• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مديحُ الرَّماد

أنس الفيلالي

مديحُ الرَّماد

 

(1) ضوءٌ ثقيلٌ يندلقُ كاللَّيلِ خانقًا طيفَه فِي سدولِ شدوهِ الدَّافئِ أَعراسًا منْ جمرةِ شَظايا الخيبةِ بِرؤيا العتمِ أَسدلَ وخزَ القشرةِ وسرَّحَ أَخيلتي الرَّعناءَ بالأَسودِ الشَّفافِ منْ ظمأٍ يَرمي رَبيعي فِي قبورِ الأَثيرِ بتراتيلَ قرمزيَّةٍ.   (2) هذَا السِّحرُ المرتابُ منْ جليدِ الصَّمتِ يشرحُ جراحَ الخلوِ وقبوِ الماءِ منْ أَرقةِ الأَوراقِ حفيفًا عنْ آخرهِ لكلِّ العابرينَ أَو الغرباءِ فِي الهمسِ نسيمًا ليلملمَ حوريَّةَ كفَّي منَ الضَّياعِ إِلى التَّشرُّدِ الَّذي يرقُبنا سباتًا.. سباتًا بنسيمِ الهواءِ الَّذي يخلخلُ العلامةَ والأُفقَ فِي أَحشاءِ الحجارةِ كلَّ نزيفٍ واحتراقٍ يعودُ أَصيلاً للأَشياءِ الباليةِ فأَصيرُ فِي صَدئي مسامَّ هَتكي المخمورِ منْ رمالٍ إِلى جحيمٍ مثلَ الدُّجى المترنِّحِ فِي القوام المشرَّد فِي الرِّيحِ كَ                  ا                ل                     رَّ                          م                              ا                                   دِ (3) مَا بينَ العتمةِ والضَّوءِ يطلُّ خريفُه وشاحًا مرصَّعًا بالغربةِ والمرارةِ ينبذُ غسقًا بِروحي نبيذُ المارَّةِ بأَصقاعِ الصَّوتِ السَّرمديِّ فِي البهاءِ وفِي الجدارِ المائلِ فِي الخفاءِ تولدُ الجمرةُ منْ نقطةِ الماءِ بالثَّبجِ الخصبِ علَى تخومِ النِّهايةِ لغوًا مسرجًا سلاسلَ منَ الوقتِ تنتظرُ كالغابةِ أَقفاصُ الأَجنحةِ.  (4)   المشهدُ القاتمُ المنهلُّ بالعتبةِ نشوةُ الفقراءِ حداهُ تشعُّ خيوطًا إِلى نطاقهِ الزَّائغِ.. شاحبٌ فِي تيههِ فِي وجهِ الهواءِ رنينًا يسقطُ الصَّقيعُ فوَّهةٌ كالثَّلجِ تجرجرُ معَها صدرُ النَّصلِ أَو تبيدُ.. تجيءُ منَ الفراغِ وأُنشودتُها الخاسرةُ تقتلعُ العطشَ بالوقتِ منْ مهبِّ الرُّدهاتِ وكلُّ خلوةٍ تهرمُ بعمقِ الصَّوتِ فِي نواحِ الضَّوءِ أَسجافًا وارفةً بأَروقتِها الوهَّاجةِ.  (5) الفقراءُ القَتلى الَّذين مرُّوا بالحبلِ علَى طينٍ وعتابةٍ يحملونُ المدارَ البعيدَ فِي همسةِ الفخاخِ نحوَ رصاصٍ فاتحٍ ينتظرُ الهاويةَ فِي لوعةِ الخسارةِ فطويتُ البابَ قليلاً منْ حدَّةِ الدُّوارِ أَو النُّزولِ رغيفًا زهرًا لأَتقمَّص الظلَّ ولادةً طاعنةً   (6) الأَصدافُ الشَّاحبةُ ذاتُ الحمَّى اللَّيلكيةِ رخامُ الرِّيحِ بجحيمِ الصَّاعقةِ تأَبَّطتُ وجهة المختمر أسلحة ناصية فِي صورةِ نَفسي خلجان دمائه بعدَ الزّيفِ الأَوَّل بالخطوِ المبرحِ تحتَ الرَّحيقِ                 المسفوحِ زمرة الصَّخر المستبد وأمضي محوًا بالحرقةِ بينَ الكائناتِ النَّاريَّةِ حتَّى أَقبرَ الأَشياءَ رمادًا              لاَ ماءً..  (7) كلُّ الأَنفاسِ الخاملةِ بحطامهِ تطلقُ الرَّصاصَ بالرَّمادِ فِي أُبَّهة الجراحِ مَا بينَ الحكايَا والحكايَا بعيونِ العبورِ يورقُ الأَنين بنورِ الرَّشقِ وصخبِ الدَّمارِ وصقيعِ خمرتهِ حتَّى يغزلَ سديمَ الدَّمِ  نُجيمتي ويكشفَ اللَّيلُ عنْ فَجيعتي فِي استدارةِ مجهولةٍ وقبوٍ منفوخٍ تفرشُ الحدائقُ غيمةً بصَلاتي أُمومةَ المارِّينَ بعيدًا عنْ شَظايا الخريفِ هكذَا أَنبذُ القادمينَ فِي اللَّغوِ فِي العَراءِ.  (8) سُنونو يرتجفُ صخبًا منْ حدَّةِ الموتِ تَروي الملائكةُ ظلالاً ويغزلُ الوجعُ سهادًا أَسودَ فِي مقبرةِ الجرذانِ وفِي المناديل المجففة بالرعب رنينًا كالفداحةِ يَرنو فِي الهتكِ الأَوَّلِ بريحِ بَسملتي..  (9) شعبًا منَ الفَوضى يتكاثرُ أَكفانًا.. أَكفانًا إِذ ينفجرُ كالقتلِ تحتَ دمعِ المسافاتِ علَى مرِّ الحالاتِ الميكانيكيَّةِ منْ صمتٍ إِلى صمتٍ تبوحُ الأَعضاءُ بهزيعِها: إِنَّا نركبُ الأَخطاءَ فخاخُ الغبارِ كالموجِ خوفٌ لاَ يبيدُ السَّكينةَ منَ الخديعةِ يقتلُ الكلامُ نزفًا بَيننا بَقايا الحصارِ الحابلِ مثلَ الفراقِ.. (10) هيَ فِي الفقدِ شمعةٌ فِي اصفرارِ الأَسودِ بخريفِ الرَّملِ وصحوةِ العتمةِ علَى أَطيافِ الأَجسادِ المطرَّزةِ بالمغيبِ والغبارِ منْ حدَّةِ الإِشراقِ..  (11) العزلةُ جسمٌ نابضٌ بالموتِ والوقتِ والدَّمارِ ينفخُ أَجنحتَهُ كالأَفلاكِ وعابرُ التَّراتيلِ كوخزِ النَّار المشرعِ بصفاءِ الضَّبابِ الغاضبِ رصاصًا سرمديًّا كفَّنوهُ بالضِّباعِ تحتَ بهاءِ الطُّوفانِ ومتاهاتِ الانكسارِ..   (12) يَا هالكًا فِي الرَّغبةِ يَا حالمًا بالسَّطوِ يَا مرتجلاً فِي المحنِ هلْ يشقُّ الحضيضُ زرقتَهُ حدسًا للعفنِ؟ (13) وَحدها الرِّيحُ تجيءُ منَ اللَّيلِ لاَ عقاربُ الوقتِ ليكونَ الموتُ رجفةً ولتكونَ المقابرُ دمًا                    بعطشِ الفقراءِ                   بينَ                           الرِّيحِ                                    والنَّهارِ.     

ارسال التعليق

Top