تمثل العطلة الصيفية، فرصة كبيرة لطلبة المدارس، من الفتيان والشباب، لأن يستفيدوا منها، في بناء أنفسهم روحياً وثقافياً وأخلاقياً، وتجديد قواهم الذهنية، لمواصلة الدراسة في السنة الجديدة، بثقة أكبر بالنجاح والتقدم. كلّ الدراسات النفسية تؤكد على أهمية الإجازة للراحة النفسية، وأن لها فوائد كثيرة وتعتبر فوائد الإجازة مهمة جداً فالعقل البشري لا يستطيع العمل بدون راحة وبدون ترفيه، لذا فإن الإجازة مطلوبة للفصل بين العمل أو التعليم والعودة للعمل والتعليم مرة أخرى، وفي الشعوب المتقدمة نجد أنهم يحسنون الإستفادة من الإجازات تماماً مثل إتقانهم في العمل.
تعد الإجازة الصيفية من أمتع تلك الأوقات المنتظرة خلال العام، وذلك راجعاً إلى أن قدومها يكون بعد بذل الكثير من الجهد، والعناء خلال العام سواء في العمل أو في الدراسة، و لذلك فالإجازة الصيفية من أحد الأمور الضرورية، وبشكل عالي في استعادة الفرد لنشاطه من جديد عن طريق حصوله على الراحة، والاستجمام، وبالتالي تخلصه من الضغوط الجسدية أو النفسية المتراكمة على عاتقه طوال العام، ولكن كيف لنا أن نقوم باستثمار تلك العطلة الصيفية بشكل جيداً، ونافعاً، ومفيداً، وذلك دون تضيعها في أمور غير مفيدة. ولكي يستفيد الفرد من الإجازة على أفضل حال، فعليه بتنظيم الوقت حيث يكون هناك وقت محدد للراحة، ووقت آخر لأداء هواية أو نشاط محبب للإنسان، وبذلك يمكن العودة إلى النشاط والعمل بشهية مفتوحة وطاقة فعالة جبارة، يجب إستغلال وشغل كلّ دقيقة في الإجازة بما لا يتعارض مع الأسرة. يجب على الآباء مشاركة الأبناء في تنظيم وقت الإجازة بأن يكون هناك فترة للسفر، للتنزه مع الأصدقاء، للعب الكمبيوتر والإنترنت، وقت للقرآن، للصلاة، ووقت لتنمية مهارات جديدة أو تقوية بعض نقاط الضعف بأخذ بعض الدورات التدريبية التي لا يمكن الإلتحاق بها أثناء وقت العمل وعدم جعل وقت الإجازة بدون إستغلال للوقت.
تعتبر العطل الصيفية من الأوقات الجميلة، التي تنقل الطلاب والشباب من هموم الدراسة والمذاكرة، إلى الترويح عن النفس وممارسة الأعمال والأنشطة التطوعية والرياضية والفنية وما شابه ذلك، التي لم تكن ممارستها ممكنة بما فيه الكفاية في أوقات الدراسة والتحصيل العلمي، فالعطل الصيفية من الفرص الجيدة التي يستطيع فيها الشباب أن يستثمر وقته في إنضاج خبراته، وبلورة كفاءاته، واكتساب المهارات الجديدة.
إن لممارسة النَّشاطات الصيفيَّة انعكاسات نفسيَّة على الشَّباب شريطة أن تكون هذه النَّشاطات ذات فائدة ونفع؛ كي تكون هذه الانعكاسات إيجابيَّة، حيثُ تعمل مثل هذه الأنشِطة صيفاً على بناء الشَّخصيَّة، وتأكيد الذَّات، وتعزيز الثقة بالنفس، واكتساب الخبرات، وإنضاج القدُرات، وصقل الهوايات، وبَلْورةِ الملَكات، وتنمِية واكتِساب المهارات الفِكريَّة والحرفيَّة والاجتماعيَّة، وتفريغ الطَّاقات والشحنات النفسيَّة الزَّائدة، ورفع المعنويَّات، والتخلُّص من الضُّغوط، ثم ينعكس هذا التَّأثير بإيجابيَّاته على المجتمع بأكمله، والعكس صحيح.
وإن الحرمان من الاستمتاع بالإجازة هو عقابٌ صارم للطلبة والطالبات، بعد عام دراسي مُرهق نفسياً ومُنهك جسدياً، في وقت كان من المفترض فيه أن تكون عُطلة الصيف التي انتظروها بنفاد صبر بمثابة المكافأة لهم، وإلاَّ فكيف يمكنهم استعادة نشاطهم وحيويَّتهم عند استئنافهم للدراسة خلال العام الدراسي الجديد، إن هم حُرموا من أبسط حقوقهم، وهو حقُّ التَّرويح المُباح في العطلة الصيفية. ويؤكد علم النفس على أهميَّة التمتع بالعطلة، لأنَّ مردود ذلك ليس على الفرد الحاصل على العطلة فحسب، بل على من حوله أيضاً، فإن حُرم الشباب منها، أُصيبوا بالإحباط والقلق النفسي، الذي تنعكس آثارُه سلباً على تطوُّر شخصيَّاتهم، ومستوى طموحاتهم، وارتفاع مستوى الحماس لديهم، بل وعلى مساراتهم الدراسيَّة فيما بعد، إضافة إلى نزع الثقة بينهم وبين آبائهم، كون الجهد الدراسي الذي يبذلونه كطلبة وطالبات خلال العام الدراسي يفوق حاجتهم الطبيعية إلى الترويح والترفيه، فالشباب أصحاب طاقات هائلة ويجب تصريفها فيما يفيد، وبالإمكان تحقيق ذلك إذا قمنا بنشر ثقافة الوعي بأهمية استثمار العطلة الصيفية قبل بدئها فيما بينهم، والمجتمع بأسره مسؤول عن التوعية هنا، بدءاً من الأُسرة، والأصدقاء، مروراً بالمعلِّمين وأساتذة الجامعة، وانتهاء بوسائل الإعلام بمختلف أشكالها.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق