من شروط التوبة أداء حقّ الله. ولكن ما هو حقّ الله؟ حقّ الله هو الصوم مثلاً؛ فالصوم لله. والأيام التي أفطرت فيها يجب صيامها، والصلوات التي تركتها يجب عليك أداؤها، وإذا كنت مستطيعاً ولم تحج يجب عليك الذهاب إلى الحج، وهذه الأُمور ليست أمراً سهلاً. من المعروف في قضيّة الحج أنّ الشخص إذا استطاع ولم يحج بلا عذر شرعي، أي كان مستطيعاً من حيث الوضع المالي والبدني؛ فلا يعاني من مرض، ولديه القدرة على المسير، ولم يكن هناك عائق آخر يعيقه عن الذهاب إلى الحج، ولم يحجّ إلى آخر حياته، ثمّ مات، فإنّه لا يموت على الإسلام، ويأتيه الملائكة ويقولون له: "مت إن شئت يهودياً وإن شئت نصرانياً". فكيف يمكن أن يكون الإنسان مسلماً ولا يصلّي؟.
ألم الطاعة: يقول عليّ (ع): إنّ أحد شروط التوبة هو أن تذيق بدنك ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية. بمعنى أن يخرج الإنسان من حالة الميوعة. حالة الميوعة لا تؤدي بالمرء لأن يكون عبداً لله، بل وأنّ المتميّع ليس إنساناً. إذا أردت أن تصوم ووجدت الصيام صعباً، لابدّ لك من الصوم. وإذا أردت إحياء الليل ولم تتمكن، يجب عليك مغالبة نفسك. وعليك أداء هذا العمل لأنّه عمل صعب، يجب أن تتعب نفسك وتوهيئها وتؤديها. من سمات العمل الصالح أنّه يزوّد الإنسان بالطاقة. من جملة إفرازات الذنب أنّه يصيب الإنسان بالتثاقل، ويسلبه قوّته. فيشعر وكأن ثقلاً إضافياً قد أصبح على ظهره. على العكس من الطاعة التي يشعر الإنسان خلالها بالاندفاع والقوّة: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) (البقرة/ 45).
حلاوة العبادة بعد الاستغفار: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) (الزّمر/ 53). انظر كيف يصف هذا الحديث القدسي التوبة: "أنين المذنبين أحبّ إليَّ من تسبيح المسبحين". توجهوا في ليالي القدر إلى بارئكم وتضرعوا إليه، في كلّ وقت، واستذكروا ذنوبكم، وإياكم والإقرار بها أمام الآخرين لأنّ في هذا العمل إثم. ولكن حاسبوا أنفسكم في ما بينكم وبين ذاتكم. وأنتم أعلم بما في نفوسكم ضعوا ذنوبكم نصب أعينكم، ثمّ أعرضوها بين يدي ربّكم وتوسلوا إليه أن يمحوها، واستغفروه عسى أن يغفرها لكم. فإنّه تعالى يرحمكم، ويطهركم ويعفو عنكم، ويصقل نفوسكم، ويرأف بكم.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق