• ١٦ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٤ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

معجزة الحديد.. في رحاب القرآن

بتول ياسين

معجزة الحديد.. في رحاب القرآن
◄(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) (الحديد/ 25). ناقش المفسِّرون في عبارة (وأنزلنا) واصروا على انّ الانزال يعني الخلق أو الإيجاد وهو تماماً كإنزال الأنعام المذكور في قوله سبحانه: (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ...) (الزمر/ 6). أما ما توصل إليه العلم الحديث فهو عكس ذلك، فقد أثبت العلم التجريبي حقائق مذهلة باهرة حول هذه الآية، وانّ الحديد تنزّل من السماء، ليس من سمائنا فحسب، وإنما من كرات هي أعظم وأكبر من مجرتنا، حيث يتم تصنيعه هناك. ذكر البروفسور زغلول النجار، أستاذ الجيلوجيا وعلوم طبقات الأرض، ومدير معهد مارك في المملكة المتحدة، في حديث له حول الآيات الكونية المذهلة، وخاصة حول الآية المباركة من سورة الحديد: قال المفسرون: وأنزلنا يعني قدرنا أو خلقنا أو جعلنا، وركزوا على البأس الشديد للحديد، وقد ثبت علمياً أن أكثر ذرات العالم تماسكاً هي ذرة الحديد، فالحديد هو عصب الصناعات الثقيلة لحياة الإنسان، ولولا وجود الحديد في قلب الأرض ما كان للأرض مجال مغناطيسي، وإذا فقدت الأرض مجالها المغناطيسي ما استطاعت انّ تمسك بالغلاف الغازي ولا المائي ولا الحياة. انّ وجود الحديد ضرورة من ضرورات جعل الحياة صالحة للعمران. ونسبة الحديد في مركز الأرض هي 96%، ويتناقص في القشرة الخارجية إلى 6.5% بالعشرة. الحديد يكوّن أغلب المادة الحمراء في دماء البشر، ودماء الكثير من الحيوانات، ويشكل المادة الخضراء في أجسام النباتات، فالحديد لازمة من لوازم الحياة. وما كان أحد يتخيل انّ هذا الحديد ينزل من السماء، فكيف أنزل؟ وكيف اخترق طبقات الأرض؟ تأكد لنا انّ ذرة الحديد شديدة البأس، وانّ الحديد فيه منافع جمة للناس شاملة وكاملة. الحديد جعل الأرض صالحة للعمران، وجعل الحياة ممكنة في الوجود، وعملية الإنزال هذه ما استطاع أحد أن يستوعبها حتى جاء العلماء واثبتوها أثناء الرحلات في الفضاء بعد الدراسات الكيميائية في الجزء المدرك من الكون، فقد وجدوا انّ غاز الهايدروجين أخف العناصر وأقلها بناء وهو أكثر العناصر انتشاراً في الجزء المدرك من الكون، ويشكل 74% من مادة الكون المنظور، يليه في الكثرة غاز الهليوم ويشكل 24% من مادة الكون المنظور. قال العلماء: انّ عنصرين من أخف العناصر المعروفة لنا وأقلها بناء يشكلان معاً أكثر من 98% من مادة الكون المنظور فلابدّ انّ باقي العناصر قد خلقت من غاز الهايدروجين، وهي ملاحظة جيِّدة ثبتت صحتها بمراقبة ما يتم في داخل الشمس، فالشمس تتحد فيها ذرات الهايدروجين فتكوّن ذرة الهليوم، والهليوم يكون النيكل في عملية متسلسلة بطريقة مستمرة تسمى عملية الاندماج النووي. حينما نظر العلماء في الشمس وجدوا انّ عملية الاندماج النووي لا تصل إلى الحديد بل توقف قبل الحديد بمراحل طويلة، لأنّ الحديد يحتاج إلى حرارة عالية جداً، والشمس لا تكفي لذلك مع انّ حرارتها تبلغ 20 مليون درجة. فنظر العلماء في نجوم هي خارج المجموعة الشمسية تسمى المستعرات تصل درجة الحرارة فيها إلى مئات البلايين، هذه الأماكن البعيدة في الكون المنظور هي التي يمكن أن يتخلق فيها الحديد. ولاحظوا أنّ النجم إذا كانت كتلته أقل من أربع مرات كتلة الشمس وتحول قلبه إلى الحديد يستهلك كل طاقة النجم فينفجر وتتناثر اشلاؤه في صفحة الكون وتدخل في مجال جاذبية أجرام تحتاج إلى الحديد. هذه الملاحظة جعلت العلماء يقولون انّ أرضنا حين انفصلت عن الشمس لم تكن سوى كومة من الرماد ليس فيها شيء أقل من الألمنيوم، فرجمت بوابل من النيازك الحديدية تماماً كما تصلنا النيازك الحديدية. وبحكم كثافته العالية تحرك إلى لب هذه الكومة من الرماد، واستقر في جوفها ومايزها إلى سبع أرضين، لب صلب داخلي أغلبه الحديد، ولب صلب خارجي أغلبه الحديد، أربعة أوشحة متمايزة لكل منها نسب متناقصة، والغلاف الصخري يشكل 6.5 بالمئة من الحديد. وثبت للعلماء انّ كل الحديد في أرضنا بل في مجموعتنا الشمسية قد أنزل إلينا انزالاً، لذلك نرى هذه النقطة المبهرة (وانزلنا الحديد فيه بأس شديد) والذين اثبتوا ذلك غير مسلمين، واثبتوا انّ الطاقة اللازمة لتصنيع ذرة من ذرات الحديد تفوق أربع مرات الطاقة في مجموعتنا الشمسية، وقد من الله علينا بذلك ومن علينا بانزال القرآن والبينات والحديد. ويقول الأستاذ النجار شيئاً مذهلاً محيراً بشأن هذه الآية: عندما كنت القي محاضرة في جامعة هامبورغ حول هذه الآية حيث وضعت رقم الآية أمامي ورقم السورة وترجمتها، قام أحد أساتذة الكيمياء وقال لي يا سيدي هل حاولت أن تقارن بين رقم السورة ورقم الوزن الذري للحديد، ورقم الآية والعدد الذري للحديد، وقد سأل هذا السؤال بحكم تكوينه العلمي، فقلت له أنّ الأرقام منزلق خطير إذا دخل فيه الإنسان بغير دراساة قد يدمر ذاته، وعند عودتي إلى مصر وقد استغرقت الرحلة 22 ساعة لم أستطع أن أوأقاوم بتلك الرغبة فلجأت إلى مكتبتي وأتيت بكتاب الكيمياء العضوية وجدول العدد الذري للعناصر، فاذهلني أن أجد أن رقم السورة يساوي الوزن الذري وهو 57، والعدد الذري يساوي رقم الآية وهو 26.   - ملاحظة: المصاحف الموجودة لم تحتسب فيها آية البسملة آية من القرآن حسب التوجه السني وحتى المطبوعة في البلدان الشيعية بسبب المراعاة للوضع العام للمصاحف من اثارة الصراعات المذهبية، لكن الحقيقة هي أنّ البسملة على رأي مذهب أهل البيت عليهم السلام من أعظم آيات القرآن الكريم وهي آية في بداية كل سورة إلا سورة التوبة، وقضية العدد الذري للحديد تؤيد الرأى الحق، لأننا إذا لم نحتسب البسملة آية فإن رقم الحديد سيكون 25 وهو خلاف الحقيقة العلمية التي تؤيد الرأي السديد.   المصدر: مجلة الرياحين/ العدد 9

ارسال التعليق

Top