لماذا يجعلنا المزاج السيئ نتجه نحو التهام المزيد من الطعام والحلويات؟
تستطيع بكل سهولة عادة أن تتحكم بمقدار الطعام الذي تتناوله في اليوم العادي أو في المناسبات والولائم، لكنك تفقد السيطرة على الكميات التي تتناولها عند مرورك ببعض الضغوط أو المشاجرات مع المقربين منك!.
هذا ما يعرف بالأكل الانفعالي، الذي ينسب له فشل معظم حميات تخفيف الوزن، حتى أنّ الخبراء يجزمون أن 75% من حالات تناول الطعام الزائد تكون بسبب مرور المرء بحالة مزاجية صعبة، وليس بسبب الجوع!
الأكل العاطفي تحت المجهر:
يتفق الباحثون في مستشفى ميريام بالولايات المتحدة مع الرأي القائل بأنّ الكثيرين يتناولون الطعام بسبب حالتهم المزاجية، حيث وجدوا أنّ المثيرات الداخلية تعيق فقدان الوزن بدرجة أكبر من المثيرات الخارجية، وقد أثبتت دراسة أجريت في المختبر القومي في بروكهافن أنّ المرأة أكثر استعداداً من الرجل لتناول الطعام بناءً على حالتها المزاجية، إذ أخضعت الدراسة 20 متطوعاً من الرجال والنساء لفترة من الصيام دامت 20 ساعة، ومن ثمّ عرضت أمامهم أصناف طعام مفضلة لديهم بعد أن زُوِّدوا بتعليمات بضرورة مقاومتها، وكانوا أثناء ذلك يخضعون لتصوير أنشطة الدماغ.. فبينت المسوحات الدماغية أنّه بينما نجح الجميع في تجنب إغراءات الطعام، إلا أنّ التغيرات في المسوحات الدماغية الخاصة بالانفعالات كانت أكبر عند النساء.
والظاهر أنّه يمكن للانفعالات أن تخلق حالة شعور بجوع حقيقي، إذ ثمة ارتباط بين تلك الانفعالات وعمل الجسد، فالمواد الكيميائية التي تنظم الشهية في الدماغ تبقى متزنة في كمياتها إلى أن يمر المرء بتجربة انفعالية غير سارة، فيتأثر ذلك التوازن، ويحاول الدماغ أن يعوض عن ذلك بأن يدفع المرء لالتهام الطعام.
دور الدماغ في الأكل العاطفي:
عند المرور في يوم شاق وعصيب، ينخفض إنتاج الدماغ للناقل العصبي (السيروتونين Serotonin) المسؤول عن التخفيف من مشاعر القلق، ويترجم هذا الانخفاض ذاته بزيادة العصبية والشهية، وثمة عوامل أخرى تؤثر سلباً على مستوى السيروتونين من قبيل الإرهاق وقلة النوم وقلة الجنس وقرب انقطاع الطمث، وتتأثر المرأة بانخفاض السيروتونين أكثر من الرجل، نظراً لأن مستوياته الطبيعية عندها أقل بحوالي 25% مما هي عند الرجل.
ويسعى الدماغ حينئذ في طلب المزيد من النشويات والسكريات التي تحتوي على الحمض الأميني (التريبتوفان Tryptophan) الضروري لتشكيل السيروتونين في الجسم.. وحالما يتلقى الجسم النشويات والسكريات يزداد إنتاج السيروتونين بشكل ملحوظ إلى حين الانتهاء من الهضم، حيث تبدأ مرحلة انحسار السيروتونين عند انخفاض كميات السكر في مجرى الدم، فينتهي الأمر بتناول كمية أكثر من الكربوهيدرات!
هل الأكل الانفعالي حالة جوع حقيقي؟
على الرغم من أنّ المرء يشعر بأنّه جائع فعلاً، إلا أنه ليس ثمة علاقة بين الأكل الانفعالي والجوع.. بل إنّ الكثير من حالات الأكل الانفعالي تحدث بعيد تناول الوجبات الرئيسية، ويقول الخبراء أنّ الجوع أصلاً ليس سبباً للإفراط في تناول الطعام.
ومن ناحية أخرى فإن قلة السيروتونين تعيق القدرة على تحسس الشبع، فيتجه المرء نحو الشراهة، في حين أنّه ليس جائعاً في الأصل، ومن ثمّ يصبح من الصعب مقاومة الأطعمة المفضلة، أي وبعبارة أخرى فإن أصحاب الأكل الانفعالي لا يأكلون بسبب سعيهم لتخفيف توترهم ومشاعرهم السلبية فحسب، بل لأنّ الأكل يجعل مزاجهم أفضل مما هو عليه في تلك اللحظة، وهكذا يربط الدماغ بين الأكل العاطفي وإطلاق المواد الكيماوية المحسنة للمزاج، ويكتسب المرء تلك العادة طوال العمر.
وينبغي التمييز بين تناول بضع قطع من الحلوى بين اليوم والآخر كي يشعر الإنسان بتحسن المزاج، وهذا يعتبر أمراً طبيعياً، وبين الأكل الانفعالي الذي يتسم باندفاع المرء لتناول كميات كبيرة من الطعام ولعدد من المرات يومياً.
كيف تتحكّم بالأكل الانفعالي:
1- لا تدع مجالاً للجوع:
إنّ تفويت وجبة طعام في اليوم يزيد من الرغبة في تناول طعام حلو المذاق.. ويساعد تناول طعام متوازن مؤلف من الكربوهيدرات والبروتين والدسم في جعل مستوى السكر ثابتاً في الجسم.. وهكذا يمكن للمرء تناول بعض المأكولات الصحية للتسلية بين الوجبات مثل الخضراوات والفاكهة والفول السوداني واللبن.
2- حدد سبب شعورك بالجوع:
يمكن الاحتفاظ بمفكرة على مدى أسبوع واحد يحدد المرء فيها ما يتناوله من طعام وتقلبات مزاجه قبل تناول الطعام.. وحالما تحدد الأسباب التي تدفعك لتناول الحلويات، فإنك تستطيع بالتالي اتباع طرق للتخفيف منها.
3- التريث قبل تناول الطعام:
يزداد إلحاح الجسم طلباً للطعام خلال عشرين دقيقة من المرور بتجربة انفعالية، وتلك هي الفترة الزمنية التي يستغرقها الجسم ليعيد السيروتونين لنسبه الطبيعية وليخفف مستوى هرمون الشدة، فإذا تمكن المرء من مقاومة الرغبة في تناول الطعام خلال تلك المدة، فإنّها تمر بسلام وسيخبو طلبه للطعام بعد ذلك.
4- الشرب بدلاً من الأكل:
تكشف منطقة ما تحت المهاد في الدماغ عن العطش والجوع على حد سواء، كما أنها مسؤولة عن ضبط التغيرات المزاجية، ولذلك يمكن مواجهة الرغبة في تناول الطعام بشرب الماء أو الشاي منزع الكافيين (نظراً لأنّ الكافيين قد يزيد من مستويات هرمون الشدة).
5- تناول العلكة:
إذا كان ولابدّ أن تتناول شيئاً لتخفف من مقدار الانفعال، فيمكنك تناول العلكة التي تخفف من مقدار هرمون الكورتيسول في اللعاب إلى 16%، فهي بالتالي تساعد في واجهة مواقف الشدة.
6- الضحك:
تشير الدراسات أنّ الضحك يخفف من الشدة، لأنّه يساعد في إطلاق الجسم للأندروفين ويحرق السعرات الحرارية، حتى أن ساعة من الضحك تحرق من السعرات الحرارية ما تحرقه 30 دقيقة من التمارين الرياضية!
المصدر: مجلة طبيبك/ العدد 618 لسنة 2009م
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق