• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حلول طبيعية لمشكلات النوم

حلول طبيعية لمشكلات النوم

فوائد النوم الكافي لا تقتصر على تبديد تعبنا، وتزويدنا بالطاقة، وتحسين مزاجنا. فالنوم الجيِّد ركن أساسي في نمط الحياة الصحي، وفوائده كثيرة جدّاً، منها تخفيف التوتر، تعزيز القدرة على التركيز، تحسين صحة القلب والجهاز المناعي، وتفادي البدانة.

نظرياً، يمكن القول إنّ شروط التمتع بليلة نوم جيِّدة، واضحة وبسيطة، إذ يكفي أن نخلد إلى السرير ونستيقظ في الوقت نفسه كلّ يوم، ونمارس الرياضة بانتظام، ونتحاشى الكافيين في المساء، ونتفادى مشاهدة التلفزيون في غرفة النوم. وبالفعل أظهرت العديد من الدراسات أن تطبيق هذه النصائح يساعد الملايين على التمتع بما يتراوح بين 7 و9 ساعات من الراحة التي يحتاج إليها الدماغ والجسم حاجة ماسة.

لكن إلى جانب هؤلاء الملايين هناك أعداد مماثلة تعاني مشكلات في الخلود إلى النوم، على الرغم من تطبيق هذه النصائح. والواقع، أن هؤلاء قد يستفيدون من نصائح إضافية مثل تلك، التي يقدمها المتخصص الأميركي في علم النفس العيادي البروفيسور مايكل بروس. ونستعرض في ما يلي عدداً من هذه النصائح، إضافةً إلى أخرى يقدمها المتخصصون في مكافحة الأرق لعلاج مشكلات النوم الرئيسية التالية:

 

1-    صعوبة الخلود إلى النوم:

الأشخاص الذين يعانون المشكلة يستلقون في السرير وقتاً طويلاً ويفشلون في الخلود إلى النوم بسبب تسارع الأفكار في أذهانهم، وتنتابهم مشاعر القلق والتوتر بشأن أمور حياتهم المختلفة مثل العمل، المستقبل والعائلة. ويشير بروس إلى أن 75 في المئة من مرضاه يقولون إنهم يفشلون في إسكات أدمغتهم ليلاً. والواقع أنّ هذا ليس أمراً مستغرباً، خاصةً لدى أولئك الذين لا يتوقفون عن إرسال الرسائل الإلكترونية، وعن التفكير في الأعمال التي يتوجب عليهم القيام بها، حتى بعد أن تلامس رؤوسهم الوسادة. وتقول المتخصصة الأسترالية في مشكلات النوم الدكتورة دلوين بارتليت، إنّه من الطبيعي تماماً أن تستغرق عملية الخلود إلى النوم بين ربع ونصف ساعة بعد استلقائنا في السرير. أما إذا كانت تستغرق أكثر من نصف ساعة، ويتكرر ذلك 3 مرات في الأسبوع، على امتداد أربعة أسابيع، فيمكننا القول إننا نعاني أرقاً مزمناً. وتقول إنّ سبب عدم قدرتنا على الخلود إلى النوم بسرعة، يرتبط غالباً بعادة التفكير في السرير التي يتبناها الكثيرون، من دون أن يدركوا تأثيراتها السلبية في نوعية نومهم.

·       الحلول: تنصح المتخصصة الأميركية في مشاكل النوم، البروفيسورة سونيا إنكولي، مديرة مركز جيلين لأبحاث النوم في "جامعة كاليفورينا"، بالسيطرة على القلق والتحكم فيه عن طريق تخصيص وقت محدد له. فيمكننا أن نخصص ربع ساعة، في الوقت نفسه يومياً، شرط ألا يكون قريباً جدّاً من موعد النوم، لمعالجة المسائل التي يمكن أن تشغل تفكيرنا ليلاً (ماذا تبقَّى من أعمال تجديد المطبخ؟ هل دفعنا الفواتير كلها؟ هل استعدت ابنتنا بشكل كافٍ للامتحانات الفصلية؟). وتقول إن قيامنا بذلك يعوّد دماغنا على التفكير في مثل هذه المسائل في وقت بعيد عن موعد النوم. وتشير إلى أن 80 في المئة من الأشخاص الذين جربوا هذه الطريقة أكدوا أنها ناجحة. ويمكننا عند الخلود إلى النوم اللجوء إلى ممارسة تقنيات التشتيت الذهني، مثل العد رجوعاً من 300 إلى الصفر، فمن شأن ذلك أن يلهي ذهننا عن المشكلات التي تؤرقه، ويسهل خلودنا إلى النوم. ومن جهتها تؤكد بارتليت، أنّ الأشخاص الذين ينامون جيِّداً هم أولئك الذين يسمحون للنوم بالحدوث، ولا يتوجهون إلى السرير ويبدأون في التفكير والقلق. وهي تنصح بتدوين كل الأمور التي يتوجب علينا إنجازها في اليوم التالي على لائحة خاصة قبل الخلود إلى النوم. فالتدوين يُخرج من ذهننا كل ما يمكن أن يُثير قلقنا، ويساعدنا على الراحة بعد إخراج مشاكل النهار من رأسنا.

ويمكن لصعوبة الخلود إلى النوم أن تكون مرتبطة أيضاً بمشكلات في إيقاعات الجسم البيولوجية. ويقول الدكتور وليام كوهلير، المدير الطبي لمؤسسة فلوريدا للنوم، إنّ الإيقاعات البيولوجية ترتبط وتعتمد على الضوء الطبيعي في الصباح. فإذا كنّا لا نحصل على قدرٍ كافٍ من هذا الضوء، فإن ذلك سيحول دون إحساسنا بالتعب في وقت متأخر. وللمساعدة على إعادة تنظيم هذه الإيقاعات البيولوجية، علينا أن نعرّض أنفسنا لضوء النهار بشكلٍ كافٍ في فترة قبل الظهر.

 

2-    عدم القدرة على النوم بشكل متواصل:

كثيرون منّا لا يجدون صعوبة في الخلود إلى النوم مساء، لكنهم يستيقظون في الساعة الثانية أو الثالثة بعد منتصف الليل ويفشلون في العودة إلى النوم من جديد. وكان بروس قد أطلق على هذا النوع من الأرق اسم "أرق الأُمّهات" في إشارةً إلى الأرق الذي يصيب الأُمّهات اللواتي يُوقظهن أطفالهنّ الرضّع مرّات عديدة ليلاً. وهو يستخدم التسمية نفسها، ليصف الأرق الذي تسببه عوامل خارجية مُخلّة بالنوم، مثل ارتفاع درجة الحرارة في الغرفة. كذلك، فإنّ الاستيقاظ في منتصف الليل يمكن أن تسببه أمور أخرى، مثل نوعية وكمية الطعام والشراب التي تناولناها، أو تناول بعض الأدوية، أو أسباب طبية أو التوتر.

·       الحلول: لابدّ من الإشارة إلى أنّه من الطبيعي أن نستيقظ خلال الليل، خاصة بين مراحل النوم العميق. وهنا، لا يجب أن نقلق إذا انفتحت أعيننا في الليل، فالقلق سيحول دون دخولنا في النوم من جديد، لأنّه يخلق لدينا المزيد من النشاط الذهني. وعوضاً عن القلق، ينصحنا الخبراء باللجوء إلى استراتيجية سهلة، تتمثل في التفكير في جزء من جسمنا، مثل ذراعنا اليسرى، ونركّز عليها وعلى نوعية إحساسنا فيها، هل هي أسخن أو أبرد من الذراع اليمنى؟ ما مدى ثقل اللحاف عليها؟ أي إصبع فيها أكثر استرخاء من الأخرى؟ ولا يجب أن نتخذ أي خطوة بشأن ذلك، بل نكتفي بجعل هذه الأفكار حولها تمر بذهننا. ويؤكد الخبراء، أن شَغل الذهن بهذه الطريقة تُهدئه وتساعدنا على الخلود إلى النوم.

من جهتها تقول بارتليت، إنّه من الطبيعي جدّاً أن نستيقظ بين 3 و4 مرات في الليل. والاستيقاظ في حد ذاته ليس المشكلة، بل تظهر المشكلة عندما نبدأ في التفكير والقلق. وهي تنصحنا عندما نلاحظ أنّ الأفكار بدأت تتسارع في ذهننا بأن ننهض من السرير، ونجلس على أرض غرفة النوم في الظلام، من دون القيام بأي شيء. وتقول إن ذلك قد يساعد على تهدئة الذهن، ، لكن الهدف الرئيسي منه فهو أن نُصاب بالسأم وبالانزعاج من الجلوس غير المريح على الأرض، ويصبح النوم في السرير خياراً أفضل بكثير.

من جهة ثانية، يقول بروس إنّ النوم المثالي لمدة 8 ساعات هو مجرد أسطورة. والسؤال الذي يجب أن نطرحه هنا هو: هل نحصل على نومٍ كافٍ لنا؟ صحيح أنّ البالغ يحتاج إلى ما يتراوح بين 7 و9 ساعات من النوم، لكن هذا ليس إلا المتوسط الشائع، فإذا كنّا نستيقظ مرتاحين ونُبلي بلاءً حسناً خلال النهار بعد النوم، لعدد أقل من الساعات ليلاً (من دون أن نحتاج إلى الكثير من القهوة لتزوّدنا بالطاقة) فالأرجح أننا نحتاج إلى ساعات أقل من هذا المتوسط.

أما إذا كنّا لا نشعر بالراحة عند الاستيقاظ، فعلينا أن نراقب ما يحصل عندما نستيقظ ليلاً. وهنا يشير بروس إلى ضرورة تفادي القيام بأعمال تخدع جسمنا وتجعله يعتقد أن وقت الاستيقاظ قد حان، مثل التحديق إلى الساعة المنبّهة، أو إشعال ضوء الغرفة، أو إرسال بريد إلكتروني. وإذا كانت حالات الاستيقاظ تتزامن مع أصوات أو حوادث معيّنة (مثل صوت انطلاق أو توقف جهاز التكييف أو التدفئة، أو بزوغ الشمس) علينا إبطال مفعولها عن طريق تشغيل جهاز يصدر ضجة خفيفة خلفيّة مثل المروحة، فمن شأن ذلك أن يخفف من حدة الفرق بين الأصوات الخلفيّة والضجة المفاجئة غير المنتظمة التي تُوقظنا. كذلك، فإن تركيب ستائر عازلة تماماً للضوء في غرفة النوم، يحول دون استيقاظنا بسبب الأضواء الخارجية.

يُمكن أيضاً أن نستيقظ مرات عديدة أثناء الليل، لأننا نشرب الكثير من السوائل في الفترة المسائية، ما يدفعنا إلى الاستيقاظ مرّات عديدة لدخول الحمّام. كما يمكن أن تكون التشنّجات العضليّة سبباً آخر يوقظنا ليلاً، وعلاج هذه التشنجات سهل. ويُلاحظ الأطباء، أنّ عدداً كبيراً من النساء يشكون من حالات الاستيقاظ ليلاً، بسبب الانخفاض الشديد لديهنّ في مستويات هُرمون الـ"بروجيسترون". وغالباً ما تتم معالجة هذه المسألة عن طريق وصفة يكتبها الطبيب.

أمّا الأشخاص الذين يستيقظون في وقت مبكر جدّاً صباحاً، أي قبل ساعتين تقريباً من الموعد الذي يجب أن يستيقظوا فيه، ويشعرون بنشاط على الرغم من ذلك، فليس عليهم أن ينزعجوا، فالأرجح أنهم قد نالوا القسط الذي يحتاجون إليه من النوم. وعليهم أن ينهضوا من السرير ويستمتعوا بالقيام بنشاط ممتع ويستفيدوا من هذا الوقت الإضافي، خاصة إذا كانوا لا يشعرون بأي تعب مع حلول الساعة 11 صباحاً، فهذا يؤكد أنهم لا يحتاجون إلى النوم لفترة أطول.

 

3-    الإحساس بالتعب حتى بعد ليلة كاملة من النوم:

ترتبط هذه المشكلة عادةً بمُعاناة الفرد مشكلة انقطاع التنفس أثناء النوم، وهي اضطراب يَتمثَّل في استرخاء عضلات الحنجرة والتصاق جدران مجاري التنفس ببعضها أو انسدادها باللسان. ويتوقف النائم بسبب ذلك عن التنفس لمدة 10 ثوانٍ أو أكثر، وذلك لمئات المرات في الليلة الواحدة.

ويقول الأطباء إنّ مشكلة انقطاع التنفس أثناء النوم تزيد من خطر إصابتنا بمرض القلب والسكري والدوخة أثناء النهار.

·       الحلول: ينصح الخبراء بمراقبة كلّ ما نقوم به خلال النهار الذي يسبق استيقاظنا مَتْعَبين. فيمكن أن نلاحظ مثلاً أننا ننام بشكل متقلب بعد مشاهدة أفلام رعب مساءً، وأننا نستيقظ مرتاحين بعد ممارستنا رياضة ركوب الدراجة خلال النهار. وكانت دراسة نشرتها "مجلة مؤسسة النوم الوطنية الأميركية" مؤخراً، قد أظهرت أنّ الأشخاص الذين يمارسون الرياضة حتى لمدة 10 دقائق فقط في اليوم، يتمتعون بنوعية أفضل من النوم، مُقارنةً بأولئك الذين لا يمارسون الرياضة أبداً. وفي غياب العوامل الخارجية التي يمكن أن تسبب استيقاظنا مُتعَبين صباحاً، وإذا كنا نشخّر، أو نستيقظ ونحنُ نعاني آلاماً في الرأس، أو جفافاً في الفم، فيمكن أن نكون نعاني انقطاع التنفس أثناء النوم. ويمكن علاج هذه الحالة بشكل بسيط، عن طريق رفع القسم العلوي من السرير 5 سنتيمترات، أو النوم على أحد الجانبين عوضاً عن النوم على الظهر. كما توجد حلول أخرى، مثل استخدام قناع أوكسجين، أو استخدام جهاز خاص في الفم يُساعد على إعادة تَمَوضع الفكين واللسان، بحيث تبقى مجاري التنفس مفتوحة. كذلك، فإنّ التخلص من الوزن الزائد يساعد أيضاً على تفادي هذه المشكلة.

ويقدم الخبراء نصائح بسيطة أخرى تساعد على تسهيل النوم على الجميع ومنها:

-          اعتماد نظام غذائي جيِّد: النظام الغذائي السيئ، يؤدي إلى نوم سيِّئ، هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة أجريت في "جامعة بنسلفانيا" الأميركية. فقد تَبيَّن أنّ الأشخاص الذي يتمتعون بأفضل نوعية نوم، يعتمدون نظاماً غذائياً متنوعاً. أمّا أبرز العناصر المغذية، التي وجد الخبراء أنها تلعب دوراً مهمّاً في تنظيم النوم، فهي أوّلاً: الليكوبين، وهو مضاد أكسدة مُتوافر في الطماطم، البابايا، الجريب فروت والبطيخ الأحمر. ثانياً: السيلينيوم، وهو موجود في الأسماك مثل التونة والقد، وأصداف البحر، والشعير ولحم الديك الرومي والمكسرات. ثالثاً: الفيتامين (C)، وأفضل مصادره الفراولة، الكيوي، الأناناس، الحمضيات، البروكولي، الفلفل. رابعاً: الكربوهيدرات، وكانت دراسة نشرتها "مجلة التغذية العيادية" قد أظهرت أن تناول الكربوهيدرات سهلة الهضم، مثل رقائق الحبوب، الأرز، البطاطا، والخبز الأبيض، قبل أربع ساعات من موعد النوم يساعد على تسهيل عملية الخلود إلى النوم.

-          أخذ القيلولة المناسبة: يمكن للقيلولة أن تُزوّدنا بدفعة جيدة من الطاقة. أما سر الاستيقاظ من القيلولة من دون الإحساس بالترنُّح، فهو ضبط المنبّه بحيث نستيقظ بعد ربع أو ثلث ساعة، أي أن ننام ما يكفي من الوقت لعبور المرحلتين الأولى والثانية من النوم. أما بعد ذلك، فيُمكن أن ندخل في المرحلتين الثالثة والرابعة من النوم الأعمق، الذي يصعب على الجسم الاستيقاظ منه بسهولة. وللحصول على دفعة أكبر من الطاقة، يمكننا أن نشرب فنجاناً من القهوة قبل أخذ القيلولة مباشرة. فقد أظهر البحّاثة الأميركيون، أنّ الكافيين يبدأ في تنشيط أجهزة الجسم في الوقت الذي نستيقظ فيه من القيلولة، ما يمنحنا قدراً أكبر من الطاقة التي كانت القيلولة ستمدّنا بها بمفردها.

ارسال التعليق

Top