ليث العراقي
الرأي السائد الآن لدى علماء النفس أن شخصية الإنسان تُحدد بعاملين اثنين هما: البيئة والوراثة وتعتبر العوامل البيئية هي الأهم في الوقت الحاضر بينما في الماضي كان عامل الوراثة يعتبر هو الأهم.
هذا يعني أنّ الطفل ليس نسخة من أمه وأبيه، بل هو محصلة لعوامل البيئة والوراثة معاً، وتلعب العوامل البيئية دوراً مهما في توجيه الطفل وإكتسابه لسلوكيات معينة.
وهذا ما يقوم به الوالدان حيث يوجهان الطفل ويعلمانه أشكال معينة من السلوك يعتقد الوالدان أنها صحيحة.
هناك نوعاً مهماً من التوجيه يغفل عنه الكثير من الآباء ألا وهو السلوك الشخصي للوالدين. لقد لاحظت أنّ الكثير من الأُمّهات يبالغن في وصف الأحداث كالمرض مثلاً، فحالة ارتفاع بسيط في الحرارة لدى الطفل تصفها الأم بأنها تطلبت علاجاً في المستشفى. انّ هذا يعطي انطباعاً بأنّ المبالغة في وصف الحدث (والتي هي شكل من أشكال الكذب) هو أمر مقبول.
أمّا إذا كان الصدق أمر تمارسه في حياتك اليومية وتعطيه الأهمية الكبرى فإنّ الطفل سينشأ على مثل هذه المفاهيم ويتنباها بدون أن تقول له أنّ الصدق واجب.
وأذكر المثاليين التاليين الواقعيين لتأييد وجهه نظري حول أهمية سلوك الوالدين: نبهني أحد أصدقائي أثناء تواجدنا معاً لأداء الصلاة إلى أحد الأطفال حيث كان يصلي بدون حركة أو إلتفات بخلاف أقرانه الذين يتكلمون أو يلتفتون أثناء الصلاة.
وفي المساء تعرفت إلى والد الطفل ولاحظت أن هذا الأب يجلس أيضاً بخشوع في الصلاة ولا يتحرك أو يلتفت بتاتاً أثناء الصلاة ولما تحدثت معه حول عدم إلتفات ابنه أثناء الصلاة أجابني أنّه لم يفكر في هذا الشيء بل وحتى أنّه لم يطلب من ابنه الصغير شيئاً كهذا.
كما حدثني أحد الأصدقاء ان ابنه الصغير يستعمل ساعة منبهة لإيقاظه لصلاة الصبح ولما سألته ما الذي جعل ابنك يعمل هكذا أجابني انّه هو نفسه لديه ساعة منبهة لإيقاظه لصلاة الفجر في وقتها الشرعي.
وهكذا لو كنت تقرأ القرآن الكريم أمام أبنائك فسيفعلون نفس الشيء.
هذه الأمثلة الواقعية تعكس كلها أهمية سلوك الوالدين في تنشئة الطفل وإكتسابه الأخلاقيات والعادات والمفاهيم والتي سينقلها بدوره إلى أبنائه وأفراد مجتمعه.
ارسال التعليق