إنَّ التزام قضية الإمام الحسين (عليه السلام) تحمّلنا مسؤولية أن نقف حيث وقف، وأن نتحرّك حيث تحرك. إنّه كان يتحرك من أجل طلب الإصلاح في أُمة جدّه، فهل نتحرّك في خط الإصلاح في أُمة جدّ الحسين (عليه السلام)؟ كان يتحرك في خط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلنتحرك في هذا الخط. الحسين (عليه السلام) كان ينفتح على الله بكل حياته، ويضحّي في سبيل الله بكلّ حياته. يجب أن لا نعتبر العظماء الذين نقّدسهم ونتقرّب إلى الله بهم أشخاصاً انتهوا إلى صفحات التاريخ، بل يجب أن يستمروا إشراقاتٍ في كلِّ طرقنا المظلمة، (إنّما يُرِيدُ اللَّهُ ليُذهبَ عنكُم الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطَهِّرَكُم تَطهيراً) (الأحزاب/33).
كان الإمام الحسين (عليه السلام) يفسح في مجلسه أو في المجلس الذي يحضره، لتنوّع الحديث، بحيث كان كلّ واحد من الجالسين يُدلي برأيه، ليحدّد مفهومه لعنوان من العناوين هنا وهناك، فيشاركهم الرأي في موضوع الحديث. فأهل البيت (عليهم السلام)، وهم القمّة في الفكر، كانوا لا يصادرون آراء الناس من حولهم، بل كانوا يريدون لهم أن يعبّروا عن أفكارهم بين أيديهم، ليصحّحوا لهم ما أخطأوا فيه، وليثبّتوا لهم ما أصابوا فيه، فأهل البيت (عليهم السلام) يؤمنون بأنّ على الإنسان أن يفكّر، وأنّ على القيادة أن تشجّع أتباعها على أن يفكّروا، لتفكّر معهم أوّلاً، ولتعطيهم الفكرة في ما يجهلونه ثانياً.
لذلك، فنحن نعيش الفرح بالحسين (عليه السلام)، الفرح الرّسالي والفرح الروحي، حتى إن دموعنا تبتسم لمواقفه، ومشاعرنا الحزينة تغرّد لفدائه الدين بروحه، لأن الحسين (عليه السلام) لم يعش حزناً في معنى الذات، ولكنه عاش حزناً في معنى الرسالة، ولذا، يتعيّن علينا أن لا نعيش الفرح في معنى الذات، ولكن الفرح في معنى الرّسالة، الفرح الذي يستبطن السرور بالألم، لأنّه في ذات الله، وفي عين الله، ومن أجل دين الله.
هذا ما يجب أن نتمثّله في حياتنا المعاصرة، وحياتنا في الواقع كمسلمين وكمؤمنين وكرافضين لكل كفر، ولكل طغيان، ولكل ظلم في حياتنا... إذا أردنا أن نكون منسجمين مع الخط الإسلامي القرآني الإيماني، فحياتنا يجب أن تكون ثورة مستمرة تتحرك في إطار تغيير الواقع، قد تكبر هذه الثورة وقد تصغر، لكنها في الأحوال كلها يجب أن تستمر. ذلك هو شأن الإنسان المسلم المؤمن بالله. وإذا كان هذا هو هدفنا في حياتنا، فإن معنى أن نتحرّك في الحياة هو أن تكون حياتنا جهاداً مستمراً، من أجل إقامة الحق ومن أجل إزهاق الباطل.
الحسين (عليه السلام) علّمنا من خلال سيرة حياته أنّه هادئ، ويفكر بالحساب، ولا يعيش التأزم. ولقد حدد الإمام السعادة استناداً إلى فهمنا للحياة والإيمان، فقال: إن السعادة انسجام الحياة مع المبادئ، والراحة أن يكون الناس الذين تعيش معهم منسجمين مع خطّك، الإنسان الّذي يعيش بعيداً عن مبادئه تكون حياته شقاءً، لهذا كانت قضية الحسين (عليه السلام) خطّاً، وليست حالة نفسية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق