• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مثيرات الخوف عند الطفل

مثيرات الخوف عند الطفل

مخاوف طفلك قد ترجع لأسباب حقيقية أو خيالية المهم ألا تواجهوها بالمبالغة أو السخرية أو القمع.

الخوف.. حالة انفعالية يحسها  كلّ إنسان، بلكل حي. وكلّ خبرة وجدانية مخيفة يصادفها الإنسان في طفولته قد يستعيدها – لا شعورياً – في كبره، وقد يسقط مشاعره على المواقف والخبرات المشابهة فيخاف منها.

هناك شبه إجماع بين علماء النفس على أنّ الأصوات العالية الفجائية أهم المثيرات الأولى للخوف في الطفولة المبكرة. وبتقدم نمو الطفل تزداد مثيرات الخوف عنده. ففي عمر الثانية حتى الخامسة يفزع الطفل من الأماكن الغريبة، ومن الوقوع من مكان مرتفع، ومن الغرباء، ويخاف الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف تكرار الخبرات المؤلمة التي مرّ بها كالعلاج الطبي، أو عملية جراحية، كما يخاف مما يخاف منه الكبار حوله؛ لأنّه يقلدهم. ويظهر انفعال الخوف عند الطفل في صورة فزع يبدو على وجهه، وقد يكون مصحوباً بالصراخ، ثمّ يتطور إلى الهرب المصحوب برعشة، وتغيّرات في خلجات الوجه، وكلام متقطع.

 

واجهي مخاوف صغيرك:

·      أشبعي حاجة طفلك من الدفء العاطفي والمحبة؛ ليشعر بالأمن والطمأنينة، وامزجي ذلك بدرجة معقولة ومرنة من الحزم.

·      إن صادف طفلك ما يخيفه أو يزعجه فلا تساعديه على نسيانه، فالنسيان يدفن المخاوف في النفس، ثمّ يصبح مصدراً للقلق والاضطراب، ولكن أوضحي الأمور لطفلك، وأشبعي فضوله، وطمئنيه دون أن تخدعيه.

·      نمّي روح الاستقلال والاعتماد على النفس في طفلك كلما أمكن.

·      وفري له المحيط العائلي الهادئ الذي يشبع حاجاته النفسية؛ لأن الاضطراب العائلي يزعزع ثقة الطفل بنفسه.

·      احرصي على أن يكون سلوك المحيطين بطفلك متزناً، خالياً من الهلع والفزع في أي موقف من المواقف، خصوصاً إذا مرض الطفل أو أصابه مكروه.

·      ساعديه على مواجهة المواقف التي ارتبطت في ذهنه بانفعال الخوف، كالخوف من القطط، أو الكلاب، أو الماء بتشجيعه – دون زجره أو نقده – ليقبل عليها.

·      قدمي له الحقائق وأكّدي له أنّه لا خطورة في الموقف إلى أن يقتنع، ويسلك السلوك السوي بدافع من نفسه واعتماداً على ثقته بالأب والأُم، ومن حوله من الأهل.

·      استعملي الخوف البناء في تغذية إيمان طفلك بالله، وتنمية شخصيته، وتعويده احترام النظام.

·      أبعدي طفلك عن مثيرات الخوف، كالمآتم، والقصص المخيفة، عن الغولة والجن والعفاريت.

·      شجِّعي طفلك على اكتساب الخبرة والممارسة والتجريب في القيام بالخبرات السارة غير المخيفة، حتى يعتاد التعامل مع مواقف الحياة ولا يهابها أو يخاف منها.

·      لا تبالغي في خوفك على طفلك، أو تنتقديه بشدة أو تسخري منه.

ويمكننا الحكم على درجة خوف الطفل بمقارنة مخاوفه بمخاوف أغلب الأطفال في سنه. فالطفل في الثالثة من عمره إذا خاف من الظلام، وطلب أن نضيء له المكان فربّم ا كان ذلك في حدود الخوف المعقول. أما إذا أبدى فزعاً شديداً من الظلام، وفقد اتزانه فلا شكّ أن خوفه مبالغ فيه. إنّ الخوف الطبيعي المعقول مفيد لسلامة الفرد أيّاً كانت سنه، أما الخوف المبالغ فيه فهو يضر بشخصية الفرد وسلوكه.

 

لا يخافون:

انعدام الخوف في طفل ما قد يكون نادراً للغاية، وهو يرجع عادة إلى قلة الإدراك كما هو الحال في ضعاف العقول الذين لا يدركون مواقف الخطر أو الضرر. فقد يمسك البالغ ضعيف العقل ثعباناً، أو يضع يده في مكان يصيبه بضرر لعدم تقديره لخطورة مثل هذه المواقف.

كما أنّ الطفل الصغير – رغم ذكائه – قد يقدم على الثعبان ظناً منه أنه لعبة يمكنه أن يتسلى بها، غير مدرك الضرر الذي قد يلحقه منه. لكن هذا الطفل يستجيب بانفعال الخوف للمواقف نفسها في سن الخامسة أو السادسة.

كثير من الآباء والأُمّهات يستنكف أن يشعر أبناؤهم بالخوف خشية أن يشبوا على هذه العادة. مثل هؤلاء الوالدين – غير الواقعيين – ينظرون إلى مخاوف الأطفال كأنها قصور في إدراك الطفل، وبذلك يقمعون انفعالات الخوف التي تظهر على أبنائهم اعتقاداً منهم أن ذلك كفيل باستئصالها.

إنّ هذا الأسلوب يزيد مخاوف الأطفال ويعقد شخصياتهم، وهؤلاء الآباء والأُمّهات عاجزون عن فهم نفسية الطفل، ومشاعره، ومخاوفه الطبيعية، وقد نسوا أنهم مروا بالانفعالات نفسها في طفولتهم.

وقد يلجأ بعض الآباء والأُمّهات لعلاج خوف الطفل بالسخرية منه، أو إثارة ضحك أفراد الأسرة عليه بسبب مخاوفه. وقد يتخذ الإخوة هذه المخاوف وسيلة للتسلية والضحك على حساب مشاعر الطفل المسكين. بل قد يلجأون إلى تخويفه بما يخاف منه، فيعقّدون بذلك شخصيته، كما تسوء علاقته بوالديه وبأفراد أسرته. وقد يلجأ بعض الآباء والأُمّهات والمربون إلى تخويف الطفل لدفعه لعمل معيّن، أو لمنعه عن عمل معيّن، أو إلزامه بالسكوت، أو مذاكرة دروسه.

وكثيراً ما يقال لطفل في الحضانة إنّه سيوضع في حجرة الفئران، أو إنّ الغول سيخطفه، أو القطط ستأكله، إلى غير ذلك من الأقوال الشائعة لضمان هدوئه. وبعض الآباء والأُمّهات ينزع إلى فرض سلطته المطلقة عل أطفاله، فيخيفهم بالطبيب، أو بالمدرس في المدرسة، أو بالشرطي. وبعض الأُمّهات يلجأن إلى تخويف الطفل لينام في ساعة محددة فيهددنه بالغولة، أو بالعفريت، وينسى هذا البعض أنّ ذلك يجعل الطفل يميل إلى الانطواء حول الذات، ويجتر مخاوفه في مرارة وضيق.

إنّ تربية الآباء والأُمّهات – تعليمهم أساليب التربية وفنونها – ينبغي أن تسبق تربية الأبناء، إذ يجب أن يعرفوا الخصائص النفسية لكل مرحلة من مراحل أبنائهم، وسبل التعامل معهم في كلّ مرحلة.

 

الخوف أنواع:

المخاوف الأكثر شيوعاً بين الأطفال مخاوف محسوسة لها مصادر حقيقية يلمسها الآباء في أطفالهم بسهولة؛ لأنّهم يعبرون عنها بوضوح.. من هذه المخاوف الخوف من الشرطي، والخوف من الطبيب، ومن المدرسة، ومن الحيوانات، ومن الظلام، ومن طلقات المدفع، ومن البرق، ومن الأماكن العالية، ومن الماء في حوض السباحة أو البحر، والخوف من النار، ومن الثعابين والحشرات. وهناك من الأطفال من يخاف من السفر في قطار أو باخرة لأوّل مرّة. ومنهم من يخاف من الزحام، والمرض، والصعود إلى أماكن مرتفعة إلى غير ذلك من المخاوف.

ويعاني بعض الأطفال الخوف في كثير من المواقف الاجتماعية، فيهابون مقابلة الزوار، على أسباب هذا الضعف مدخل أساس للقضاء على تلك المخاوف. ومن أهم أسباب عدم ثقة الطفل بنفسه:

·      التربية الخاطئة، كأن يحيطه الوالدان بكل رعاية، ويعيش في أمن وطمأنينة حتى إذا تعلم المشي واللعب لجأ الوالدان إلى زجره، وتوبيخه، وضربه كلما عبث بشيء في المنزل، فيضطرب نفسياً، وتبدأ مشاعر الثقة بالنفس التي تمتع بها خلال العامين أو الثلاثة أعوام الأولى من عمره في الزعزعة.

·      مقارنة الوالدين طفلهم بغيره من الأطفال لإيجاد دافع عنده للجدّ والاجتهاد، لكن ذلك يؤدي إلى تثبيط عزمه، وزعزعة ثقته في نفسه.

·      تنشئة الطفل تنشئة اعتمادية بحيث يجد نفسه غير قادر على التصرف بمفرده في مواقف الحياة. إنّ تدخل الكبار في الكثير من شؤون الطفل لا يحقق له فرص اكتساب الخبرات اللازمة لاستقلاليته. وتصل اعتمادية الطفل إلى درجة أن بعض الأُمّهات لا يتركن طفلهنّ يتناول الطعام بنفسه، أو يرتدي ملابسه بنفسه، فيشعر بعدم قدرته على أداء هذه الأفعال بنفسه.

·      اضطراب المحيط العائلي، وتفشي المنازعات بين الوالدين يحرمان الطفل من الاسقرار أو الشعور بالأمن والطمأنية، فيفقد الثقة بنفسه.

·      النقص الجسماني كالعراج، والحول، والطول المفرط، أو القصر الشديد، والتشوّه الخلقي، والسمنة المفرطة، والنحافة الشديدة، وأيضاً انخفاض مستوى الذكاء، والتأخر الدراسي.. كلها عوامل تسبب للطفل عدم الثقة بالنفس.

 

الوالدان هما السبب:

وقد يخاف الأطفال لأنّ والديهم مرضى بالقلق النفسي، يقلقون عليهم بشكل مبالغ فيه، فإذا مرض الطفل أو جرح أو تعثر في طريقه ووقع على الأرض أصاب الأُم أو الأب فزع شديد؛ مما يجعل الطفل يخاف على نفسه خوفاً شديداً، ويتعلم من والديه استجابته لمواقف الحياة بالفزع والهلع والارتباك. وبذلك ينشأ الطفل قلقاً حساساً.

ومن الأُمّهات من يدمنَّ عرض أطفالهن على الطبيب دون مبرر، فينشأ الطفل قلقاً على صحته ويخاف من الأمراض خوفاً شديداً ويبالغ في الاهتمام بنفسه.

ارسال التعليق

Top