• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مبدأ الاستقامة وثمارها

عمار كاظم

مبدأ الاستقامة وثمارها

یقول الإمام عليّ (عليه السلام): «لا مسلك أسلم من الاستقامة، لا سبيل أشرف من الاستقامة». وعنه (علیه السلام): «اعلموا أنّ الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلوّن، فلا تزولوا عن الحقّ، وولاية أهل الحقّ، فإنّ من استبدل بنا هلك». ویقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لو صلّيتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالأوتار ثمّ كان الاثنان أحبّ إليكم من الواحد لم تبلغوا الاستقامة». تعتبر الاستقامة الجانب التطبيقي للإيمان بالعقيدة الإسلامية، فالإيمان هو الجانب النظري ولا يصحّ إلّا باقترانه مع الاستقامة. ومعنى الاستقامة اتّباع مبادئ الدين في الحياة الدُّنيا، من قول وعمل، فيقوم المسلم بكلّ ما أمره الله تعالى، وينتهي عن كلّ ما نهى عنه.

والحديث عن الاستقامة حديثٌ عن ملكة تلازم أفعال أهل الإيمان، وعن مقامٍ روحيّ لا ينحدر عنه مهما قست العروض والتحدّيات، فهي ليست فعلاً عابراً أو موقفاً في حادثة أو لحظة تجلٍّ وتجرّد مع الله، بل هي استقامة دائمة بدوام الحياة واستمرار العمل والمواجهة ضد الكفر والضلال، ومن هنا فإنّ قيمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الهدى تكمن في ثباتهم على هذا المبدأ وعدم تزلزلهم أو ضعفهم أو صدور ما ينافي الاستقامة في كافّة أعمالهم ومواقفهم وسلوكيّاتهم، رغم أنواع الابتلاءات والمحن والعذابات التي تعرّضوا لها. وللاستقامة ثمار منها:

- وفرة الخيرات: بمعنى توفّر النعم المادية لعموم الخلق، قال تعالى: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (الجن/ 16).

- الأمان يوم القيامة: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الأحقاف/ 13). والتعبير بعدم الخوف والحزن من أهم بركات يوم الفزع الأكبر.

- البشرى بالجنّة: وهذا منتهى الفوز بالوعد الإلهي للذين آمنوا واستقاموا، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصّلت/ 30). وعن الإمام عليّ (علیه السلام): «مَن استقام فإلى الجنّة، ومَن زلَّ فإلى النّار».

- الفلاح: وهو نفس معنى البشرى بالجنّة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن تستقيموا تفلحوا».

- السلامة: أي أنّ الاستقامة ملاذ المؤمن من التعثّر والوقوع في الأخطاء، فعن الإمام عليّ (علیه السلام): «من لزم الاستقامة لزمته السلامة».

- الكرامة في الدنيا والآخرة: عن الإمام عليّ (علیه السلام): «عليك بمنهج الاستقامة فإنّه يكسبك الكرامة ويكفيك الملامة».

- السعادة: عن الإمام عليّ (علیه السلام): «أفضل السعادة استقامة الدين».

«اللّهمّ أنّا نعبدك مخلصين لك الدين، وبك نستعين للتمسّك بحبك المتين، فأهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين».

ارسال التعليق

Top