• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

5 أسباب وراء الإفراط في الأكل

5 أسباب وراء الإفراط في الأكل

لماذا يواصل الكثيرون منا الأكل حتى بعد إحساسهم بالشبع؟

ولماذا يُقْدِمون على تناول أطعمة إضافية بشكل عشوائي من دون التقيد بمواعيد الوجبات؟ هل هناك أسباب محددة وراء انتشار ظاهرة الإفراط في الأكل هذه؟ وكيف يمكن علاجها؟

قبل أن نتمكن من القيام بأي شيء لمكافحة إفراطنا في الأكل، علينا، أن نحدّد السبب، أو الأسباب التي تدفعنا إلى ذلك أصلاً. ففي بعض الأحيان يكون سبب الإفراط في الأكل غير واضح، أو غير مباشر. ويقول الخبراء: إنّ هناك أسباباً عدة وراء انكبابنا على الأكل حتى بعد أن نشبع، أو من دون أن نكون جائعين أصلاً، وبعضها عميق الجذور، يصعب الكشف عنه بين ليلة وضحاها. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأشخاص يمضون سنوات في العلاج النفسي، قبل أن يكتشفوا الأسباب الحقيقية التي تدفعهم إلى الإفراط في الأكل. والواقع أن عدم التعرف إلى هذه الأسباب ومعالجتها يعتبر عاملاً من العوامل الرئيسة، التي تؤدي إلى فشل حميات تخفيف الوزن التي نتبعها، واحدة تلو الأخرى. فعلاج الأعراض الخارجية، وهنا زيادة الوزن، لا ينفع إذا لم نكشف عن جذور المشكلة، ونتعامل معها بالشكل الصحيح.

ونستعرض في ما يلي خمسة من الأسباب المتعدّدة، التي تدفع الكثيرين إلى الإفراط في الأكل، وسُبل التعامل معها:

 

1-    الإفراط في الأكل بفعل العادة:

تقول الأستاذة المساعدة في مختبر الصحة النفسية التابع لجامعة ماكغيل الكندية، باربل كنوبر: إن نسبة كبيرة من الناس تفرط في الأكل بحكم العادة. فيكفي أن يبدأوا يوماً بتناول كمية إضافية من الطعام، ويعملون بعد ذلك يوماً بعد يوم، ومن دون تفكير، على تكرار تناول الطعام الزائد على حاجتهم، حتى يصبح الأمر مع الوقت عادياً وطبيعياً. فليس هناك أقوى من التكرار لترسيخ أمر ما، سلبياً كان أم إيجابياً، في الذهن. وتضيف: إن هناك أسباباً عدة وراء تشكُّل عادة الإفراط في الأكل لدى الناس، وإنها قد تكون مرتبطة، في بعض الأحيان، بسلوك تعلّموه من عائلاتهم أثناء نموهم.

الحل: علينا أن ندرك ونعي أن إفراطنا في الأكل هو مجرد عادة، وأننا سنكرّره يومياً ما لم نتخذ الإجراءات الكفيلة بتغييره بشكل نهائي. ويقول الخبراء: إنّ التعرض المتكرر للأفكار نفسها أو الأفعال القديمة يضعف قدرة الدماغ على اتخاذ خطوة جديدة، ويضعه في حالة من السبات. وكلما عرضنا أنفسنا لأمر جديد، تتحسن الاتصالات العصبية بين الخلايا الدماغية، ويتعزّز الأداء الذهني، وتزداد قدرتنا على اتخاذ قرارات إيجابية، وعلى القيام بخطوات عملية لكسر قيود العادة، والبدء بتناول الطعام بشكل واعٍ.

ويقول البحّاثة في جامعة كاليفورنيا: إنّه ليس من السهل تغيير العادات المتأصلة لدينا. وهم ينصحون بعدم حصر طاقتنا في محاولة تعزيز قوة إرادتنا للتحرر من العادة السيئة، بل علينا في المقابل التركيز على تغيير الظروف المحيطة بنا، وتجنب العوامل الخارجية التي تحفّز لدينا ردود الفعل التلقائية، التي تحثنا على الإفراط في الأكل. ويقولون: إن ما نسميه عادة، سيختفي مع اختفاء العوامل المحفّزة، والروابط التي تنشأ بين الأكل والظرف الخارجي. وكان عالما النفس الأميركيان، دافيد نيل وويندي وود، قد قاما بدراسة حول عادة تناول الفشار في صالات السينما، وتبيّن لهما أنّ المشاركين الذين يقبلون على تناول الفشار، حتى القديم منه، في صالات السينما بحكم العادة، يفقدون اهتمامهم بتناوله عندما يُقَدّم لهم في محيط غير السينما.

وكان العلماء الأميركيون قد أظهروا في العديد من الدراسات أن أفضل طريقة للتخلص من عاداتنا السيئة هي الاستعاضة عنها بعادات جيدة وجديدة. وتثبيت العادات الجيدة، مثل ممارسة الرياضة، يستلزم المواظبة والتمرين الذهني. فالجزء المسؤول عن تأسيس عادة في الدماغ موجود في قسم صغير في قاعدته، وتوجد فيه بلايين الخلايا العصبية التي تستجيب بسرعة للتكرار. لذلك، فإنّ البدء في ممارسة التمارين الرياضية، والالتزام بها وتكرارها يومياً، سرعان ما سيؤدي إلى تحوُّلها إلى عادة، ويجعلها جزءاً من روتين حياتنا اليومية.

 

2-    عدم الانتباه إلى ما نتناوله من وحدات حرارية:

يقول المتخصّص الكندي في مكافحة السمنة، ريتشارد بيلفيو، من جامعة كيبيك؛ إنّ علينا نسيان كلّ شيء عن الحميات، وكلّ ما كتب عن السكر، والدهون، والبروتينات، فإذا كانت أوزاننا تزداد، فإننا بكل بساطة نتناول عدداً من الوحدات الحرارية يفوق ذلك الذي نحرقه. وإن انتشار ظاهرة زيادة الوزن تعود إلى استمرارنا في تناول وحدات حرارية تفوق حاجة أجسامنا.

ومن جهتها تعلّق كنوبر، فتقول: إن عدم معرفة الناس بالمعلومات الضرورية، يمكن أن يكون عاملاً وراء الإفراط في الأكل. فالكثيرون لا يعون أنهم يتناولون عدداً من الوحدات الحرارية يفوق ذلك الذي يحرقونه، لأنّهم بكل بساطة لا يعرفون عدد الوحدات الحرارية التي يتم حرقها في ممارسة الرياضة، ولا عدد تلك التي يتناولونها في الأطعمة والمشروبات، ولا حتى عدد تلك التي يحتاجون إليها يومياً. ويعطي بيلفيو مثالاً على ذلك، فيقول: إن زجاجة من بعض أنواع عصير الفواكه تحتوي 170 وحدة حرارية، والناس لا يعرفون أن عليهم أن يمشوا أكثر من 40 دقيقة لمجرد حرق ما تناولوه من مثل هذا المشروب البسيط، الذي يحتسونه من دون أي تفكير.

الحل: في الوقت الذي تشكّل فيه الرياضة جزءاً مهماً من نمط الحياة الصحي، إلّا أنها لا تكفي وحدها للتخلص من الوزن الزائد. وتقول كنوبر: إننا نحتاج إلى قدر كبير جدّاً من الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية لنعوّض الإفراط في الأكل، لذلك لا يمكن اعتبارها الاستراتيجية المثلى الأكثر نجاحاً في تخفيف الوزن. وتقول: إنّ الوسيلة الأفضل للتخلص من ظاهرة الإفراط في الأكل وتخفيف الوزن هي ضبط عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها يومياً.

ومن الضروري التعرف إلى عدد الوحدات الحرارية التي نحتاج إليها يومياً، إما بالاستعانة بمتخصّص في التغذية، أو بالإنترنت، التي نجد فيها العديد من المواقع، التي يمكنها مساعدتنا على تحديد ما نحتاج إليه من وحدات حرارية تبعاً للعمر، والجنس، والوزن، وغيرها. كذلك تتوافر كتيبات ومواقع إلكترونية تورد عدد الوحدات الحرارية الموجودة في معظم الأطعمة والمشروبات. وينصح الخبراء بتخصيص مفكّرة يومية نسجل فيها كلّ ما نأكله ونشربه، ونقارنه مع ما يتوجّب علينا تناوله، فهي أسهل طريقة للتحكم في أكلنا، ولتفادي الخروج من حدود المقبول.

 

3-    التعامل مع الطعام كمصدر للمواساة والراحة:

مَن منّا لا يلجأ إلى تناول عبوة كبيرة من الآيس كريم بعد تمضية يوم سيئ ومتعب في المكتب؟ ومَن منّا يجد ضيراً في الإجهاز على كيس كبير من رقائق البطاطا يحسّن مزاجنا، ويخفّف إحساسنا بالتعاسة أو بالأسف بعد مشادة مع صديق أو مع أحد أفراد العائلة؟

تقول المتخصّصة الأميركية في التغذية، لوريل ميلين: إننا نفرط في الأكل في كثير من الأحيان بسبب جوعنا العاطفي أو الانفعالي. لكنّ هذه الظاهرة تُدخِلنا في حلقة مفرغة، حيث تقوم انفعالات، مثل الاكتئاب، والتوتر، والقلق، والسأم، والخوف، والوحدة، والفراغ العاطفي بدفعنا إلى الإفراط في الأكل، الذي يؤدي بدوره إلى إطلاق المزيد من مشاعر التوتر، والاكتئاب، والسأم وغيرها.

ومن جهته يؤكد بيليفو أننا غالباً ما نأكل، ليس لأننا جائعون بيولوجياً، بل لأننا متعبون أو مكتئبون. ولكنّ الجميع يعلمون أننا لا نتوق إلى تناول طبق من الخضار في حالة تعكر مزاجنا، أو هبوط معنوياتنا، بل نتوق إلى طبق من الحلويات. فتناول الأطعمة الحلوة، مثل الشوكولاتة يجعل أجسامنا تفرز كميات صغيرة من الهرمونات، التي تساعدنا على الإحساس بالارتياح ورفع المعنويات. كذلك فإنّ الناس يتوقون إلى تناول السكر في فترات التعرض للتوتر، لأنّ الإدرينالين الذي يفرزه الجسم استجابة للتوتر يحث الجسم على حرق الغلوكوز كمصدر للطاقة عوضاً عن الدهون، وعندما نحرق الغلوكوز نتوق إلى تناول السكر، بهدف إعادة تزويد مخزون الجسم منه.

وتقول كنوبر: إنّ الناس يكثرون من تناول الحلويات في حالات التوتر، لأنّ الجهاز الهضمي يهضم السكريات بسرعة، ما يخلق لديهم استجابة مباشرة وفورية من الحبور. والسكر الأبيض هو أسرع أنواع السكريات هضماً، وهو لا يحتوي أي قيمة غذائية. لذلك، يستحسن تناول الفاكهة عند الإحساس بالتوق إلى طعام حلو.

ويقول علماء النفس: إنّ هناك ديناميات عدة تلعب دوراً في تحديد علاقة كلّ منا بالطعام. فواحد من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الأهل هي افتراضهم أن كلّ مرة يبكي فيها طفلهم يكون جائعاً. ونجد الكثيرين منهم يسرعون إلى إحضار زجاجة الحليب وإرضاع الطفل كلما أصدر أصواتاً أو بدا مضطرباً. وللأسف يؤدي ذلك إلى برمجة الطفل بحيث يصبح معتاداً على الأكل من أجل أن يشعر بالراحة. ثمّ يكبر الطفل وهو يربط بين الطعام والراحة، من هنا جاءت عبارة "الطعام المريح". لكنّ هذا لا يعني أن بقية الناس الذين لم يتعامل معهم أهلهم بالطريقة نفسها، لا يلجأون أبداً، هم أيضاً، إلى الطعام لمواساة أنفسهم من وقت إلى آخر. ولكنّ هناك فرقاً بين التوق إلى هذه الأطعمة المريحة، أحياناً، وبين القيام بذلك يومياً.

الحل: علينا أن ندرك أنّ الحبور الذي نشعر به نتيجة تناول الأطعمة الحلوة أو الغنية بالدهون ليس حلاً طويل الأمد، وأنّه سرعان ما سيختفي، ويتركنا في حالة من الهبوط في مستويات الطاقة والمعنويات.

لكنّ هذا لا يعني أنّه يتوجّب علينا حذف كلّ الأطعمة المفضّلة لدينا من نظامنا الغذائي. ويقول بيلفيو: إذا ذهبنا إلى مطعم، ووجدنا أنّ البطاطا المقلية أو الكعك بالشوكولاتة لديه جيدين ولذيذين، يمكننا أن نأكلهما. لكن، يجب أن نعتبرهما بمثابة احتفال. فربط الأطعمة المهدئة بالأحداث الإيجابية عوضاً عن مشاعر الحزن والذنب، يساعدنا على التحكم في كمية ونوعية الأطعمة الحلوة والدسمة التي نأكلها.

ومن جهتهم يقول البحّاثة في المؤسسة الأميركية لعلم نفس التغذية: إنّ الإفراط في الأكل ينتج عن استجابتنا التلقائية للنداء الذي يطلقه الجسم، وهو "أريد المزيد من الطعام"، من دون وجود مبرر بيولوجي لذلك. وإننا إذا دقّقنا في الأمر بشكل أعمق فإننا سنجد أن "أريد المزيد من الطعام" تساوي "أريد المزيد من الحب، أو الاهتمام، أو العاطفة، أو حرية التعبير، أو غير ذلك"، فما يبدو لنا أنّه جوع لا يمكن إشباعه، هو في الحقيقة رسالة أعمق من ذلك تستوجب انتباهنا. وهم ينصحن كلّ من يفرط في الأكل بالإصغاء جيداً إلى حاجاته الفعلية، والتعرف إلى رغباته الحقيقية، والعمل على تحقيقها وتلبيتها. فالجاتوه بالشوكولاتة لن يشبع رغبتنا في التواصل مع الآخرين، أو رغبتنا في الراحة والاسترخاء. فهو قد يكون قادراً على إسكات الرغبة الفعلية أو تخديرها لفترة قصيرة، لكنها ستعود أكثر قوة.

 

4-    الأكل بسرعة:

كلّ الدراسات الحديثة تؤكد أنّ النصيحة القديمة التي تدعونا إلى مضغ طعامنا ببطء كي نكافح السمنة، هي صحيحة جدّاً ومفيدة. ويقول بيليفو: إنّ الأكل بسرعة يؤخّر استجابة الدماغ إلى إشارات الشبع التي تنطلق من الجسم. وعندما لا يستجيب الدماغ في الوقت المناسب، نعتقد أننّا لا نزال جائعين، في الوقت الذي كلّ ما تحتاج إليه أجسامنا هو بعض الوقت لإيصال رسالة الشبع إلى الدماغ. ويشرح المتخصّص الأميركي، الدكتور دافيد كاتز، فيقول: إن هناك سببين يجعلاننا نتوقف عن الأكل: الأوّل هو إحساسنا بالشبع وبالرضا، والثاني هو نفاد الطعام أمامنا. ولبلوغ الإحساس بالشبع والرضا، هناك تفاعلات فيزيولوجية عدة يجب أن تحدث. مثال على ذلك، تحتاج الهرمونات إلى الانتقال من الأمعاء إلى الدماغ، حاملة الرسالة والمعلومات عن كيفية سير عملية الأكل. كذلك فإنّ الطعام يحتاج إلى بعض الوقت لبلوغ المعدة، وتنشيط وحدات التمدد داخل المعدة (التي تطلق إشارة الامتلاء) يمكن أن يكون يطيئاً، وإذا أكلنا بسرعة، فإن رسالة الشبع قد تأتي متأخرة، أي إنّها تفشل في وقايتنا من الإفراط في الأكل.

وقد ظهرت النتائج السلبية لسرعة تناول الطعام في القوام، في دراسة حديثة نشرتها المجلة الطبية البريطانية، وقام بها البحّاثة اليابانيون وشملت 3300 شخص. ويقول البروفيسور، هيروياسو أيسو، الذي أشرف على الدراسة: إنّها جاءت لتؤكّد ما أظهرته الأبحاث السابقة من وجود علاقة وطيدة بين الأكل بسرعة وبين ارتفاع مؤشّر كتلة الجسم وزيادة الوزن. وقام البحاثة اليابانيون بمراجعة العادات الغذائية للمشاركين، الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و69 سنة، وكانت ما نسبته 33% من الرجال و22% من النساء بينهم من أصحاب الأوزان الزائدة. وطُلب من المشاركين الإجابة عن لائحة من الأسئلة المتعلّقة بعاداتهم الغذائية، بما فيها سرعة الأكل ودرجات الشبع. وتبيّن أن إمكانية معاناة زيادة الوزن تزداد بمعدل 3 أضعاف لدى الرجال والنساء الذين يجمعون بين الأكل بسرعة وتناول الطعام حتى بلوغ الشبع التام، وذلك مقارنة بأولئك الذين يأكلون ببطء، ويتوقفون عن الأكل قبل بلوغ أقصى درجات الشبع.

الحل: يتوجّب علينا بكل بساطة التمهل في تناول الطعام، وتخصيص ثلث ساعة على الأقل لكل وجبة، كي يتمكن الجهاز الهضمي من إيصال رسالة الشبع إلى الدماغ. وتقول كنوبر: إن علينا أن نتوقف عن الأكل عندما نشعر بأننا بلغنا درجة الشبع المعتدل. فحتى لو كنا لا نزال جائعين قليلاً مع نهاية الوجبة، علينا، أن نتذكر أنّ الإحساس بالشبع سيأتي بعد وقد قصير، ولا ضرورة إلى سكب كمية ثانية من الطعام في أطباقنا.

 

5-    تأثير الأصدقاء:

أظهرت دراسة أميركية حديثة، نشرتها المجلة الدولية لاضطرابات الأكل، أنّ النساء يشعرن بالاضطرار إلى مماشاة صديقاتهن، وتقليد عاداتهنّ الغذائية والتقيد بها، ولا يترددن في التهام محتويات عبوة كبيرة من الآيس كريم، إذا أقبلت صديقاتهنّ على ذلك. وتبيّن أنّه كلما كانت الصديقات أكثر قرباً ازداد تأثيرهنّ في عادات بعضهنّ الغذائية.

كذلك أظهرت دراسة أخرى نشرتها مجلة علم النفس العيادي والاجماعي، وأشرفت عليها عالمة النفس الأميركية، جولي اكسلين، أنّ الأشخاص الذين يسعون إلى إرضاء الآخرين، يميلون إلى الإفراط في الأكل في المناسبات الاجتماعية في محاولة لجعل الآخرين يشعرون بقدر أكبر من الارتياح. فهم يشعرون بأنهم مجبرون على الأكل، بغض النظر عن كونهم جائعين أم لا، من أجل مماشاة الآخرين حولهم في طريقة أكلهم. لكن المشكلة تكمن، كما تقول اكسلين، في أن هؤلاء الأشخاص يندمون على خياراتهم هذه فيما بعد، فهم يستاءون من اضطرارهم إلى الخضوع للضغوط الاجتماعية.

وقد شملت الدراسة المذكورة 101 طالباً جامعياً، تبيّن على إثرها أن أكثر الأشخاص خضوعاً للضغوط الاجتماعية، بما فيها تناول الطعام في أوقات وكميات مخالفة لرغباتهم، هم أولئك الذين يسعون أكثر من غيرهم إلى إرضاء الآخرين، ويقلقون من إزعاجهم، ويضعون حاجات الآخرين قبل حاجاتهم الخاصة، ويكونون أكثر تحسساً للانتقادات التي توجّه إليهم. وتقول اكسلين: إنّ الأشخاص الذين يسعون إلى إرضاء الآخرين يشعرون بقدر أكبر من الضغوط لتناول الطعام، إذا كانوا يعتقدون أن قيامهم بذلك سيساعد على جعل الشخص الآخر يشعر بقدر أكبر من الارتياح.

ومن جهتهم قام البحّاثة في جامعة رادبود الهولندية بتجربة شملت 140 امرأة، يأكلن معاً في صالة صمّمت على شكل مطعم. وقاموا بمراقبتهنّ عن طريق كاميرا خفية. وتبيّن للبحاثة أنّ النساء يملن إلى تقليد بعضهنّ بعضاً في طريقة وسرعة تناول الأكل وكمياته. ويعلّق عالم النفس، رويل هيرمانز، الذي أشرف على الدراسة، فيقول: إنّ وجود الآخرين حولنا يؤثِّر كثيراً في كمية الطعام التي نأكلها في الوجبة. وقد أظهرت العديد من الدراسات أنّ الناس يميلون إلى تناول كمية أكبر من الطعام عندما يكونون بصحبة الآخرين، مقارنة بما يفعلونه عندما يأكلون بمفردهم. ومن المعروف أن استهلاك الفرد للطعام يمكن أن يتغيّر بفعل عادات شريكه الغذائية. كذلك أظهرت الأبحاث أن إمكانية معاناة زيادة الوزن أو البدانة تزداد لدى الفرد إذا كان أفراد عائلته وأصدقاؤه من السِّمان، مقارنة بالفرد الذي يحيط نفسه بأشخاص نحفاء.

الحل: لابدّ من التنبه إلى تأثير الآخرين في طريقة أكلنا، وتركيز انتباهنا على علامات الجوع ورسائل الشبع لدينا، عوضاً عن الانجرار إلى تقليد الآخرين.

ارسال التعليق

Top