• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تحسين مهارات الذاكرة باستخدام التركيز

سام هورن/ ترجمة: مفيد ناجي عودة

تحسين مهارات الذاكرة باستخدام التركيز

 يهدف هذا الموضوع إلى التركيز بشكل خاص على استخدام نظام خماسي (يتكون من خمسة عناصر)؛ لتحسين قدرتك على تذكر المعلومات واختزانها. ولما كان كثير من الناس يشعرون أنهم سيئون في تذكر أسماء الأشخاص، فقد عني هذا النظام بشكل خاص بتحسين هذه المهارة. ويشتمل هذا النظام على العناصر التالية:

  أوّلاً: الإلتزام الواعي للعقل: يرى كثير من الناس أنهم ليسوا جيِّدين في تذكر الأسماء. ويقررون في عقولهم أن هذا أمر ضروري يتوجب فعله. فعملية التذكر لم تحدث أصلاً. ولتحقيق التذكر لابدّ لك أن تعطي عقلك ميلاً للعزم على القيام بعمل ما. وبعبارة أخرى، فإن عقلك بحاجة للالتزام الواعي لتذكر الأسماء. فمثلاً، كيف تشعر عندما يتذكر شخص ما اسمك؟ تشعر أنك مهم بالنسبة له لدرجة أنّه بذل جهداً لتذكر اسمك.   ثانياً: التركيز على اسم الشخص: عندما يتم تعريفك على شخص ما آخر، هل تركز على اسم ذلك الشخص بشكل تلقائي؟ إن عدم التركيز هنا يمكن تسميته "التنبؤ الفاشل" بأسماء الآخرين في المستقبل. انظر في أسماء الأشخاص الكثيرين من الذين نسيت أسماءهم، لمجرد أنك أخبرت عقلك أنّ الأمر ليس مهماً. لذلك يتوجب عليك منذ اللحظة أن تتصرف بشكل إيجابي وتطلب من عقلك أن يفعل ما تريده منه. اجعل كل شخص جديد تتعرف عليه مشروعاً مختاراً لا يمكن إغفاله. وكلما قابلت إنساناً جديداً، قل لنفسك: إنك مصمم على تذكُّر اسمه، لأنّك بهذا تبقي مهارات التركيز لديك في وضعها السليم، وتحافظ على سمة اجتماعية طيبة تخدمك وتخدم الآخرين.   ثالثاً: الانتباه: يكون انتباهك حيث يقع نظرك، لذلك فإنّه من المهم أن تركز عينيك بالكامل على وجه الشخص عندما يذكر اسمه بحيث يرتبط الاثنان (الوجه والاسم) في ذهنك. فلا تطأطأ رأسك لإنسان يحاول أن يشد انتباهك، بل تبادل الأسماء معه وصافحه إن أمكن؛ لأن ذلك يعزز فرصة التعرف.   رابعاً: التكرار: كرر اسم الشخص بصوت مرتفع ولو مرة واحدة بمجرد سماعك له. ثمّ كرر اسمه ثلاث مرات على فترات متفاوتة فيما بعد. إنّ التكرار مهم لأسباب ثلاثة: 1- للتأكد أنك سمعت الاسم بشكل صحيح، مثلاً سامر بدلاً من سمير أو رشيد بدلاً من راشد أو معين بدلاً من معن. 2- كلمة استخدمت عدداً أكبر من الحواس لطبع المعلومة في ذاكرتك، زادت فرصة تذكرك لتلك المعلومة، مثلاً كأن تسمع الاسم وتردده وتنظر إلى وجه صاحبه في وقت واحد. 3- تدوين المعلومة على ورقة – إن أمكن. كأن تكتب أسماء الأشخاص الذين قابلتهم – يعزز من قدرتك على التذكر بدرجة أكبر وأكبر. ويرى علماء النفس أن مقدرتك على تذكر المعلومة يعتمد على مراجعتك لها على فترات متقطعة، وبهذه الطريقة يتم اختزان المعلومة في ذاكرتك مدة طويلة المدى بحيث يتم استرجاعها بسرعة عند مشاهدتك للشخص مرة أخرى.   - خامساً: أساليب خاصة: قد تساعدك أساليب خاصة متنوعة في تعزيز قدرتك على تذكر أمور مهمة، ومن هذه الأساليب الارتباط الذهني والأنماط الثابتة والتصور والإيقاع الصوتي والاختصارات. الارتباط الذهني: يحدث ذلك عندما تربط ذهنياً شيئاً جديداً بشيء مألوف. فمثلاً بمجرد أن ترى شخصاً من عائلة الصهيل، ربما تربط هذا الاسم ذهنياً بالحصان أو صوت الحصان، أو أن تربط اسم الحقباني بحقبة من الزمن وهكذا. الأنماط الثابتة: وهذا يعني أن تقوم بعمل شيء برتابة معينة. فتستطيع أن تتذكر أين تضع مفاتيحك عن طريق حفظها في المكان نفسه. التصور: يستخدم هذا الأسلوب لتوليد صورة عقلية؛ لتحريك ذاكرة خاصة بشيء معين. فمثلاً، إذا كنت على وشك الذهاب للنوم، وسمعت تقريراً عن أحوال الطقس يتنبأ بسقوط الأمطار في اليوم التالي، فيمكنك أن تتصور وجود شمسية (لاستعمالها للوقاية من المطر) بجانب الباب الأمامي ثم تمسك بها بيدك في الصباح عندما تذهب إلى عملك. الإيقاع الصوتي: وهو أشبه بالإيقاع الذي يستخدمه الأطفال عند تعلم الحروف الهجائية أو الأناشيد. فمثلاً إذا أردت أن تسجل رقم هاتف شخص على التلفون ولم يكن لديك قلم وورقة، فيمكنك أن تقسم الرقم الذي يتكون من سبع خانات إلى ثلاثة أجزاء كأن تردد في نفسك أربعتين ثلاث ثمانيات صفرين للرقم (4488800). الاختصارات: يمكنك أن تتذكر باستخدام هذا الأسلوب العديد من المصطلحات والكلمات التي تجمع أوّل الأحرف في مجموعة من المفردات. ومن الأمثلة على ذلك كأن يكون هناك اتفاق على المستوى الدولي على تسمية منظمة الصحة العالمية (مصح) أو قوى التدخل المسلح (قتم). ونشير هنا إلى أن أحد المدراء التنفيذيين لشركة كبرى قال مرة: إنّه يعقد أحياناً اجتماعين أو ثلاثة اجتماعات في اليوم الواحد، ويقابل في بعض الأسابيع مئات الأشخاص. ويضيف هذا المدير، لقد أدرك أنه لن يكون في وسعه تذكر اسم كل شخص يلتقي به، ولكنه باستخدامه الأساليب الخاصة الآنفة الذكر استطاع أن يتذكر عدداً أكبر من أسماء الأشخاص. ولابدّ من الإشارة إلى ملاحظة أخيرة حول مهارة الذاكرة. فقد اعترف وائل وهو رجل تقدم به العمر أنه قلق لأنّه كثير النسيان. فقد ذكر أنه يصادف أشخاصاً عرفهم لسنوات طويلة ولكنه لا يتذكر أسماءهم. وقد أمضى وائل مؤخراً أكثر من نصف ساعة يبحث عن نظارته قبل أن يكتشف أنها موجودة على رأسه. لقد اعتاد وائل في شبابه أن يكون سمساراً ناجحاً في مجال الأسهم. وقد أصبح الآن قلقاً، لأنّه يفقد قواه العقلية. وعندما سئل عن النشاطات التي تتطلب التركيز في حياته، أجاب إنّها لعبة التنس والعمل في حديقة البيت والاستمتاع باللعب مع أحفاده.

لقد احتاج وائل إلى إدراك مبدأ مهم هو: مبدأ الاستعمال والإهمال الذي يصدق على الذاكرة واللياقة الجسمية على حد سواء. إن مهارات التركيز والذاكرة معرضة للاضمحلال إذا لم يتدارك الأمر ويمارسها بشكل منتظم.

المصدر: كتاب التركيز (مهارتك الثمينة للتميّز والإبداع)

ارسال التعليق

Top