• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

وسائل الاتصال الحديثة.. حلقة وصل أم قطع؟

وسائل الاتصال الحديثة.. حلقة وصل أم قطع؟

◄بالرغم من أن وسائل الاتصال موجودة منذ فترة إلا أنها أخذت حيزاً كبيراً من الاهتمام عمّا كانت عليه في السابق خاصة بعد التطور العظيم الذي طرأ على أجهزتها وبرامجها وأساليبها، الأمر الذي جذب جميع فئات المجتمع وطبقاته إليها، بل أصبحت إحدى أساسيات الحياة التي يندر أن يخلو منها منزل مهما كانت حالته أو وضعه، لتصبح هذه التقنية هي الصديق الحميم لكل فرد منا ليقضي البعض يومه بأكمله عليها دون أن يشعر بالوقت متغافلاً عن ضررها على الصحة والمجتمع، هذا التعلق سبّب بعداً يكاد لا ينكره أحد لدى البعض فيما قرّب البعض الآخر، وعن هذه النقطة ورأي المجتمع من معارض ومؤيد لما يدور في التحقيق التالي.

د. الفهد: يجب عدم السماح للطفل بالانزواء خلف تلك الشاشات..

موظف: تقنية الاتصالات طغت على عادات أسرية واجتماعية كثيرة

ربة منزل: أصبح بإمكاني رؤية أولادي المغتربين ومحادثتهم

 

حقيقة لا تنكر:

يحكي أحمد "موظف": "لا ننكر حقيقة سيطرة الاتصال الحديث علينا، حيث أصبح من المستحيل وغير الممكن تصور حياتنا بدونها ولكنها في الحقيقة أخذت حيزاً كبيراً من اهتمامنا، حيث إنّها طغت على كثير من العادات الأسرية والاجتماعية التي بتنا نفتقدها وبشدة كالزيارات والجلسات التي يعمها الضحك والأحاديث اللامنقطعة فأصبحنا حتى وإن تمت هذه الاجتماعات يسودها الصمت لتعلو أصوات طقطقة أزارير الهواتف بدلاً من أحاديثنا معاً، أتمنى أن لو نفكر بمنطقية أكثر حول كيفية ومدى استخدامنا هذه التقنية".

 

غريب في بيتي:

ويوافقه الرأي عليّ الخلاقي "موظف": "من وجهة نظري الشخصية أرى في برامج التواصل الاجتماعي الحديثة كثيراً من الضرر على الفرد نفسه ومن ثمّ على من حوله، حيث إنّ الاستخدام بات يفوق الخيال فيقضي البعض يومه بأكمله عليها متناسياً ضرر هذه الأجهزة على الصحة ومن ثمّ ضررها على تواصلهم بالأسرة المحيطة بهم ليقل التواصل بينهم ويتحولون إلى أغراب في بيت واحد، بل أصبح الكثير يعتمدها وسيلة أساسية للتواصل والسؤال عن أهله وأصدقائه فتمر السنون دون لقاءات، معتمدين على حروف إلكترونية محت معها طيب اللقاء وحلاوة الجمعات".

 

رسائل أكثر من المحادثات:

وتشكو ليلى عبدالغني "ربة منزل" من انشغال أبنائها بأجهزتهم وبعدهم عنها: "أصبحت أشتاق لأبنائي بالرغم من أنهم معي في نفس المنزل بل وأحياناً نكون في غرفة واحدة ولكن للأسف سيطرة الجوالات وبرامجها عليهم خلق كثيراً من الحواجز بيننا، حتى إنني تصلني منهم رسائل على الجوال أكثر من محادثتهم لي، حقيقة أصبحت هذه الأجهزة والبرامج عدوي اللدود فهي حرمتني من أبنائي بالرغم من قربهم جسدياً مني".

 

زيارات قليلة:

وتضيف خديجة عصام "موظفة": "هذه البرامج هدفها خلق البُعْد الاجتماعي ما بين الأفراد لا تقريبهم من بعضهم البعض، فالغالبية العظمى باتت تجد فيها مهرباً من مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه أقربائهم وأصدقائهم، ليكتفوا بالرسائل حتى في الأعياد والمناسبات، حتى قلت الزيارات لدرجة أنّه من الطبيعي أن تجد عائلة لم تجتمع منذ أشهر عديدة معتمدة على الواتس أب والفايبر اللسؤال رافعين عن أنفسهم العتب متناسين مدى جمال وألفة العائلة والجلوس معها ولو لوقت قصير".

 

تقوية التواصل:

وبالرغم من الاستياء الكبير والانتقاد اللاذع من وعلى هذه الوسائل وبرامجها إلى أن هناك فئة كبيرة ترى فيها الفائدة العظيمة التي لا يمكن لأحد إنكارها بل ولا يستطيع البعض تصور حياتهم من دونها، فبراءة محمَّد كان له رأي مغاير تماماً عن من سبقه: "لا أرى في وسائل الاتصال الحديثة ذلك الضرر العظيم، بل على العكس تماماً قربت كثيراً من الأفراد من بعضهم البعض، وكوّن الكثير منّا صداقات عديدة من خلالها، إذا هي وسائل لتقوية التواصل الاجتماعي لا للقضاء عليه، حيث أصبح الناس يتواصلون مع بعضهم في جميع المناسبات دون كلفة أو إزعاج فالكل يتقبلها ويقبل على استخدامها، ولابدّ أن نؤمن بأن لكل جيل طرقه وأساليبه الخاصة في حياته فما كان عليه أجدادنا لا ننكره ولكننا نطوره معايشين بذلك التطور الزمني مع محافظتنا على أواصر المحبة بيننا".

 

الصوت وحده لا يكفي:

وتضيف فاطمة عبدالقادر "ربة منزل": "ما حققته وسائل الاتصال من تطور وما تحققه برامجها من خدمات اجتماعية تواصلية شيء جميل جدّاً، خاصة أن لي أبناء بالغربة بعيدين عني، وقبل ظهور برامج الاتصال الحديثة كنت أشتاق لرؤيتهم، فالصوت وحده لا يكفي للاطمئنان عليهم، أما الآن فأصبح بإمكاني رؤيتهم ومحادثتهم في أي وقت دون التفكير في تكاليف الاتصالات الباهظة، الفائدة عظيمة ولكن سوء استخدام البعض لها ظَلمها وطغى على فائدتها".

 

نقل الدراسات والأبحاث:

كذلك تؤيدهم مرح عبدالرحمن "طالبة جامعية": "خدمتني كثيراً هذه البرامج فمن خلالها أقوم أنا وصديقاتي بالتواصل لننقل لبعضنا مواضيع الجامعة من أبحاث ودراسات، والجميل فيها أن كلفتها تكاد لا تذكر بل أصبحت إحدى أساسيات الحياة الناجحة للفرد والتي لا يمكن العيش بدونها، خاصة أنّ الجميع من مدارس وكليات وشركات ومستشفيات أصبحت تعتمد عليها اعتماداً كلياً هذه من جهة، ومن جهة أخرى، كسرت حواجز الملل من خلال ما تقدمه من ألعاب وبرامج تواصل اجتماعي صحيح أنها سيطرت على مجالسنا وأحاديثنا ولكن هذا لا يعني أن ننكر جمائلها وفوائدها علينا".

 

المنقذ:

وتضيف سارة حمد "طالبة": "بصراحة تعتبر هذه البرامج بمثابة المنقذ لي، فهناك كثير من الاجتماعات العائلية التي لا تعنيني أحاديثها ولا تخص اهتماماتي، فأستعين بهاتفي المتنقل الذي لا أستطيع الجلوس بدونه بتاتاً، بذلك أكون قد كسبت رضا الأهل الذين يصرون على وجودي بينهم وبدون الشعور بالملل، وعلى العكس ما تقدمه هذه البرامج يجعلني أنا وصديقاتي وكأننا في مكان واحد أحادث من أريد في أي وقت أريد وفي أي مكان وفي أي موضوع، بالفعل جميل جدّاً ما وصلنا إليه بل أعتبر جيلنا من أكثر الأجيال حظاً لما توفر له من تقنيات وأساليب اتصال حديثة".

 

العبث بالأطفال:

وعن تأثير هذه التقنية الحديثة وبرامجها في فئة الأطفال تحديداً الفئة التي تعتبر الأكثر تعلقاً بها يقول دكتور علم الاجتماع ماجد الفهد: "لا تزال التقنية الحديثة تعبث بأطفالنا وتحرمهم روعه الطفولة وأعمال اللهو والبراءة التي ولدوا عليها، كلّ ذلك بسبب الأهل وعدم تقييدهم لأطفالهم بتحديد أوقات معينة لاستخدام هذه الأجهزة الإلكترونية، خاصة بعد انتشارها بشكل كبير، بل إن بعض الآباء يرى أن انشغال الابن أو الابنة بالجهاز الإلكتروني أفضل من بقائه وإزعاجه لهم في المنزل، متناسين تماماً ما يسببه هذا اللهو من عزلة جسدية وفكرية تؤثر فيه مستقبلاً، حيث إنّ هذه التقنية وبرامجها وألعابها أصبحت عالمه الافتراضي الذي يعيش ويقضي يومه بأكمله فيه ليصطدم في النهاية بالواقع، بل ويصعب على البعض التأقلم مع غيره من الناس"، مضيفاً: "يزداد الأمر سوءاً حينما يعاقب الآباء أطفالهم في حال عدم قيامهم بالواجبات الاجتماعية والمدرسية أو عدم سماعهم أوامرهم بحرمانهم منها، ما يسبب لهم صدمة بين لهو يعيشونه وواقع يصطدمون به". ويكمل د. الفهد: "نعم الطفل يحتاج للّعب وللترفيه عن نفسه ولكن في أوقات محددة ومع وضع قواعد من الوالدين سواء داخل المنزل أو في الاجتماعات العائلية، فالطفل في هذه المرحلة هو في حالة تعرف واستكشاف للحياة يجب أن يتعامل مع من هم في عمره من الأطفال وعدم السماح له بالانزواء خلف تلك الشاشات وبرامجها وتقنياتها التي تنعكس سلباً على صحته، ونفسيته، وأسلوبه لينشأ بعدها شخصاً يصعب عليه التعامل مع مجتمعه المدرسي والعملي، ولا ننسى وجوب التأكيد على الرقابة من قبل الأهل على أبنائهم وأجهزتهم حيث إنّها أصبحت تتيح ما لا يوافق ولا يتماشى مع ديننا وتربيتنا الإسلامية".►

ارسال التعليق

Top