أما بعد فسألوا ربكم العافية وعليكم بالدعة والوقار والسكينة وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم وإياكم أن تزلقو ا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والاثم والعدوان ؛فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه الله ومما نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربكم من أن تزلفوا ألسنتكم به؛ فاٍن زلق اللسان فيما يكرهه الله وما نهى مرداة للعبد عند الله ومقت من الله وصم وعمي وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة فتصبروا كما قال الله تعالى (صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون) البقرة.18 يعني (لا ينطقون ؛ولا يؤذن لهم فيعتذرون) المرسلات 36.35. وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على الله والتضرع إليه والرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره ولا يبلغ كنهه احد.
فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار ؛من مات عليها ولم يتب إلى الله ولم ينزع عنها .
وعليكم بالدعاء فان المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل الدعاء والرغبة إليه والتضرع إلى الله والإمالة له.
فارغبوا ا فيما رغبكم الله فيه ؛وأجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه ؛ لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله .وإياكم أن تشره أنفسكم إلى شيء مما حرم الله عليكم فانه من انتهك ما حرم الله عليه ههنا في الدنيا ؛حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة ابد الآبدين واعلموا انه بأس الحظ لمن خاطر الله بترك طاعة الله ، وركوب معصيته فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم الجنة ، ولذاتها وكرامة أهلها ، ويل لاولئك ما أخيب حظهم واخسر كرتهم وأسوأ حالهم عند ربهم يوم القيامة استجيروا الله أن يجيركم أبدا وأن يبتليكم بما ابتلاهم به ولا قوة لنا ولكم إلا به ، فانه لا يتم الأمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم . وحتى تبتلوا بأنفسكم وأموالكم وحتى تسمعوا من أعداء الله اذا كثيرا فتصبروا وتعركوا وحتى استذلوكم ويبغضوكم حتى يحملوا عليكم الضيم فتحملوا منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة حتى تكظموا على الغيظ الشديد في الأذى في الله عز وجل يجترمونه إليكم حتى يكذبوكم بالحق ويعادوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم ومصداق ذلك كله في كتاب الله الذي انزله جبرئيل (عليه السلام ) على نبيكم (صلى الله عليه واله) سمعتم قول الله عز وجل لنبيكم (صلى الله عليه واله ) فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم ( الاحقاف 35) ثم قال تعالى ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا ( الإنعام 34) فقد كذب نبي الله والرسل من قبله وأوذوا مع التكذيب بالحق فان سركم أمر الله أتم لكم ما أتاكم من الخير واعلموا انه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ احد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس قد انزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهلا لا يسع أهل علم القرآن الذين أتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقاييس أغناكم الله عن ذلك بما أتاكم من علمه وخصهم به ووضعه عندهم كرامة من الله أكرمهم بها.وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين سألهم وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم . أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه والى جميع سبل الحق وهم الذين لا يرغب عنهم وعن ما سالتموه عن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم الا من سب عليه في علم الله الشقاء.وأكثروا من أن تدعوا الله فان الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه؛وقد وعد الله عباده المؤمنين بالاستجابة والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنة.
فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار فان الله أمر بكثرة الذكر له والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين .
واعلموا أن الله لم يذكره احد من عباده المؤمنين الا ذكره بخير فاعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته فان الله لايدرك شيء من الخير عنده الا بطاعته واجتناب محارمه التي حرم الله في ظاهر القرآن وباطنه فان الله تبارك وتعالى قال في كتابه وقوله الحق (وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) الانعام.120.
واعلموا أن ما أمر الله به أن تجتنبوه فقد حرمه.
واتبعوا اثار رسول الله (صلى الله عليه واله ) وسنته فخذوا بها ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلوا . فان أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله .وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم فان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم .وان اساتم فلها .وجاملوا الناس ولا تحملوهم على رقابكم تجمعوا مع ذلك طاعة ربكم .
وإياكم وسب أعداء الله حيث يسمعوكم فيسبوا الله عدوا بغير علم.
وقد ينبغي لكم أن تعملوا حد سبهم لله كيف هو.
انه من سب أولياء الله فقد انتهك سب الله ومن اظلم عند الله من استسب الله ولأولياء الله فمهلا مهلا فاتبعوا أمر الله ولاقوة إلا بالله.
عليكم بآثار رسول الله .صلى الله عليه واله. وسنته وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله ومن بعده وسنتهم فان من اخذ بذلك فقد اهتدى ومن ترك ذالك ورغب عنه ضل .لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم .وقد قال أبونا رسول الله .صلى الله عليه واله:
(المداومة على العمل في أتباع الآثار والسنن وان قل ارضى الله وانفع عنده في العافية.من الاجتهاد في البدع وأتباع الأهواء .الا أن أتباع الأهواء وأتباع البدع بغير هدى من الله ضلال وكل ضلالة بدعة.وكل بدعة في النار ولن ينال شيئا من الخير عند الله الا بطاعته والصبر والرضا من طاعة الله)
واعلموا انه لن يؤمن عبد من عبيده حتى يرضى عن الله فيما صنع الله اليه وصنع به على ما حب واكره ولن يصنع الله بمن صبر ورضى عن الله الا ما هو اهله وهو خير له مما احب وكره.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق