تلك هي حكمة الأسبوع، الحكمة العملية التي يطبّقها الكثير منا، ولمسها البعض منا بعد السفر وترك محله القديم لأي محل جديد ولأي سبب من الأسباب مثلاً للاستجمام أو الذهاب إلى العمرة أو الحج أو لقضاء فترة عند أحد أفراد العائلة خارج الوطن، وهذا ما لمسته ولعدة مرات، كفرصة مثالية للإفلات من وقع الحياة العملية المرهقة المستمرة بروتينها الممل، فهي فرصة للتحرر من جميع الالتزامات بما في ذلك النظام الغذائي المتبع يومياً ومواعيد النوم وغيرها من العادات غير الصحية أحياناً والتي نلتزم بها بشكل رتيب طول السنة، ثمّ ما نلبث أن نتحرر منها خلال السنة والعطلة، ولنوجه جزءاً من رغبتنا إلى الشعور بالانطلاق والحياة دون قيود ولو لمدة قصيرة، وقد يكون التغيير الذي نقوم به غنياً بالولائم وتناول وجبات غنية دسمة لم تتعدد عليها سواءً بالبيت أو خارجه أو في المطاعم التي تقدم ما لذّ وطاب من كباب مشوي أو دجاج بالتنور وهذا مما يزيد في الوزن بعد تناوله مع كثير من فاتحات الشهية المتنوعة العربية كالحمص بالطحينة وبابا غنوج والفتوش وغيرها، لذا ننصح بالحفاظ على وزن ثابت أو إنزال بعض وزنك خلال هذا التغيير وهذا ممكن باتباع كثير من النصائح والعادات الغذائية السليمة والحفاظ على نظام غذائي يومي كامل متكامل متوازن صحي ومتنوع، ويكفي أن تعرف أنك بحاجة إلى 2250 سعرة حرارية/ اليوم، وليكن في حسابك أن 2000 سعرة باليوم تعتبر كافية مع القيام ببعض الحركات والمشي وغيرها مما يقلل من احتمال زيادة الوزن، لا بل يحفظ الوزن، هذا عندما تكونين ربة بيت، أما عندما تعملين بخارج الدار فتحتاجين لسعرات أكثر. ومن النصائح الهامة للحصول على نظام غذائي متوازن خلال ترك الروتين اليومي ومحاولة الموازنة ولو بالنظر والعين بحكمة بين الاختيارات من الطعام، حاول أن تتناول كلّ ما يعرض عليك، لكن كن انتقائي، تذوّق من كلّ الأطباق لكن القليل، واترك الغني بالسعرات والدهون، وكذلك أفراد العائلة، عند ذلك توفر كثيراً من السعرات الحرارية للأطعمة التي تجتنبها وترغب أو تحبّذ في تناولها.
وجبة الإفطار صباحاً وجبة مهمة كبداية لليوم الطويل من الأعمال المختلفة. لا تترك محل السكن دون تناول الإفطار وليكن بيضة واحدة مسلوقة مع قليل من الحليب الخالي من الدسم أو قطعة صغيرة من الجبن مع قطعة توست أو اثنتان، ثمّ لوجبة العشاء لا تذهب إلى مكان الحفلة وأنت جوعان أبداً بل تناول قطعة من الفاكهة كبرتقالة أو تفاحة صغيرة لسد الرغبة بالجوع، تمنعك عن تناول الطعام الكثير، حاول أن لا تتناول أكثر ما تحتاج عندما يكون الطعام معروضاً بكثرة أمامك كما يحدث عندما يقدم إضافة عديدة منه على مناضدها المفتوحة في المطاعم التي سوف تدعى إليها. ثمّ حاول التأني بالمضغ والأكل البطيء وتمتع به بهدوء. كما يفعل الفرنسيون فإنّهم يتناولون وجبة الغذاء أو العشاء في مدة تزيد عن الثلاث ساعات. لا تلتهم الطعام بشراهة كما يفعل البعض تأن في اختيار الأصناف والأكل خلال النهار. وليكن مشروعك ومشروع أفراد العائلة المشي الطويل لساعات وعدم ركوب سيارة أو حافلة والأفضل استعمال دراجة إن أمكن في الهواء الطلق – كما يفعل الهولنديون كباراً وصغاراً – والحركة المستمرة لحرق سعرات حرارية عديدة، فإذن التركيز على المشي كرياضة والتقليل من الغذاء عند تناوله كوجبة والتمتع بتناوله بهدوء ومقابلة الأهل والأصدقاء والغرباء أهم من تناول وجبة دسمة متعددة الأصناف من الأغذية الملونة والشهية.
هذا، وصفوة القول: إن مراقبة الشخص لغذائه اليومي وما يتناوله من غذاء وطعام وشراب مهمة جدّاً خلال السفر. ومن الجدير بالذكر هنا فإنّ الوقت المناسب لتذوق وتناول كثير من الأغذية المتنوعة والتي لم تكن قد تعودت عليها، عندئذٍ تذوق فقط ولا تسرف في تناول ما هو دسم منها، لأن ذلك يعطيك سعرات عديدة، ويجعلك بطيئة وأقل نشاطاً وهذا خطأ، ارفضها بشدة وأحياناً بلطف. يجب تجنب مثل هذا الخطأ، ليكن الشخص على علم بما يتناوله أو يشربه قبل النوم! نعم قبل النوم فهذا مهم جدّاً، يجب الحرص على عدم ملء المعدة بالطعام أو على العكس تركها فارغة والذهاب إلى النوم، الاعتدال مطلوب، تناول قليلاً من الطعام الخفيف الهضم كقطعة من السمك المشوي أو تفاحة صغيرة ولا تخلدي إلى النوم مباشرة بعد تناول العشاء، بل احرص على الذهاب للنوم بعد تناولك العشاء ما بين 3 – 4 ساعات على الأقل، وهذا ما ينصح به علماء التغذية دائماً، لأنّ عملية الهضم لا تسير على ما يرام أثناء النوم كما أنّ المعدة المليئة بالطعام قد تنغص النوم الهادئ وتمنعه ويكون بدله الكابوس والأحلام المزعجة، ثمّ إنّ السعرات الحرارية لهذا العشاء تذهب كلها إلى داخل الجسم لتخزن على شكل شحوم، لأنّ الجسم لا يحتاجها في هذا الوقت فهو لا يستفيد منها إلا لتحرك بعض أجهزته الداخلية كالتنفس وغيرها وهذا قليل جدّاً.
لا تدعي السفر والعطلة تعرقل ساعتك البيولوجية، حافظ على عدد ساعات نومك المعتادة ما قبل السفر إلا ما ندر مثلاً أقل منها بساعة أو أكثر، لأن ذلك يؤثر نوعاً ما على الصحة العامة. وليكن في تفكيرك خلال هذه الفترة التمتع وفقدان بعض الوزن وليس زيادته! ولتقليل الوزن ابدأ عن طريق تخفيف استهلاك الغذاء اليومي بنحو 250 سعرة حرارية/ اليوم، وهذا ما يعادل رفض أو ترك واحد من المشروبات الغازية المحتوية على السكر! أو قطعتين من الحلويات بالزبدة أو الدهن الحر! وكيساً من رقائق البطاطا، فإذا واظبت على ذلك وخلال مدة السفر فستفقد بعض الكيلوغرامات في نهاية السفرة حتماً، وهذا مجرب لكثير ممن تعود على السفر. وليكن واضحاً أن كلّ شخص يحتاج لمثل هذه العطلة أو الإجازة وذلك لإعادة شحن البطارية البيولوجية، وهذه العطلات والسفريات الطويلة أو القصيرة أفضل وقت لذلك، على أن يكون لديك وقت كاف للراحة والقليل من العمل، والكثير من المشي والمواعيد المتعددة والالتزامات والزيارات، والتسوق والتغيير ولكن من دون إجهاد، ومع مراقبة ما تأكل وما تشرب ومن دون إسراف، وتذوق الأطعمة الدسمة والغريبة نوعاً ما، لأن ذلك سيزيد عدد سعراتك المتناولة ويجعلك أقل نشاطاً وأقل حركة، وتخلد إلى النوم، وهذا غير صحيح، بل حافظ على غذاء صحي متوازن معتدل وإلا أصابتك التخمة بدل نقصان الوزن وطبعاً هذا غير صحي.
أكثر من المشي والتجوال والرياضة الصباحية، وحفّز جسمك على حرق الدهون واستنزاف سعرات حرارية وتجنب البقاء في الدار من دون حركة فقط مشاهدة التليفزيون.
المصدر: كتاب مفتاح الصحة والسعادة/ فوائد عطر وخواطر غذائية علاجية للكاتبة د. جيِّدة عبدالحميد
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق