د. لطفي الشربيني
◄اقترب موعد الامتحانات.. لكن ذلك أمر طبيعي لا يدعو إلى الخوف والتوتر.. فمن المعلوم لنا جميعاً أنّه سوف يتم اختبار ما قمنا به من جهد في تحصيل الدروس، نحن نستعد منذ بداية العام.. ونحضر الدروس ونذاكر.. فلماذا القلق إذن.. وكل شيء معروف لنا من البداية؟!
ولكي نجعل من الامتحان مناسبة لإظهار قدراتنا.. وتحقيق التفوق بدلاً من النظر إليه على إنّه شر لابدّ منه.. أو تهديد علينا مواجهته، لابدّ أن نتخلى عن القلق، ونثق بأنفسنا.. ونحتفظ بهدوء الأعصاب حتى نتمكن من مواصلة الاستذكار بصورة أفضل كلما اقترب موعد الامتحان.
وفي كلمات هذه السطور وصفة للنجاح والتفوق بإذن الله.
القلق.. والخوف من الامتحان:
يعتبر الخوف والقلق في مواجهة الامتحان من الأمور الطبيعية، وقد يعجب البعض حين يعلم أنّ القلق هنا أمر إيجابي ومفيد للغاية، وهذا ما يعرف بالقلق الطبيعي الذي يحدث استجابة لمواجهة المواقف التي تتطلب استعداداً إضافياً، وفائدة القلق في هذه الحالة المساعدة على تهيئة الفرد من الناحية البدنية والنفسية لبذل مزيد من الجهد، فيجمع طاقاته، ويزيد من حالة اليقظة والانتباه والتركيز بما يساعده على إنجاز ما هو مطلوب منه، وبالنسبة للطالب الذي يستعد للامتحان، فإن قليلاً من القلق يدفعه إلى زيادة ساعات الاستذكار، والاجتهاد في التحصيل والمراجعة، وتحقيق الاستفادة القصوى من الوقت.
وعلى العكس من ذلك فإنّ القلق والخوف حين يزيد من الحدود المعقولة يتحول إلى حالة مرضية، فبدلاً من أن يساعد على الاستعداد يصبح معوقاً يتسبب في الشرود وضعف التركيز، والتوتر، والهروب إلى أحلام اليقظة بدلاً من المذاكرة، وضياع الوقت والجهد، وهذا يؤكد أنّ القليل من الشيء قد يكون لازماً ومفيداً، بينما الكثير منه يسبب الضرر.. تماماً مثل الملح الذي نضيفه إلى الطعام.
الامتحان.. في العيادة النفسية:
هناك العديد من الشكاوي نسمعها من أبنائنا الطلاب الذين نلاحظ ترددهم بكثرة على العيادة النفسية في الفترة الأخيرة من العام الدراسي.. منها على سبيل المثال:
- "أشعر بالقلق والخوف كلما اقترب موعد الامتحان.. وأحياناً يمنعني الأرق والصداع من المذاكرة".
- "لا أستطيع التركيز في المذاكرة.. وقد أجلس أمام الكتاب ساعات طويلة دون تحصيل أي شيء".
- "حين أذاكر أجد أنني في حالة – سرحان- وأمضي ساعات في التفكير في أشياء خيالية تستغرقني تماماً".
- "النسيان.. لا أتذكر الدروس التي قرأتها قبل ذلك.. حتى التي ذاكرتها بالأمس..".
وغير ذلك كثير من الأعراض التي تحدث للطلاب مع اقتراب موعد الامتحان، وهي في الحقيقة نماذج لما يفعله القلق والتوتر حيث يؤديان إلى سوء التركيز والتحصيل والنسيان، وأحلام اليقظة، وأعراض نفسية وجسدية مختلفة.
ولعل الأسباب وراء قلق الامتحانات متنوعة منها ما يتعلق بالطالب أو بنظام التعليم الذي لا يأخذ في الاعتبار إعداد الطلاب نفسياً بطريقة متدرجة، والرهبة المصطنعة التي قد تسهم فيها دون قصد وسائل الإعلام حيث يتصور الطالب أنّه في مواجهة نوع من التحدي المصيري، وهذه المبالغة تسبب المزيد من الضغط النفسي والقلق.
ونصيحة الطب النفسي في هذه الحالة هي التزام الهدوء، والتخلي عن المخاوف واكتساب الثقة.. مع الابتعاد تماماً عن الأدوية المهدئة أو المنبهات التي تفوق آثارها الجانبية أي فوائد منتظرة من استخدامها.
عند مواجهة الامتحان:
في الفترة السابقة على الامتحان يجب على الطلاب التدريب على أسئلة الامتحانات السابقة للتعود على طريقة التفكير في حلها، وفي هذه الفترة يمكن الرجوع إلى الملخصات التي أعدها الطالب بنفسه من قبل حيث تسهم الأشكال التوضيحية والرسامات في تثقيف المعلومات وتساعد على استدعائها وتذكرها، وقد تفيد المناقشة الشفوية مع الزملاء في توجيه الاهتمام إلى بعض النقاط، وفي ليلة الامتحان يعطى الطالب لنفسه فرصة لمراجعة المادة بصورة شاملة بأسلوب سريع وخفيف لبث الثقة والاطمئنان لديه، ويقوم بتجهيز كل أدواته وملابسه ويضعها في مكان واضح، ولا داعي للسهر في ليلة الامتحان.. بل يجب أن تجعلها ليلة هادئة ومريحة.
وصباح يوم الامتحان من المهم الاستيقاظ مبكراً والذهاب إلى مكان الامتحان في وقت مناسب.. ليس مبكراً جدّاً حتى لا تكون هناك فرصة لجدل ومناقشات قد تشتت المعلومات، وليس متأخراً حتى لا يكون هناك احتمال للتأخير.. وفي مكان الامتحان يجب ان تدخل وأنت هادئ الروع.. واثقاً بنفسك وباستعدادك.. تناول ورقة الامتحان وحاول فهم الأسئلة جيِّداً.. ثمّ حدد الوقت اللازم لإجابة كل سؤال.. ابدأ بالأسهل ودع الصعب في النهاية.. حدد عناصر الإجابة قبل أن تكتب.. مع مراعاة ترتيب الأفكار.. لا داعي للإطالة.. اهتم بالأمور البسيطة مثل تحسين الخط والنظافة.. فإنّها تترك أثراً نفسياً جيِّداً.. راجع كل شيء قبل انتهاء الوقت، ولا تترك مكانك إلا في آخر وقت الامتحان.
أخيراً، عزيزي الطالب.. بعد أن فرغت من قراءة هذا الموضوع فإن كل ما عليك هو أن تتوكل على الله.. وتواصل استعدادك بهدوء.. وثقة بالنفس.. لا داعي للخوف أو التوتر.. وإذا تبقى لديك أي شعور بالقلق.. فعليك أن تعيد من جديد قراءة هذه السطور..►
المصدر: كتاب عصر القلق (الأسباب والعلاج)
ارسال التعليق