إذا سألت مجموعة كبيرة من الأطفال حول العالم إذا كانوا يحبّون الحلويات أم لا؟ فالأغلبية الساحقة منهم سيكون جوابهم: "نعم". ليس من المستغرب أنّ معظم الآباء والأُمّهات يعرفون بحب أطفالهم للحلوى ويقومون بمكافئة أطفالها بها. مَن الملام هنا: الأطفال أم الأهل؟ تشير الأبحاث الجديدة إلى أنّ حبّ الأطفال للحلويات قد يكون أمراً بيولوجياً ولا أحد مُلاماً عليه.
- الأطفال يُفضِّلون المذاق الحلو أكثر من الكبار:
فلقد أشارت الأدلة العلمية الحديثة إلى أنّ الأطفال لا يفضِّلون السكريات أكثر من البالغين فقط، ولكنهم يشتهون السكر منذ اليوم الأوّل. فإننا نعرف أنّ الطفل الرضيع يمكنه أن يكشف الطعم الحلو بسهولة، فهو سوف يفضِّل الشراب أو الطعام الحلو عن قرينه الأقل حلاوة. ويفسِّر بعض العلماء ذلك على أنّ هذا التفضيل والحب للطعم الحلو هو غير مكتسب، بل هو موجود في بيولوجية الطفل قبل ولادته.
فعلى عكس الكبار، الذين كثيراً ما يجدون الأشياء المفرطة في الحلاوة غير لذيذة، فإنّ الأطفال لا يشعرون بهذا الإفراط في الحلاوة مثل الكبار، وذلك لأنّ حواس التذوُّق لديهم تختلف كثيراً عن الكبار. فما هو شديد الحلاوة عند الكبار قد يكون متوسط الحلاوة عند الأطفال. ويقول العلماء إنّ ذلك لا يقتصر على الحلاوة، ولكن الملوحة أيضاً. فهناك أطفال تحب المأكولات المالحة وإن كانت ملوحتها مفرطة. وهذا الاختلاف في القدرة على التذوُّق لا يتغير حتى عمر المراهقة المتأخرة.
- النمو قد يكون السبب وراء حب الأطفال للسكر:
عندما قام الباحثون بإعطاء البالغين والأطفال المياه المخلوطة مع كميات مختلفة من السكر، فضَّل الكبار تركيزات السكر المماثلة لتلك الموجودة في الصودا. أمّا الأطفال، فضَّلوا التركيز الذي كان ضعف ذلك. أمّا الأطفال الأصغر سنّاً، ففضّلوا تركيزات أكبر من ذلك.
يشتبه بعض العلماء أنّ التغيير الذي يحصل على تفضيل الطفل للسكر في مراحل متعددة من عمره عائد لمجموعة من التغييرات التي تحصل للجسم والمتعلقة بالنمو. ففي أحد الإختبارات أعطى الباحثون المياه المخلوطة بالسكر للمراهقين، وبنفس الوقت قاموا بإجراء عدد من الفحوص عليهم. وما وجدوه هو أنّ الأطفال الذين لم يكتمل لديهم النمو بعد فضّلوا التركيزات الحلوة مقارنة مع الأطفال الذين توقف النمو لديهم والذين كانت أعمارهم تتراوح بين سن 51 أو 61 سنة.
لا يعرف العلماء بالضبط كيف يعمل كل هذا.. فالعلاقة لا تزال إلى حدٍّ ما غامضة، ولكن يشتبه بعضهم أنّ بعض الهرمونات التي اكتشفت حديثاً أنها تفرز من قبل العظام خلال فترة نموها والتي تؤثر في عملية التمثيل الغذائي قد يكون لها دوراً كبيراً جداً في تفسير هذه العلاقة. فأظهرت الدراسات أنّ هرمونات الأيض الأخرى مثل اللبتين والأنسولين ترسل رسائل لمناطق معيّنة في الدماغ تتحكّم بالرغبات والشهية، وحتى تتحكّم بحاسّة التذوُّق عند الإنسان. ومن غير المستبعد أن يكون للهرمونات التي تفرز من العظام نفس التأثير الذي ذكرناه.
سوف يتطلب هذا الأمر المزيد من الأبحاث والدراسات للكشف عن السبب الحقيقي لهذه الظاهرة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق