• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

شعور الطفل بالإمتنان

شعور الطفل بالإمتنان

شعرت منى بالخجل من رد فعل ابنتها (6 سنوات) تجاه خالتها التي تلقتها للمرة الأولى، إذ لم تبادل هذه الطفلة الخالة المشاعر نفسها عندما حضنتها وقدّمت لها الهدايا، حتى أنها لم تقل لها شكراً! بل بدأت اللعب غير مكترثة لعاطفة الخالة. فهل هذه طفلة جاحدة؟

بالطبع لا، يجيب اختصاصيو علم نفس الطفل. فهذه الطفلة لا تعرف بعد معنى أن يكون الإنسان جحوداً أو ممتناً، فكل ما تعرفه أنّ هذا الغريبة، أي خالة الأُم التي لم ترها سابقاً، اقتحمت خصوصيتها بحضنها وتقديم الهدايا لها. وبالتالي هناك عوامل كثيرة تجعل هذه الطفلة غير ممتنة لعاطفة الخالة، فهي لم تكن محضّرة نفسياً لهذه الغزارة من العواطف، فضلاً عن شعورها الطبيعي بالخجل الذي يدفع الكثير من الأطفال إلى النفور غير المقصود. عموماً يجد الأطفال دون السابعة صعوبة في فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها بشكل صحيح. ومع ذلك للأهل دور فعال في غرس الحس بالإمتنان عند الأطفال.

 

أليس الشعور بالإمتنان هو أحد عناصر اللباقة الاجتماعية؟

المسألة أبعد من أن تكون مجرّد تعلّم اللباقة الاجتماعية، فقد كشفت دراسة أجراها مركز الأبحاث Greater Good Science Center في جامعة بيركلي الأميركية، أنّ الأشخاص الذين يعبّرون عن امتنانهم بشكل دائم للأشخاص اللطيفين معهم، ويشعرون بالإمتنان لأنّهم بصحة جيدة ويشكرون الله على كلّ شيء، هم أكثر سعادة من غيرهم بنسبة 25%، فهم أكثر مرحاً وحماسة وتفهّماً ويعرفون تحديد ماذا يريدون.

 

كيف يمكن الأهل غرس مفهوم الامتنان في الطفل الصغير؟

يمكن اتباع الخطوات الآتية لغرس مفهوم الامتنان عند الطفل الصغير:

-         قول كلمة شكراً:

عندما تكون عبارة "شكراً لك" مستعملة في شكل دائم في المفردات التي يستعملها أفراد العائلة، فإنّه من الطبيعي أن يستعملها الطفل وإن بشكل متقطع في البداية. ويمكن الأُم أن تكرّر الجملة بلغة لطيفة بإقتراح أو إدراج قول" شكراً لك" مع طفلها.

-         أن يكون الامتنان شعوراً يعيشه الأهل:

أي أن يكون الأهل المثال وإظهار التقدير والامتنان من خلال إبداء الاهتمام بمجهود قام به الطفل، مثلاً كأن تقول الأُم لطفلها: "غرفتك تبدو جميلة جدّاً، خصوصاً أنّ الألعاب في صناديقها. فأنا سعيدة جدّاً بأنك تذكرّت وضعها في مكانها".

-         تعليم الطفل من خلال اللعب:

إذا كان الطفل يخجل كثيراً من قول" عبارة شكراً" أثناء وجوده في جلسة اجتماعية، يمكن الأُم أن تجعله يكسر حاجز الخجل من خلال اللعب. كأن تلعب معه لعبة اجتماعية بإحضار دماه والإدعاء أنهم أشخاص حقيقون ويجرون حواراً موضوعه الامتنان والشكر.

-         ابتكار روتين يومي أو أسبوعي:

عن طريق طرح سؤال عادي، يوميّاً أو أسبوعيّاً عن الحدث أو الأمر الذي حصل مع الطفل ويشعره بالامتنان، ويكون ذلك إما قبل النوم أثناء محادثته مع والدته أو والده أو خلال العشاء وفي سياق الحوار. فهذه الطريقة تجعل الطفل يفكِّر بالأمور الجميلة التي حصلت معه، وبالتالي يدرك أهمية أن يكون ممتناً للشخص الذي حقّق له أمنية. مثلاً إذا كان يرغب في دعوة صديقه إلى المنزل وسمحت له والدته فهذا أمر لطيف، ومن الجميل أن يتعلّم كيف يشكر والدته.

-         وضع قاعدة إحصل على واحد وتبرّع بواحد:

إذا كانت الأُم تريد أن تعلّم أبناءها كيفية مساعدة الآخرين ويكونوا في الوقت نفسه شاكرين لما منّه الله عليهم. "فقاعدة إحصل على واحد وتبرّع بواحد" من أسهل الطرق للقيام بها مع الأطفال. فمثلاً عن كل لعبة أو قطعة ملابس جديدة يحصل عليها الطفل عليه أن يهب واحدة في مقابلها لطفل فقير أو محتاج. وهذه طريقة رائعة ليدرك الطفل النعيم الذي يعيش فيه. وينصح أن يرافق الطفل والديه إلى المركز الذي سيضعان فيه الملابس أو الألعاب التي تبرّع بها الطفل، فهكذا يعلم إلى أين ذهبت الأشياء التي تبرّع بها.

-         الإصرار على وضع ملاحظة شكراً:

عندما يبدأ الطفل بالكتابة أو حتى قبل ذلك، على الأُم أن تصرّ عليه ليكتب رسالة شكر عن كلّ هديّة تلقّاها بغض النظر عن حجمها أو قيمتها. حتى الطفل الصغير جدّاً يمكنه أن يرسم صورة على البطاقة، والأُم توقّعها باسمه. فإرسال بطاقة شكر يكون بمثابة واجب بسيط يصبح عادة وبالتالي يعزز لديه معنى الشعور بالامتنان ليلازمه كل حياته.

-         أن يمارس الأهل الامتنان بالفعل وألا يكتفوا بوعظ أبنائهم:

من المعلوم أنّ الطفل يتأثر بوالديه أكثر من أي شخص. وإذا أراد الوالدان تعزيز الشعور بالامتنان عند أطفالهما عليهما أوّلاً أن يمارسا الامتنان بالفعل لا بالوعظ، إذ كيف يمكن الطفل أن يتعلّم قول "شكراً" إذا لم يسمع والديه يقولانها. لذا من الضروري إدخال عبارات الامتنان في الحوار اليومي. مثلاً التحدث عن كل الأمور التي يقدّرها الأب أو الأُم أن يسمع الطفل كلمة الحمدلله منهما، فبهذه الطريقة ينشئ الوالدان أطفالهما على معنى الشكر والإمتنان.

 

10 مبادئ لسلوك جيِّد:

كيف تنمّين السلوك الجيد عند أطفالك؟

10 مبادئ أساسية كفيلة بأن تقوّم سلوك طفلك:

1-    أبدي اهتماماً بسلوك طفلك الجيِّد، وتجاهلي سلوكه السيئ. عزِّزي لديه قدرته على السؤال في شكل مهذب عوضاً عن الصراخ والبكاء، وعزِّزي لديه القدرة على المناقشة الهادئة عوضاً عن اختلاق الأعذار والمشاجرة العنيفة.

2-    فكِّري قبل أن تتكلمي. قولي ما تعنينه، واعني ما تقولينه. وابقي ثابتة في موقفك.

3-    توقعي السلوك الجيِّد من أطفالك: من حق أطفالك أن يعرفوا ماذا تتوقعين منهم، وفي الوقت نفسه ماذا يتوقعون منك. فإذا عرف أطفالك كيف ستكون ردة فعلك تجاه تصرف معيّن قاموا به سوف يعملون على تحسين سلوكهم.

4-    يصدق الأولاد ما تقولينه: دربي أطفالك على الأسلوب الصحيح للسلوك الجيِّد. علِّميهم أن بذل مجهود هو أمر أساسي، وشجعيهم على ذلك. فعندما تشجعين أطفالك على ذلك سوف يلاحظون ثقتك بهم، الأمر الذي سيمنحهم الثقة بأنفسهم.

5-    ضعي خطة منظمة بمجرد ملاحظتك تصرفاً سيئاً. ضعي مسبقاً القواعد الأساسية وكوني دقيقة ومنطقية في تطبيقها.

6-    استخدمي العقاب الذي يعلمهم مسؤولية اتخاذ القرار. فالأطفال يقبلون بالعقاب المنطقي كمنعهم من اللعب لفترة معينة. ولا تعاقبيهم عندما تكونين غاضبة.

7-    علِّميهم المسؤولية والقدرة على اتخاذ القرار وحرية الاختيار في عمر مبكر. فهذا يحضرهم لمواجهة العالم الخارجي في المستقبل. ولا تنسي أنّ الأطفال في حاجة دائمة إلى وضع حدود معينة لتصرفاتهم، وقواعد أساسية يتقيدون بها. فهم ينظرون إلى هذه الأمور على أنّها تعبير صادق عن محبتك لهم واهتمامك بهم.

8-    ركِّزي على الأمور الجيدة التي يقوم بها أطفالك.

9-    علميهم تقويم سلوكهم الحسن وعززي لديهم الشعور بالراحة عند قيامهم بالأمور الجيدة.

10-                      وفري جواً عائلياً صحياً وممتعاً. واحرصي على تماسك العائلة ووحدتها.

 

الوالدان النموذج الأوّل لمعنى الإمتنان

ارسال التعليق

Top