◄تتسم صحافة الإنترنت بالحماسة ووحدة المواجهة لكن أسلوبها واستمرار دورتها الإخبارية على مدار الساعة يطرحان تساؤلات حول كيفية تمكن صحافة الإنترنت من تقديم تقارير إخبارية تنسجم مع أعلى معايير الصحافة قاطبة.
وتجهد مؤسسات الأخبار الرئيسة لتتمكن من تطبيق معايير إخبارية تقليدية قديمة العهد على الإنترنت، لكنها تكتشف أن ليس من السهل نقل فضائل الدقة والتوازن والوضوح إلى وسيلة تقوم على أساس الإيصال السريع للأخبار، وفي الوقت نفسه حدوثها، وعززت تقنيات الإنترنت عمل الصحفيين من خلال تزويدهم بأساليب فعّالة لسبر المعلومات بعمق أكبر وتأتي القدرة على التدقيق في الوثائق وجمع المعلومات ومضمونها التأريخي وتحديد المصادر الموثوق بها من خلال تعدد الأدوات المتوفرة للصحفي، كما أنّها أدخلت ثقافة مختلفة بأساسها تقوم على التفاعل المتبادل وعلى عدد أقل من القواعد والقيود.
لقد كانت سرعة إيصال الخبر وفي الوقت المناسب مصدر قوة الصحافة التقليدية وقامت سمعة وكالات الأنباء على كونها أوّل من يبث الأخبار الساخنة التي يجدها الناس منشورة في صحفهم المحلية، وخطف البث المباشر للتلفزيون هذه الميزة من الصحافة المطبوعة والآن أكّدت الإنترنت محاسنها في سرعة إيصال الخبر في الوقت المناسب.
ولهذا مكنت الإنترنت الصحف من العودة في عملها إلى نشر الأخبار الفورية وتوسيع نطاق منشوراتها المعروفة باسمها من خلال تجديدات مبتكرة مثل إصدار نشرات إخبارية بعد الظهر مباشرة على صفحاتها عبر الإنترنت.
وعند مفترق الطرق بين الصحافة التقليدية وصحافة الإنترنت تصطدم محاولات تطبيق المعايير التقليدية لتحرير الأخبار مع معطيات أخرى كالحرية، وعدم التورع عن كشف المحظور، وحمل لواء قضايا معينة واتخاذ مواقف واضحة، وفي الولايات المتحدة يؤكد صحفيو الإنترنت أنّ اللهجة الجدية للصحافة التقليدية لا تفيد على الإنترنت، ويعدون وسيلتهم الجديدة معبرة عن الروح الحقيقية للدستور الأمريكي الذي ضمن حريات الكلام والنشر والتجمع، ويلاحظ صحفيو الإنترنت أنّ وسيلتهم الجديدة تعيد إلى الذاكرة زمناً كانت فيه أخبار الصحف تتسم بالحماسة والمواجهة المثالية فتصف (آن كومبتون) من شبكة أي بي سي التلفزيونية الاختلاف الأساس بين موظفيها العاملين على الإنترنت والصحفيين العاملين في شبكات التلفزيون فتقول: نكتب بأسلوب أكثر إشراقاً ونستعمل كلمات عامية (أكثر من غيرنا) وتتميز أخبار الإنترنت بغنى في التعبير لا يمكنك تحقيقه في الإرسال التلفزيوني، كما يمكن إجراء مقارنات مماثلة بين صحافة الإنترنت والصحف اليومية ولكن هل يتناسب مثل هذا (الغنى) مع معايير العمل الصحفي الصارم؟ وهل بإمكان طبيعة صحافة الإنترنت أن تتوافق مع ثقافة تشكلت تقاليدها من خلال وسيلة إخبارية أكثر رصانة؟►
المصدر: كتاب دراسات في الإعلام الإلكتروني
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق