• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور اللعب في تعزيز ذكاء الطفل

محسن أحمدي*

دور اللعب في تعزيز ذكاء الطفل
للعب دور حاسم فيما يشهده الطفل من نمو جسمي وتقوية حواس وتعزيز في الذكاء وقوة الإبداع. فالمواليد والأطفال يتعلمون أشياء كثيرة عن طريق اللعب بل تتحدد طريقة التعلم لدى الأطفال الصغار باللعب لأنّهم يستخدمون أيّة وسيلة باعتبارها وسيلة لعب يتسلون بها.

وبتنوع وسائل اللعب التي يوفرها الأبوان للطفل أو الألعاب المختلفة التي يخططون لها يزداد حظ الطفل مما ينعم به من ذكاء ومواهب. استخدم كل ما بوسعك في مجال لعب الأطفال ووسائل لعبهم. استغل قصارى قابلية إبداعك في هذا المضمار. لا حاج لك إلى صياغة ألعاب منتظمة وذات مبادئ خاصة. بل إلجأ إلى أي عمل باعتباره لعباً. وبزيادة سن الطفل ابدأ تدريجياً بدعم ألعابه بقواعد وقوانين خاصة.

إننا انتهجنا أسلوب التوجيه العام فيما أوردنا في هذا المجال. على هذا لا تكتفوا بهذه الأمور بل اجهدوا لتوسيع نطاقها بأنفسكم.

 

أهمية اللعب:

يمثل اللعب جزء من نهج الحياة من وجهة نظر الطفل الذي يعتبره ضرورة من الضروريات الأولية في الحياة شأنه شأن الأكل. أما الكبار فإنّهم يعتبرون اللعب نشاط ثانوي وتسلية وأداء يزيل الإرهاق الذي يصيب الإنسان بسبب نشاطاته الأصلية. لابدّ للأبوين أن يستوعبا تباين مكانة اللعب لدى الأطفال عما تمثله بالنسبة للكبار، فهو كما ذكرنا، جزء أساسي من حياتهم.

يلتذ الطفل من ممارسة اللعب دون أن يشعر بالإعياء جراء ذلك. إنّه على استعداد للاستغناء عن الأكل وعن النوم على أن لا يحرم من اللعب. يختبر الطفل أثناء ألعابه وسائل متنوعة وأعمال مختلفة. ويتعرف بذلك على ما يحيط به. وهذا ما يجعلنا نقول أن ما يقوم به الطفل ليس لعباً بل أنّه يجري اختباراً كما يفعل أي عالم صغير. وعلى هذا النحو لا يعتبر القسم الأكبر من حياته لعباً بل تمحيص واختبار.

فالأعمال البسيطة التي يعتبرها الكبار لعباً لا تبدو هكذا بالنسبة للطفل، فالطفل يدحرج الكرة ولكنه لا يهدف بذلك إلى التسلية بل يدحرجها لرغبته في التوصل إلى معرفة ماذا يحدث إن هو سدد للكرة ضربة. فينقذ هذا الإجراء مراراً ليطمئن ما إذا كانت النتيجة ذاتها تحدث في جميع المرات أو أنها حدثت لمرة واحدة اعتباطياً، بعد ذلك يلجأ إلى تغيير نوع الضربات وشدتها و... ثمّ يسدد ضرباته إلى أشياء مختلفة ويتعلم من خلال كل حركة أمراً ما.

يعتبر اللعب اهم عامل فاعل في النمو الجسمي والاجتماعي والأخلاقي والعاطفي والعقلي للطفل وفي نمو شخصيته. فالطفل يختبر قضايا الحياة ويتعلم خواص الأشياء وأسلوب التعامل مع البيئة المحيطة به من خلال اللعب. ويحدد الكثير من المربين اللعب باعتباره الأسلوب الأمثل لتعليم الطفل وتنشئته.

ومن مردودات اللعب الأخرى تحقيق النمو العاطفي وتنامي العلاقات الاجتماعية لدى الطفل. فالطفل يستوحي من اللعب وخاصة اللعب الجماعي أسلوب الارتباط مع الآخرين. ويبذل أثناء اللعب قصارى جهده في التدرب على نمط الانسجام والتوافق مع بيئته ورفاقه. إنّه يعرب عن مشاعره ويكشف عن مخاوفه وهواجسه وصداقاته و... ويحل مشاكله عن طريق اللعب.

يلعب الطفل أدواراً مختلفة في ألعابه ويزداد من خلالها معرفة بنفسه وبمواهبه. ويستعد بهذا الأسلوب لتطوير مستوى أدائه لأدواره المستقبلية في سنين الكبر ويكشف أثناء اللعب كذلك عن رغباته وقابلياته ليتسنى له التوصل إلى طريقة إحراز أعلى درجة ممكنة من التقدم والنجاح في المستقبل. على هذا يتعين على الوالدين الالتفات إلى أن:

1-  يولوا اهتماماً كبيراً بلعب المواليد والأطفال ولا يحسبوه أمراً عابثاً لا طائل له، وأنّه اتلاف للوقت. وأن لا يسأموا من لعب الأطفال.

2-  يوفروا وسائل مختلفة للعب الأطفال. ويهيئوا لهم ظروفاً تزيد من رغبتهم في ممارسة اللعب. يجب أن لا يكون سلوك الأبوين مدعاة عزوف الطفل عن اللعب خوفاً أو خجلاً.

3-  يتحاشوا التدخل في لعب الأطفال أو فرض طريقة اللعب أو ضوابطه عليهم بل تركهم يلعبون بطريقتهم المفضلة.

4-  لا يحاولوا تبديل اللعبة التي يمارسها الطفل بحجة أنها عابثة أو بسيطة أو مكررة كثيراً. بوسعهم بالطبع أن يقترحوا على الطفل ألعاباً أخرى أو يوفروا له وسائل لعب جديدة وأن يبدأوا تعليمه كل من الألعاب بممارستها بأنفسهم أوّلاً حتى يعتاد الطفل على أدائها.

5-  يثيروا انتباه الأطفال أنفسهم لحاجتهم إلى القوانين والضوابط في الألعاب الجماعية، وإلى تقرير هذه القوانين بأنفسهم ويحصروا دورهم بتوجيه الأطفال إن طلبوا منهم الدعم. وفي غير هذه الحالة لا تحددوا لهم القوانين. لا يهم إن كانت قوانين الأطفال تختلف عن القوانين العادية. لا داعي للقلق إن أقروا للعبة كرة القدم مثلاً قوانين غير القوانين المألوفة. فهدفكم من ممارسة الطفل لهذه اللعبة ليس اعداد لاعب كرة قدم متمرس بل تهيئة مستلزمات نموه العقلي، فبوسعه فيما لو رغب في المستقبل اختيار ممارسة لعبة القدم مهنياً له أن يتعلم القوانين الواقعية الصحيحة خلال ساعات.

 

*خبير في علوم التغذية

 

 المصدر: كتاب إذا أردت طفلاً ذكياً

ارسال التعليق

Top