• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الشباب.. مرحلة عطاء بلا حدود

عمار كاظم

الشباب.. مرحلة عطاء بلا حدود

الشباب مرحلة القوة والبذل، قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً) (الروم/ 54). إن أهم فرصة بعد فرصة الحياة هي فرصة الشباب وبالرغم من أن هذه الفرصة هي جزء من فرصة الحياة الكبرى، فهي تُعد صفوة حياة الانسان، فهي من جهة تحتوي على كلّ عناصر الفرص الأخرى من الفراغ والقوة والنشاط ومن جهة أخرى فإن موقف الانسان من هذه الفرصة يحدد شكل حياته في المستقبل. مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية التي يمر بها الفرد وفيها يشعر الإنسان بالاستقلالية حيث يبدأ الشخص بالاعتماد على نفسه في تأمين مختلف احتياجاته والسعي للحصول على حياة أفضل. إنّ المسؤولية الأساس التي تقع على عاتق الشباب بما أنّهم أمل الأمة ومستقبلها، أن يتعلّموا ويأخذوا بأسباب العلم، فالمستقبل لا يبنى إلا بالعلم، وهل تتخلف الأمم إلا عندما يبتعد أبناؤها عن الأخذ بأسباب العلم؟ يقول الإمام الصادق (عليه السلام) فيما روي عنه: «لست أحب أن أرى الشاب منكم إلا غادياً في حالتين: إمّا عالماً أو متعلماً، فإن لم يفعل فرّط، فإن فرّط ضيّع، وإن ضيّع أثم، وإن أثم سكن النار والذي بعث محمداً بالحق». إن ميزات عمر الشباب بكل مراحله كثيرة كالنشاط والحيوية والاعتمادية والقوة والإنتاجية والقدرة على تحمل مختلف الظروف وضغوط العمل والصحة والقدرة على العطاء وتكوين الأسرة وقوة الذاكرة والمقدرة على التعلم والحفظ وغيرها الكثير، فلفظ الشباب يطلق على الحيوية والنشاط وكلّ شيء جديد في بداية انطلاقه.

للشباب عطاء، وللشباب كلمة، ليست ككل الكلمات، هي كلمة تنطلق من القلب ولا محلَّ لها سوى القلب.. فهم الذين انفتحوا على الحياة بعين بريئة وقلب رقيق وروح دافئة عامرة بالإطمئنان، روح تكاملت بالإيمان فوجدوا الكثير ليُغيِّروه في ذلك الواقع المرير، وجعلوا يخوضون التحديات العظيمة بتلك الروح الواثقة والعزيمة التي لا تفل، فأثبتوا موقعاً للحق هنا وموقعاً للصدق هناك، وغرسوا مفاهيم جديدة في الواقع، علّها تنمو وتثمر مجتمعاً صالحاً.. إنهم شباب الخير، شباب الثقة، شباب العطاء (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (الكهف/ 13). وهكذا، فإنّ للشباب عطاء غير محدود، لانه عطاء يتدفّق من فيض عطايا الخالق (عزّوجلّ) الذي وهب الشباب أدوات الحياة، وأساليبها ومقوماتها الطيبة، وبثّ فيهم العزيمة والقدرة والحبّ، حبّ الله والإيمان والناس ونفخ فيهم روح الحياة الطيبة. إنّ مرحلة الشباب تمتاز بأنها أقوى وأجمل مرحلة يعيشها الإنسان، إذ هي مرحلة الظهور والتألق في مجالات الحياة إن استطاع الشاب أن يعيشها بعلم، وإرادة قويّة، وعمل صالح في المجتمع، ونبذ التسويف، وهي المرحلة التي ستحدد جزءاً كبيراً من مستقبل الإنسان. إنّ التألق الاجتماعي للشاب مشروط بعدّة ظروف وعوامل لابدّ من توفرها في وقتها، وهي متاحة ومتوفرة إذا ما أراد الشاب استثمارها.. ومن أهم هذه الشروط والعوامل، اكتساب العلم والمعرفة، قال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع): «إكتسبوا العلم يكسبكم الحياة»، فالعقل والفكر اللذان يُحرِّكان الإنسان غذاؤهما وزادهما العلم والمعرفة، وبدونهما يعيش العقل حالة من الظلمة والتخبط، وبالتالي يشعر الإنسان أيضاً بحالة من الضياع.

إنّ العلم ينتج آفاقاً واسعة للإنسان يستطيع من خلالها أن يُحدِّد الطريق الأفضل ويمكن الحصول على العلم والمعرفة من خلال الإخلاص، والجهد، والمثابرة، وعدم اليأس.

 

ارسال التعليق

Top