والصلاة موضوع للدراسة من كلّ الجهات الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعبادية والانضباطية والجسمانية والروحانية والأخلاقية والعرفانية.
يمكن مطالعة البعد العملي والتربوي للصلاة من جهات مختلفة، من مقدمات الصلاة ودور كلّ واحد منها في تربية الجسم والروح والطهارة والتقوى والنظم والانضباط والأخلاق الفردية الاجتماعية إلى أركانها وشروطها وواجباتها والمستحبات والمفاهيم والآثار السامية العرفانية والمعنوية التي تتضمنها كلّ واحدة منها. كلّ ذلك رموز عميقة في رفعة وتكامل وتهذيب وتربية النفس وتطهيرها من الشرك والرياء والغرور والتكبر وعبادة النفس وعدم التقوى والرذائل الأخلاقية الأخرى.
الصلاة الكاملة والبناءة هي تلك الصلاة التي تتضمن إضافة إلى الآداب والأحاكم الظاهرية وإحراز "شروط الصحة" آداباً باطنية، يعني "شروط القبول"، مثل الخلوص، وحضور القلب، والخشوع، والتوجه وصفاء النفس والبعد عن التلوثات الداخلية والأخلاقية التي هي في عرض شروط الصحة مثل الكبر، والعجب، والحسد، والحقد، والنفاق وعدم التقوى، حتى تصفى روح المصلي من التقيح وتصبح الصلاة معراج المؤمن.
يقول القرآن الكريم مشيراً إلى فلسفة الصلاة ودورها المانع عن السيئات في عبارة جامعة: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) (العنكبوت/ 45)، وعلى أساس مفاد هذه الآية فإنّ الصلاة تمنع عن السيئات وتنهى عن المنكرات؛ ولكن روح وحقيقة الصلاة هي دائماً ذكر الله الذي بدونه تصبح قالباً فارغاً من الحقيقة، وعلى المصلي أن يجعل للذكر في الصلاة روحاً ومعنى.
وشبهها رسول الله (ص) "بالحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات فما عسى أن يبقى عليه من الدّرن".
على هذا، فإنّ الصلاة هي الوسيلة الوحيدة في طريق التزكية والتهذيب، وهي التي يؤديها الإنسان ليل نهار وطول العمر، ويبذل جهده من أجل حسن أدائها كأفضل عبادة.
علاقة الصلاة بالأخلاق: بين الصلاة والأخلاق علاقة دقيقة وتأثير متبادل فالصلاة، من جهة، هي العامل المؤثر في التزكية والتهذيب والوصول إلى روح التقوى والفضائل الأخلاقية، ولكن قبول الصلاة من جهة أخرى منوط بالتقوى.
يروى عن الإمام الصادق (ع) عن دور الصلاة في الوقاية من الذنب "اعلم أنّ الصلاة حجزة الله في الأرض فمن أحب أن يعلم ما يدرك من نفع صلاته فلينظر فإن كانت صلاته حجزته عن الفواحش والمنكر فإنما أدرك من نفعها بقدر ما احتجز".
ومن المؤكد أنّ تأثير الصلاة في المصلين ليس واحداً من حيث حالات ومراتب التوجه والخلوص والتقوى والذكر القلبي والشروط الأخرى، ولكن كلّ من يصلي سوف يستفيد على كلّ حال من خصلة النهي إن عاجلاً أو آجلاً، ولذلك يجب عدم التقصير والكسل في موضوع الصلاة ولا ينبغي اليأس من تأثيرها، لأنّ القصور في موضوع الصلاة يؤدي إلى الكفر والعصيان والمفاسد الأخرى.
"روي أنّ فتى من الأنصار كان يصلي الصلاة مع رسول الله (ص) ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله (ص) فقال إنّ صلاته سوف تنهاه يوماً ما فلم يلبث أن تاب".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق