إن التعاليم الدينية تعد المرأة والرجل متساويين عند الله، وعلى مستوى الشريعة، وتؤكد على أن أحدهما يكمل الآخر في الأسرة والمجتمع، وهذا التساوي بينهما في مقابل الله والشريعة لا يتنافى مع كون أحدهما يكمل الآخر. القرآن الكريم يصف المرأة بأنها أحد شطري البنية الإنسانية ويقول: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل) (الحجرات/33)، فالأنثى مثل الذكر يشكلان أساس المجتمع بدون فرق بينهما.
ساوى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بين المرأة والرجل في حق العمل النافع الذي يعتبر بمثابة دعوة إلى الله ولا يهين المرأة أو يتعارض مع دينها فها هن الصحابيات يجاهدن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والجهاد من أشق الأعمال ولكن الرسول الكريم عندما رأى أن المرأة يمكن أن تكون عنصرا فعالا في موقع معين لم يمنعها من ذلك، مع اعتبار أن عملها في منزلها من أشرف الأعمال التي تقربها إلى الله وتساعدها على تربية أبنائها؛ لكنه لا يتعارض في كثير من الأحيان مع بعض الأعمال المشروعة لها.
من خلال النظر إلى الأسرة الإسلامية يتبين أنه لا تقوم حياة الأسرة إلا بالتعاون، وحقيقة التعاون عبارة عن أن يكون كل واحد له حق وعليه واجب وهذا ما يعبر عنه الذكر الحكيم بكلمة بليغة جامعة: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، فمسؤولية المرأة القيام بالحضانة وتربية الأطفال وليس هذا أمرا سهلا، لا تقوم به إلا الأم التي ينبض قلبها بالعطوفة والحنان. وفي مقابل تلك الحقوق ثمة حقوق للرجل لابد من القيام بما تحتاج إليه المرأة في حياتها الضرورية والكمالية، فيشير القرآن إلى تلك المسؤولية الكبيرة على عاتق المرأة بقوله: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) (البقرة/233). كما يشير إلى المسؤولية التي تقع على عاتق الرجل بقوله: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها) (البقرة/233).
ولحكمة أرادها الله عزوجل جعل الإسلام هو أكثر الأديان اهتماما بأحكام المرأة وبشكل غاية في الدقة والتفصيل، الأمر الذي لم يرد في غيره من العقائد، مما يشير إلى اهتمام خاص منه بالمرأة وما لها من دور مهم في المجتمع يجب أن تقوم به على أكمل وجه، وتقديرا لبعض خصوصياتها التي راعاها الذي خلقها فهو أعلم سبحانه بخلقه من خلقه.
إن الإسلام عندما طلب من الرجل الاحترام وحسن المعاملة، طلب من المرأة الطاعة المبصرة، وعندما طلب من الرجل الإنفاق وتحمل مسؤولية المرأة، جعل له نصيب الضعف من الميراث مساعدة منه على تحمل ما ألزمه به من النفقات ولم يلزم به المرأة، وعندما أعفى الإسلام المرأة من القتال وكل ما فيه مشقة من عبادة وعمل، وألزم بها الرجل كان من العدل أن جعله المحارب في ساحة القتال والسياسي في مجال السياسة، والتاجر في سوق التجارة.. وعندما رأى الإسلام طبيعة المرأة التي يغلب عليها العواطف والأحاسيس، والرقة والشاعرية، خشى أن تكون هذه الأحاسيس السامية والعواطف الجياشة التي تعين المرأة على تربية أبنائها والتي ميز الله بها المرأة عن الرجل سببا في حيدها عن قول الحق إذا دعيت إلى الشهادة فجعل شهادة الرجل بشهادة امرأتين، وليس في هذا ما يعيب المرأة وينقصها حقها.
وأخيراً، عندما يغيب الإسلام عن حياتنا ومعاملاتنا اليومية فلا عجب أن تضيع حقوق المرأة وقد تضيع حقوق الرجل أيضا، لذلك فإن الحل الوحيد هو أن يعيد المجتمع وبشكل كامل الحقوق لأهلها، فليس الرجل هو وحده المطالب بإعادة حقوق المرأة، وإنما على المرأة أن تعيد حقوقه له.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق