاتب: عبد الله محمّد عبد المعطي
المصدر: كتاب أطفالنا.. كيف يسمعون كلامنا؟
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق