◄إنّ من لوازم الإيمان محبّة الله -عزّ وجلّ- ومحبّة رسوله وعباده المؤمنين، وبالمقابل يجب على العبد المسلم بغض أعداء الله سبحانه، فأنّ الحبّ في الله والبغض في الله من أوثق عُرى الإيمان، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة، آية (24): (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ). يتوعد الله سبحانه في هذه الآية الكريمة أنّ مَن يُقدّم حبّ أهله وماله وعشيرته وأعماله على حبّ الله ورسوله بأمر لا يُحمد عقباه، ومن المعلوم أنّ محبّة رسول الله (ص) تابعة لمحبّة الله -عزّ وجلّ- ومقرونة بها، لذلك يجب أن نقدم محبّة الله سبحانه وتعالى على كلّ شيء، حتى أنفسنا التي بين جنبينا، فلا حبّ يعلو على حبّ الله سبحانه وتعالى، ويخبرنا النبيّ (ص) أهمية حبّ الله وحبّه، حيث جعل صلوت الله وسلامه عليه محبّة الله ورسوله من علامات الشعور بحلاوة الإيمان في قلوب المؤمنين، يقول النبيّ (ص): "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما.."، فمعنى حلاوة الإيمان هنا: التلذذ بطاعة الله سبحانه وتعالى، وتحمّل المشقات في سبيل ذلك، وإيثار الطاعة على مُتع الدنيا، لأنّ محبّة العبد المسلم لله تكون بفعل الطاعة وترك المعصية.
محبّة الله فرض لازم على المؤمن أن يحبّ الله سبحانه وتعالى ومحبّة طاعته، وكره معصيته، وكذلك محبّة الرسول (ص) بتباع أمره، واجتناب ما نهي عنه، وعندما يتلقّى العبد المؤمن دين الله سبحانه بالرضى، ومحبّة الأنبياء، وبغض الكفار والفجار، يكون إيمانه قد تم. لهذا كان البغض في الله والحبّ في الله من أصول الإيمان، حيث قال الرسول (ص): "مَن أعطى لله ومنع لله وأحبّ لله وأبغض لله فقد استكمل إيمانه"، فلابدّ للعبد المسلم من إيثار محبة الله، وأن تصعد محبة الله في قلبه فوق كلّ حبّ، وكذلك على العبد المسلم أن يحبّ ما يحبّ الله، ويبغض ما يبغضه، وأن يوالي في الله ويعادي في الله، ويتبع الرسول (ص)، وبذلك يتحصّل معنى الحبّ الحقيقي والذي يعني كمال الإيمان كما قال (ص).
الطرق التي تؤدي بنا إلى محبة الله ورضاه:
· على العبد المسلم معرفة نعم الله سبحانه على الإنسان المسلم التي لا يمكن عدها وإحصائها، النفس البشرية مجبولة على محبّة مَن يعطيها ومَن يحسن إليها ويكرمها، هذا الحبّ من قبيل شكر النعم.
· أن يتعرّف العبد المسلم على أسماء الله سبحانه الحُسنى وصفاته العليا، ويتعرّف على أفعاله العظيمة، لأنّ الذي يعرف الله وعظيم أفعاله يحبه، وأنّ مَن يطع الله سبحانه يكرمه الله، وإذا أكرم الله عبد يدخله جنته، ويسكنه في جواره.
· وأن التفكير في ملكوت الله سبحانه وتعالى وما خلق من سماوات وأرض والتفكّر ونجوم والفضاء الهائل الذي يسبح فيه الكواكب والأجرام السماوية الأخرى، وكذلك التفكّر في آيات القرآن العظيم الذي يدل على عظمة الخالق وقدرته ورحمته وغفرانه وسلطانه وسعة ملكه.
· وكلما تعرّف العبد المسلم على عظمة خالقه وزادت معرفته له، زاد مقدار حبّه في قلبه وظهر ذلك على جوارحه من أعمال صالحة.
· ومن الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بمحبّة الله سبحانه وتعالى، أن نتعامل مع الله بإخلاص وصدق السريرة، وأن نخالف هوانا، لأنّ ذلك يؤدي إلى تفضل الله علينا بكرمه ورحمته ، بل محبّة الله لنا.
· وكذلك فإنّ كثرة ذكر الله سبحانه وتعالى تستجلب محبّته، فإنّ الذي يحب أحد يكثر من ذكره في السرّ والعلانية، فكيف بذكر الله والتي بها تطمئن القلوب، وتخشع الأنفس، وتجلب الطمأنينة للنفس، وبها يرضى الله عنا.
· أن نُكثر من قراءة القرآن الكريم، وأن نتفكر بآيات الله، وبالأخص الآيات التي تحتوي على أسمائه وصفاته وأفعاله العظيمة الباهرة، فكلّ ذلك يؤدي إلى التقرّب من الله وحبه في السرّ والعلن، ويحصل بذلك على محبّة ربّ العالمين جلّ شأنه.
· وعندما نستذكر ما جاء في القرآن والسنة النبوية من رؤية أهل الجنة لخالقهم، وزيارته لهم وغيرها من الأمور الرائعة، تحرّك في الشخص الحبّ، وتدفعه إلى الاجتهاد في التقرّب من الله والتعبّد بفعل الطاعة واجتناب المعصية.
· وكذلك كما أوردنا في مقدمة هذا الموضوع، من أنّ تقرّب العبد من ربّه بفعل الفروض والنوافل بكثرة، هي سبب في حبّ الله له، بل وتقرّب الله منه!.
· أن نؤثر محبّة الله على كلّ محبة، حتى حبّنا لنفسنا، وكذلك إيثار محبّة الله عند غلبة الهوى، والمطامع.
· عندما ينكسر عبد القلب بين يدي خالقه، فالمحبّة هي التي دفعت العبد المسلم لانكسار القلب، ومناجاة الخالق.
· خلوة العبد المسلم بالله سبحانه في الثلث الأخير من الليل، تعتبر نتاج المحبّة الصادقة المخلصة لله، فما الذي أشغل بال العبد المسلم في آخر الليل، إنّها فرصة الاختلاء بالله جل في علاه ومناجاته والتقرّب إليه، إنّها لمحبّة عظيمة تلك التي تجعل العبد المسلم ينتظر وبشوق هذا الوقت ليختلي بحبيبه.
· أنّ في مجالسة الأخيار الصالحين طيبي النفس، والاستماع إلى كلامهم، فيه الخير الكثير، به يتعرّف العبد المسلم على خالقه ويزداد علماً ومعرفة وحبّاً وشوقاً لله.
· الالتزام بطاعة الله، والجهاد في سبيله هي من ثمار حبّ الله سبحانه وتعالى وحبّ رسوله. ►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق