عمار كاظم
شهر رمضان كان هو الزمن الموعود لنزول الوحي والكتب السماوية المباركة على رُسل الله عزّوجلّ، فكان نزول الصحف المباركة على نبيّ الله إبراهيم (ع) في الثالث من شهر رمضان المبارك، و كلمة صحيفة، تطلق على كلّ شيء واسع كما يقال مثلاً صحيفة الوجه، ثمّ استعملوا هذه الكلمة على صفحات الكتاب. المراد من صُحف إبراهيم (ع) ما نزل عليه من كتاب سماوي. وصُحف إبراهيم (ع) هي الصُّحف التي أنزلها الله على نبيّه إبراهيم (ع)، وقد ذُكرت في القرآن الكريم في عدة أماكن وهي كالآتي: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة/136). (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (آل عمران/84). وأما الأماكن المبينة ففي سورة النجم (36-41)، حيث يقول الله تعالى :(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى* وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى* أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى* وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى* أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى* وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) إلى آخر السورة الكريمة. وفي سورة الأعلى، حيث قال سبحانه : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى* بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى* إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (الأعلى/14-19). عن أبي ذر عن النبيّ محمّد (ص) قال: "أنزل الله على إبراهيم (ع) عشرين صحيفة، قلت: يا رسول الله ما كانت صُحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالاً كلّها، وكان فيها: أيها الملك المبتلى المغرور، إنّي لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإنّي لا أردها وإن كانت من كافر. وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً، أن يكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه عزّوجلّ، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيما صنع الله عزّوجلّ إليه، وساعة يخلو فيها بخط نفسه من الحلال. فإنّ هذه الساعات عون لتلك الساعات، واستجمام للقلوب وتوريع لها. وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه، مقبلاً على شانه، حافظاً للسانه، فإنّ من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلّا فيما يعنيه، وعلى العاقل أن يكون طالباً لثلاث: مرة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو تلذذ في غير محرم. قلت يا رسول الله: فما كانت صحف موسى (ع)؟ قال: كانت عبراً كلّها، وفيها: عجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ ولمن أيقن بالنار لم يضحك؟ ولمن أيقن بالحساب لِمَ لا يعمل؟ قلت: يا رسول الله، هل في أيدينا مما أنزل الله عليك شيء مما كان في صُحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا أبا ذر اقرأ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى* بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى* إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (الأعلى/14-19)".
ارسال التعليق