د. محمد حجازي
◄هذه إرشادات تساعدك على الصيام.. ولكن أفطر فوراً عند حدوث مؤشرات الخطر.
مرضى السكري ليسوا سواءً، إذ بينما يمكن لبعضهم السيطرة على المرض من خلال تنظيم الوجبات الغذائية، يحتاج آخرون إلى علاج عن طريق تناول أقراص تُؤخذ عن طريق الفم، في حين أنّ البعض الآخر لا يمكن السيطرة على مرض السكري بالنسبة له إلا من خلال الحقن بالأنسولين، وحتى هؤلاء قد يختلفون فيما بينهم؛ إذ يلزم تعاطي الأنسولين بالنسبة لبعض المرضى بانتظام شديد، وفي أوقات محددة، بينما يمكن إتباع قدر من المرونة بالنسبة للمرضى الآخرين.
مثلاً: بالنسبة للمرضى الذين يبدأ عندهم السكري في الطفولة فإنّه لا يمكن السماح لهم بالصوم، إذ إنّه من المعروف أن مستوى سكر الدم غير مستقر بحيث يمكن أن يرتفع فجأة أو ينخفض فجأة إلى درجات قد تهدد حياتهم ذاتها، لذلك فإنّ السيطرة على مثل هذه الحالات تستوجب عملية موازنة مستمرة ودقيقة بين تعاطي الدواء وتعاطي الغذاء، إذ إن ارتفاع نسبة السكر عندهم قد تؤدي إلى تزايد الأجسام الكيتونية في الدم وبالتالي غيبوبة ارتفاع السكر في الدم. من ناحية أخرى فإنّ الهبوط الفجائي في مستوى سكر الدم قد يؤدي بدوره إلى غيبوبة نقص سكر الدم.
أما بالنسبة لمرضى السكر الذي يبدأ ظهوره في أواسط العمر فإن له درجات مختلفة تبعاً لمستوى السكر في الدم.
وحتى يمكن مساعدتك فإنّ العلاج الذي وضعه لك الطبيب المعالج يُعتبر دليلك لتضع نفسك في واحدة من المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
المرضى الذين تسمح حالتهم بالسيطرة على مرض السكري عن طريق تنظيم وجباتهم الغذائية فقط.
المجموعة الثانية:
المرضى الذين يحتاجون – بالإضافة إلى تنظيم وجباتهم الغذائية – إلى أدوية لتخفيض مستوى سكر الدم تؤخذ عن طريق الفم، ومن الممكن أيضاً للمرضى من المجموعة الثانية أن يصوموا بشرط اتباع الملحوظات كافة التي ذكرت بالنسبة للمرضى من المجموعة الأولى إلى جانب مراعاة الآتي:
المجموعة الثانية (أ):
نظراً لأنك تتناول جرعة واحدة من الأقراص فإنّه يجب عليك أن تتناول الجرعة نفسها مع وجبة الإفطار عند غروب الشمس، مع ملاحظة أن معدل الجرعة وكميتها سيظلان بدون أي تغيير (مثل فترة ما قبل الصوم) غير أن موعد الجرعة سيتغير ليصبح مع موعد وجبة الإفطار.
المجموعة الثانية (ب):
نظراً لأنك تتناول جرعتين من الأقراص فإنك ستستمر في تناولهما مع التعديل البسيط الآتي:
1- تؤخذ الجرعة الأولى مع وجبة الإفطار عند غروب الشمس، على أن تكون مساوية في كميتها للجرعة التي كنت تأخذها عادة في الصباح.
2- تؤخذ الجرعة الثانية مع وجبة السحور ولكن هذه المرة تكون الجرعة نصف الجرعة المعتادة التي كنت تأخذها في المساء، وتفسير هذا التقليل في الجرعة التي تؤخذ مع السحور هو ببساطة قلة الحاجة لجرعة كاملة من الدواء نظراً للإنخفاض المتوقع في مستوى سكر الدم خلال ساعات النهار نتيجة للصيام.
المجموعة الثالثة:
المرضى الذين يعالجون بحقن الأنسولين، بصفة عامة لا يُنصحون بالصيام.
المجموعة الثالثة (أ):
إذا كانت الجرعة اليومية أقل من 40 وحدة من الأنسولين تتعاطاها مرة واحدة فإن موضوع الصوم متروك تماماً لطبيبك المعالج، فإذا ما صرح لك بالصوم فلاحظ ما يلي:
1- إتبع الإرشادات الغذائية نفسها التي وصفناها لمرضى المجموعة الأولى.
2- حافظ على جرعة الأنسولين المعتادة نفسها؛ على أن تأخذها قبل وجبة الإفطار مباشرة، أما إذا كانت الجرعة اليومية التي تتعاطاها أكثر من 40 وحدة من الأنسولين فإننا لا ننصحك بالصوم.
المجموعة الثالثة (ب):
لا يُسمح للمرضى الذين يتعاطون الأنسولين مرتين يومياً بالصوم إذ إن مستوى سكر الدم لهؤلاء المرضى غير ثابت، وبالتالي يحتاجون إلى موازنة دقيقة للغاية بين جرعات العلاج ووجبات الغذاء.
كيف يمكن لمريض السكر قياس السكر والتحكم في مستواه بواسطة تحليل البول؟
إنّ التحليل الدوري لنسبة السكر في البول هو الأمر الذي يمكنك أن تقوم به بنفسك بواسطة الأشرطة الورقية المعدة لذلك، والتي تباع بمعظم الصيدليات ومراكز علاج مرضى السكر، وتعتمد هذه الطريقة السهلة على تغير لون الشريط تبعاً لدرجة تركيز السكر في البول. ولمزيد من التفاصيل الخاصة بهذه الطريقة العلمية فإنّه يمكنك الإستفسار المباشر من طبيبك المعالج أو الصيدلي، ونحن ننصح بأن تقوم بهذا التحليل بصورة منتظمة (مرتين في الأسبوع مثلاً).
كما يفضل أن تسأل طبيبك عن درجة اللون المسموح بها بالنسبة لحالتك عند إستخدام هذه الطريقة. وجدير بالذكر أن زيادة نسبة السكر في الدم هي عادة قليلة الحدوث خلال شهر الصوم بشرط الالتزام الدقيق بتنظيم الغذاء والدواء، لذا فمن الأفضل الإبقاء على نسبة ضئيلة من السكر في البول لتجنب آثار إنخفاض السكر في الدم وهو الإحتمال الأكثر حدوثاً نتيجة للصوم. ولذلك فإنّه يجب السيطرة على إنخفاض مستوى سكر الدم عند ظهور أي علامات تشير إلى ذلك، ونظراً لأن بعض هذه العلامات أو المؤشرات يعتبر نذيراً خطيراً، يجب ملاحظة هذه المؤشرات بدقة، وإنهاء الصيام لدى حدوث أي منها:
1- تصبب العرق المفاجىء مع الإحساس بالقلق أو عدم الراحة.
2- الارتجاف والرعشة والشعور بالجوع والوهن.
3- الشعور بالخفقان، وزيادة عدد دقات القلب.
4- تنميل اللسان والشفتين.
5- ازدواج الرؤية والدوخة.
6- اضطراب التفكير وتداخل الكلمات في أثناء الحديث.
7- التشنجات.
وفي حالة شعورك بأحد مؤشرات الخطر فإنّه ينبغي عليك إنهاء صيامك فوراً بأن تتناول من 10 إلى 20 جراماً من السكر، ويمكنك أن تجد 10 جرامات من السكر في المواد الغذائية التالية:
أ- عدد 2 ملعقة شاي سكر.
ب- عدد 3 قطع سكر صغيرة الحجم.
ت- نصف زجاجة كوكولا عادية.
ث- كوب من الحليب.
إنّ الوقاية من حدوث إنخفاض في مستوى سكر الدم وما يصاحبه من أعراض هو أمر على قدر كبير من الأهمية، ولذلك فعلى كل مريض من مرضى السكري حتى في غير شهر رمضان المعظم أن يحمل معه أو في سيارته بعضاً من قطع السكر أو الحلوى لإستخدامها عند الضرورة.
- النصائح العشر:
يمكن إيجاز الإرشادات اللازمة لمريض السكري الصائم خلال شهر رمضان في نصائح عشر هي:
1- حدد لنفسك المجموعة التي تنتمي إليها، وهي دليلك بالنسبة لدرجة مرض السكري عندك، وبشكل عام فإن:
- المرضى الذين يعالجون بالتنظيم الغذائي فقط.. حالتهم بسيطة.
- المرضى الذين يعالجون بالعقاقير الفموية.. حالتهم متوسطة.
- المرضى الذين لا يناسبهم العلاج عبر الفم، وبالتالي يُعالجون بحقن الأنسولين.. حالتهم متوسطة إلى شديدة.
2- مرضى الحالات البسيطة يفيدهم الصيام بشكل عام خاصة إذا كانوا يعانون من السمنة الزائدة.
3- مرضى الحالات المتوسطة يمكنهم الصوم بشروط معينة (حسب تقدير الطبيب المعالج) على أن يخضع مستوى السكر في الدم للرقابة المستمرة.
4- مرضى حالات السكري المتقدمة لا ينصح لهم بالصوم؛ إذ إن ذلك قد يعرضهم لمخاطر كبيرة.
5- مرضى السكري الذي يُعالجون بحقن الأنسولين لا يناسبهم الصوم بشكل عام؛ لما في ذلك من خطورة عليهم.
وبالرغم أن بعض الأطباء قد يصرح لمن كانوا يتعاطون جرعات بسيطة من الأنسولين بالصوم إلا أن أغلبية الأطباء لا يحبذون ذلك.
6- جرعة العلاج الفموي تستمر دون تغيير مع وجبة الإفطار للتحكم في إرتفاع نسبة السكر في الدم الذي يتبع تناول الغذاء، وإذا كانت هناك جرعة ثانية تؤخذ مع وجبة السحور، فإنّه يجب أن تخفض هذه الجرعة إلى النصف لضمان تنظيم أفضل لسكر الدم خلال ساعات الصوم.
7- السيطرة على نسبة سكر الدم لا تتم فقط من خلال التنظيم الغذائي والعلاج الدوائي، بل تعتمد أيضاً على النشاط اليومي والتمرينات، لذلك ينصح بالإستمرار في نشاطك المعتاد خلال شهر رمضان المعظم؛ على أنّه من الأفضل أن تعطي لنفسك شيئاً من الراحة في فترة ما بعد العصر.
8- ينبغي عليك الإمتناع تماماً عن تناول أطباق رمضان التقليدية خاصة الحلويات، كما ينبغي أن يحتوي غذاؤك على كمية متوسطة من المواد النشوية، مع السماح بتناول البروتينات بحرية، أما الدهون والملح فيترك أمرهما لرأي طبيبك الذي يحددها لك حسب حالتك الصحية، وعموماً فإنّه يجب عليك ألا ترهق معدتك بأن تأكل إلى حد الإمتلاء.
9- يجب الاستمرار في علاج أي مرض آخر مصاحب لمرض السكري، الأمر الذي قد يستوجب إجراء تعديل في نظامك الغذائي ليناسب حالتك العامة، وذلك بعد التشاور مع طبيبك.
10- بعض العقاقير يؤثر على نسبة السكر في الدم، فيجب عليك الرجوع إلى طبيبك إذ قد يرى إجراء تعديل نظامك العلاجي العام. وبصفة عامة فإنّ السماح لك بالصوم من عدمه بالإضافة إلى تنظيم غذائك والعلاقة بين العقاقير المختلفة وأوقات تناولها هو أمر متروك تماماً لطبيبك المعالج دون غيره.►
*إخصائي الأمراض الباطنة - الكويت
ارسال التعليق