◄الإبداع ظاهرة إنسانية طبيعية وليس قاصراً على ذوي الموهبة. وهذا معناه أنّ الإبداع موجود لدى البشر بدرجات متفاوتة، وأساليب متنوعة. وبذلك يصبح التحدي الحقيقي أمام الإنسان أن يفهم ويُوظِّف ما لديه من إمكانات إبداعية، وهذا التحدي هو الأساس الذي يبني عليه الإنسان معرفته بالإبداع وكيف ينمو.
إننا نعيش اليوم في عالم يحتاج قبل كل شيء إلى إنجازات علمية وتقنية متطورة جداً، وهذا ما يلقي على عاتق السياسة التربوية والتعليمية أعباء كبيرة من أجل متابعة عملية التطوُّر والتقدُّم العلمي والتقني. ومن هنا كان لعملية كشف المبدعين وتشجيعهم أهميّة بارزة في مجالات الحياة الإنسانية كافة.
وإنّ الإبداع بمعناه الضيِّق يُشير إلى القدرات التي تكون مميزة للأشخاص المبدعين. إنّ القدرات الإبداعية تحدِّد ما إذا كان الفرد يملك القدرة على إظهار السلوك الإبداعي إلى درجة ملحوظة أو عدم إظهاره، ويتوقّف على صفاته الطبيعية ومهاراته. ويشمل الإبداع الإختراع والتصميم والإستنباط والتأليف والتخطيط. والأشخاص الذين يظهرون مثل هذه الأنواع من السلوك إلى درجة واضحة هم الذين يوصفون بالمبدعين.
وتواجهنا مشكلتان في الوقت الحاضر مع الإبداع، هما:
أوّلاً: كيفية إكتشاف القدرات الإبداعية عند الأطفال والشباب.
ثانياً: كيفية تنمية شخصياتهم الإبداعية. ومع ذلك، فإننا نستطيع أن نتوقع الأعمال الإبداعية عند جميع الأفراد بغض النظر عن مقدارها ومقدار قوّتها ومقدار تكرارها.
ولكن لابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ علماء النفس مجمعون على توقع الأعمال المبدعة من الأذكياء أكثر من توقعهم إيّاها ممّن لم يرزقوا هذه النعمة، إلّا أنّ علماء النفس يتابعون القول إنّه ليس كل شخص حاد الذكاء عبقرياً والعكس هو الصحيح. أي أن كل مبدع عبقري هو حاد الذكاء.
فالإبداع ظاهرة صحّية، والاستفادة مما لدى الإنسان من إبداع يساعده على التخفيف من التوتر ويساعده على الحياة الصحّية المنتجة. فكثيرٌ مما كُتِب عن الإبداع تناول شخصيات فذة من العلماء والفنانين ممّن لديهم مستويات عليا من الإبداع وممّن عرف عنهم غرابة الأطوار أو غرابة السلوك في هذا الصدد، وتجاهل المبدعين الذين يعيشون حياة عادية.
وقد أدّى هذا إلى الإعتقاد بأنّ مَن يريد أن يكون مبدعاً فليكن غريباً في سلوكه، وهذا لا يتفق مع ما ورد في دراسات الإبداع، حيث لا يوجد من الدلائل ما يشير إلى ارتباط الإبداع بالمرض أو الإختلال، بل العكس هو الصحيح، حيث إنّ فهم الإنسان لما لديه من إبداع وكيفية توظيفه يساعده على تحقيق حياة أفضل.
والإبداع بهذا المعنى ممتع حيث يعود على الإنسان بالرِّضا والإنجاز والإثابة، فحين تتعرَّف على ما لديك من إبداع وتستطيع أن توظِّفه فسوف تشعر بالأمن والسعادة.
الإبداع يعود بالنفع على الفرد في حياته الخاصة والعملية مما يؤدي إلى رفع مستوى ونوعية الحياة بالنسبة للمجتمع ككلّ. ولذلك فالإبداع كموضوع للدرس والتطبيق موضوع هام وحاسم للجميع.
المصدر: كتاب الإبداع.. ذروة العقل الخلّاق
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق