يُعدّ الإفراط في تدليل الأطفال من الأساليب التربوية الخاطئة التي قد ينتهجها بعض الآباء والأُمّهات رغبةً في تلبية مطالب أبنائهم، وقد يحمل خطورة أسلوب القسوة الزائدة على الأبناء نفسه. وينعكس حبّ الآباء لأبنائهم في صورة التدليل المفرط، فهم يجدون اللّذة في تحقيق جميع رغبات أبنائهم، من خلال توفير جميع سُبل الراحة للطفل وجميع احتياجاته من ألعاب وملابس ومستلزمات خاصّة.
وما لا يعلمه الآباء والأُمّهات أنّ هذه الطريقة ستؤثِّر بلا شك سلباً على شخصية الطفل بعد ذلك، فيصبح شخصية غير متحملة للمسؤولية ويرغب في الاستحواذ على كلّ شيء دائماً دون عطاء ودون التفكير في الآخرين.
وهذه بعض الآثار السلبية الناتجة عن الإفراط في تدليل الأطفال.
بين التدليل الزائد والعطف.. كيف تعاملون طفلكم؟
رغم سعي معظم الآباء والأُمّهات لتلبية معظم احتياجات أبنائهم في الحدود الطبيعية، إلّا أنّ هناك بعض الأُسر تعمل على إشباع جميع رغبات الطفل بصورة فورية ودون تأجيل عن طريق الإشباع العاطفي والمادّي بشكل مبالغ فيه، وعدم توجيه الطفل في حال ارتكابه أي سلوك غير مرغوب فيه وعدم رفض أي طلب له، وأيضاً عدم استخدام أي نوع من العقاب حتى إذا ارتكب خطأً جسيماً.
والأمثلة على الإفراط في التدليل كثيرة، ومنها:
* إصرار الأُم على شراء الكثير من الألعاب التي لا يحتاجها الطفل أو مشابهة لأُخرى لديه، رغبةً في أن تُعبِّر له عن حبّها.
* شكوى الطفل المتكرِّرة بسبب رغبته في شراء المزيد من الأشياء، أو اللعب بالألعاب الإلكترونية طوال الليل دون أي رد فعل من الأُم.
نتائج الإفراط في تدليل الأطفال
تكوين شخصية اعتمادية
يصبح الطفل اعتمادياً على أُسرته بصورة كبيرة داخل إطار الأُسرة، وبالتالي يعتمد على الآخرين مادّياً ومعنوياً في كلِّ شؤون حياته، فهو لم يعتمد منذ صغره على نفسه في إنجاز أي شيء وقد توافرت له جميع رغباته دون أي تعب أو مجهود. وبذلك لن يتمكن من مواجهة ضغوط الحياة، إذ إنّه اعتاد على الإشباع الفوري لمطالبه دون رفض.
تكوين شخصية أنانية
إنّ التدليل الزائد يجعل الطفل لا يفكِّر إلّا في نفسه، نتيجة لتلبية جميع رغباته منذ صغره، فيظنّ أنّه يمتلك العالم بأكمله ولا يحقّ لأي أحد الاستمتاع بأي شيء سواه. وبذلك يصبح الطفل أنانياً محبّاً لنفسه دون الآخرين، ولا يمتلك القدرة على العطاء، وسيتطلب منك هذا الكثير من العناء في المستقبل لتقويم السلوك الأناني لدى طفلك.
تكوين شخصية غير قادرة على اتّخاذ قرار
لا يستطيع الطفل المدلل الاعتماد على نفسه في اتّخاذ أي قرارات مصيرية، فقد اعتادت أُسرته على تحمّل مسؤوليته كاملة دون إعطائه الفرصة لتحمّل مسؤولية أي قرارات قد يتّخذها لحياته حتى ولو كانت بسيطة، كاختيار ممارسة أحد الأنشطة.
تكوين شخصية فوضوية
نتيجة لأنّ الطفل لم يتعلّم النظام منذ صغره ولم يُعاقب على أي سلوك فوضوي قد ارتكبه، ينشأ مهملاً وفوضوياً، وسيحتاج دائماً للكثير من العناية والاهتمام من الآخرين في أبسط تفاصيل حياته حتى مع تقدّمه في العمر.
تكوين شخصية غير محترمة
يؤدِّي التدليل الزائد إلى ثورة الأطفال على والديهم في حالة عدم تلبية احتياجاتهم في إحدى المرات والتمرد عليهم وعلى طريقة معيشتهم، وبذلك لا يحترم الطفل والديه وبالتالي لن يحترم الآخرين، ويتولَّد لديه العنف في جميع تصرُّفاته.
تكوين شخصية ديكتاتورية ومتحكمة
يؤدِّي التدليل الزائد إلى تكوين شخصية ديكتاتورية، حيث يستمتع الطفل بالسيطرة على كلِّ ما حوله، ما يجعل من الصعب إرضاءه في المستقبل، ويعاني كلُّ مَن حوله من طباعه الصعبة وسيطرته وتحكماته المفرطة.
مثلما يفسد الحرمان الطفل، فإنّ الإفراط في تدليله يفسده أيضاً، لذا انتبهوا في تصرفاتكم مع طفلكم واحرصوا على انتهاج طريقة تربوية تتميز بالحزم واللين في الوقت نفسه. التدليل مطلوب في بعض الأوقات، ولكن بطريقة غير مبالغ فيها وليس بشكل مستمر وفي جميع الأوقات، لأنّ ذلك سيؤدِّي إلى تدمير شخصيته ولن يستطيع بعد ذلك مواجهة الصعاب التي ستمر به.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق