◄"أحس بالملل لا يوجد لدى ما يحفزني لإنجاز الأعمال، تنقصني المتعة عند القيام بأي شيء... لا أريد أن أختلط بالناس... أشعر بكسل شديد وعدم الرغبة في عمل أي شيء... أشعر بعدم اللذة عند إنجاز الأعمال... افتقد الشعور بالمتعة عند القيام بأي شيء...". هذه العبارات وغيرها، دائماً نسمعها ونشعر بها معظم أوقاتنا.
أحياناً نتساءل إلى متى سيستمر هذا الشعور؟ وما هي كنية هذا الشعور - هل هو ضيق من كلّ شيء يحيط بنا، هل هو ملل من الحياة أم هي حالة خمول - ضعف إرادة - خذلان في المعنويات - هل هذه الحالة عادية أم مرضية - هل لها فترة محددة ثم ستزول وحدها - أم عليَ أن أقوم بشيء بهذا الصدد. وإن كنت أريد أن أتخلص من هذا الشعور - فماذا عليَ أن افعل؟! والأهم ما هو السبب وراء هذا الشعور الذى ينتابني و ينتاب من حولي: الأصدقاء - زملائي في العمل - جيراني.. هل هو فيروس في الجو إسمه الملل - الضيق، أم هي حاله رتابة ناتجة عن الروتين اليومي الذي لا يتغير؟
هل السبب فيما وصل إليه الإنسان نفسه أم البيئة المحيطة به؟
دعونا نغوص فى أعماق النفس البشرية في محاولة للكشف عن أسباب هذا الشعور وتأثير التغيرات الخارجية البعيدة على النفس والمشاعر المتولدة.
يجد الإنسان بالفعل متعة كبيرة في الاحتكاك بكل ما يتغير من حوله: تغير المزاج أو حالته أو مواقفه أو الجو الذي يعيش فيه أو كلّ شيء يحيط به لذلك نجد حكمة الله في خلقه لهذا الكون المتغير الذي يلائم الطبيعة البشرية فقد خلق الله: النهار والليل - الصيف والشتاء - السعادة والحزن وإذا لم يكن أيضاً هناك تغيير فى حياتنا وفي كلّ ما يحيط بنا - وهي الحالة التى يمكن وصفها بحالة الثبات، فإنّ ذلك سينتج عنه بالطبع الشعور بالملل وعدم الرغبة فى الحياة.
إن من أكثر العوامل المؤثرة في النفس هو التجديد والتطور، والحركة. فمنذ بداية تكوين الإنسان فهو في نمو مستمر وحركة دائمة: من ناحية التطور البيولوجي للجسم - التطور الفكري والمعرفي، بحثاً عن الجديد للإستفاده منه - فمثلاً بالنظر إلى الطفل الصغير نجد أنه دائم السعي وراء معرفة كلّ شيء، حينما يبدأ بالحركة في المنزل يبدأ في لمس الأشياء والتعرف عليها وتبلغ سعادته أقصاها حينما يتعرف على شيء جديد. من المثير أن هذه الصفة تظل ملازمة للفرد مدى حياته في مختلف فترات نموه، ولذا نجد أن الجديد دائماً يثير في أنفسنا الرغبة وراء البحث ويشحذ طاقاتنا للتحرك ويعطينا قدراً من المتعة واللذة النفسية والشعور بأن "للحياة طعم".
لذا الشعور بالملل - الضيق - الخمول -... إلخ وغيرها من مختلف المسميات ليس إلا نتاج عملية ركود وكسل أو ممارسة الحياة بصورة روتينية - بحيث لا يوجد الجديد فيما نقوم به - فنفقد الشعور بلذة ما هو جديد ونشوة ما هو خارج عن الروتين اليومي.
ولكي يتمكن الإنسان من التجديد بصوره دائمة بحثاً عن تخطي حالة الخمول والرتابة والروتين اليومي يجب أن يبحث في نفسه عن:
1- هواية يمارسها على نحو منتظم لأنّها تساعده على التحرر من روتين الحياة اليومي لا مانع من أن تكون بسيطة للغاية مثل حل الكلمات المتقاطعة أو ممارسة رياضة فهي على الأقل تحل الكثير من الألغاز أو أن يترك كلّ شيء خلفه وخارج نطاق تفكيره، وتمكنه من التعامل مع هذه الألغاز بطريقة تبعده عن باقي العالم.
2- وماذا عن محادثة شيقة مع صديق؟ أنه بالشيء المفيد أيضاً وسيكون لها أكبر الأثر عليه في إعادة ترتيب أفكاره إلى جانب اكتسابه معلومة جديدة مفيدة حتى لو كانت بسيطة خاصة إن كانت قائمه علي الاشتراك مع الصديق في مجالات اهتمامات واحدة مثل الأدب، الاقتصاد، السياسة ... الخ.
3- ويجد بعضاً آخر من الأشخاص متعتهم في التجديد من خلال التنزه والترفيه أو القيام بإجازات كمحاولة للتغلب على شعورهم بالملل وهو في بعض الأحيان حلاً مناسباً للتخلص من روتين الحياة اليومي، ولكن إذا كانت لها قيمتها وأهدافها.
وفي حالة عدم وجود الدافع أو غياب مثل هذه القيم سيشعر الإنسان بعد مرور فترة من الزمن أن تخصيص أو استقطاع وقتاً من حياته لهذا النوع من الترفيه سيشعره بالسطحية والتفاهة.
والحل الأمثل للخروج من هذه الدائرة المفرغة "أخذ خطوة إيجابية" أو على نحو أدق "البدء بجدية في أخذ خطوة إيجابية نحو التغيير".
- فمثلاً:
- إبدأ يومك بممارسة إحدى الأنشطة الرياضية المحببة لنفسك ولو لمدة 1/2 ساعة.
- تناول فنجاناً من الشاي أو القهوة مع شخص قريب إلى نفسك ولم تراه منذ زمن بعيد مرة كلّ أسبوع أو أسبوعين حسب الإمكانية واستمتع باسترجاع الذكريات.
- استمتع بمشاهدة فيلم سينمائي جديد أو قديم حسب الرغبة.
- شاهد مباراة لكرة القدم مع مجموعه من الأصدقاء.
- إقرأ كتاباً يمدك بمعلومة جديدة أو تسلية ممتعة وشارك أصدقائك فيه.
- يمكنك التحدث مع أصدقائك من خلال شبكة الإنترنت (الدردشة).
- انضم إلى إحدى الجمعيات التي تتناول اهتمامك.
- ابحث عن نشاط خيري لتقوم به.
- فإدخال السعادة والبهجة على الآخرين يكون له تأثير عميق في نفس الإنسان.
إن التجديد والتغيير هو أكثر الثوابت في حياتنا التي نحتاجها باستمرار كاحتياجنا للماء والهواء... لا تبخلوا على أنفسكم بالتجربة... فهي في حد ذاتها تغيير.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق