تسمّى سورة الحمد بسورة فاتحة الكتاب أيضاً، وقد ورد عن رسول الله (ص) انّه قال: والذّي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة والإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، هي أمّ الكتاب، وأمّ القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بين الله وبين عبده، ولعبده ما سأل. وورد عنه (ص): انّ أيّما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر كأنّما قرأ ثلثي القرآن، وأعطي من الأجر كأنّما تصدّق على كلّ مؤمن ومؤمنة. وانّه لو انّ فاتحة الكتاب وضعت في كفّة الميزان ووضع القرآن في كفّة لرجحت فاتحة الكتاب سبع مرّات. وانّ فضل سورة الحمد كفضل حملة العرش، من قرأها أعطاه الله ثواب حملة العرش. وان: اسم الله الأعظم مقطّع في هذه السورة. وان من قرأها فتح الله له خير الدنيا والآخرة، وأعطاه بعدد كلّ آية نزلت من السماء، فيجزي بها ثوابها. وورد انّها أفضل ما في كنوز العرش، وقد خصّ بها محمّداً (ص) وشرّفه ولم يشرك معه فيها أحداً من أنبيائه، ما خلا سليمان، فانّه أعطاه منها بسم الله الرحمن الرحيم، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت: (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (النمل/ 29-30)، الا فمن قرأها معتقداً لموالاة محمّد وآله الطيِّبين صلوات الله عليهم أجمعين، منقاداً لأمرهم مؤمناً بظاهرهم وباطنهم أعطاه الله عزّ وجلّ بكل حرف منها حسنة، كلّ حسنة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قاري يقرأها كان له قدر ثلث ما للقاري، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض له فإنّه غنيمته، لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة.
وورد عن أمير المؤمنين (ع) انّه قال: فاتحة الكتاب أعطاها الله محمّداً (ص) وأمّته، بدأ فيها بالحمد والثناء عليه، ثمّ ثنى بالدعاء لله عزّ وجلّ، ولقد سمعت رسول الله (ص) يقول: قال الله: قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، قال الله عزّ وجلّ، بدأ عبدي باسمي، وحقّ عليّ ان اُتمّم [له] أُموره وأبارك له في أحواله، فإذا قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال الله جلّ جلاله: حمدني عبدي، وعلم انّ النعم التي له من عندي وانّ البلايا دفعت عنه فبتطّولي، أشهدكم انّي أضيف له نعم الدنيا إلى نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا، فإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله عزّ وجلّ: شهد لي بأنّي الرحمن الرحيم، أشهدكم لأوفّرن من رحمتي حظّه ولأجزلّن من عطائي نصيبه، فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله جلّ جلاله: أشهدكم كما اعترف بأني أنا المالك ليوم الدين لأسهلن يوم الحساب حساب، ولأقبلنّ حسناته، ولأتجاوزن عن سيّئاته، فإذا قال العبد: (إياك نعبد) قال عزّ وجلّ: صدق عبدي إياي يعبد، لاثيبنه عن عبادته ثواباً يغبطه كلّ من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: (وإياك نستعين) قال الله عزّ وجلّ: استعان بي وإليّ التجأ، أشهدكم لأعينه على أمره، ولاغيثنه في شدائده، ولآخذن بيده يوم القيامة عند نوائبه، فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم).. إلى آخر السورة قال الله عزّ وجلّ: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل، فقد استجبت لعبدي، وأعطيته ما أمّل، وأمنته ممّا منه وجل.
المصدر: كتاب مرآة الكمال
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق