• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أفكار مغلوطة أم حقائق؟

أفكار مغلوطة أم حقائق؟

ليس هناك أكثر من النصائح والوصفات التي يتناقلها الناس ويوزعونها يميناً ويساراً لكلّ راغب في تخفيف وزنه. لكن بالتأكيد لا يمكن تصديق وتطبيق كلّ ما يقال. ما حقيقة أكثر نصائح تخفيف الوزن انتشاراً بين النّاس؟ وما رأي الخبراء فيها؟

ما أن يقرر الواحد منا تخفيف وزنه حتى يتبرع كلّ من حوله بتقديم النصائح والتعليمات. ويحاول أفراد العائلة والأصدقاء أن يقنعوه بتجريب الحمية نفسها التي ساعدتهم في التخلص من سمنتهم، أو استخدام منتجات معينة، أو التركيز على مأكولات وحذف أخرى من نظامه الغذائي. وأمام سيل النصائح هذه، يحتار الفرد بأمره، خاصة بوجود الكثير من التناقضات في الإرشادات التي توجه إليه. ومن الطبيعي أن تكون العودة إلى ما يقوله المتخصصون والعلماء السبيل الوحيد للتأكد من حقيقة كلّ ما نسمعه، فالكثير مما يقال بشأن تخفيف الوزن ليس حقيقياً على المستوى العلمي.

أما أبرز الأفكار المتداولة التي لا يؤدي تطبيقها إلى التخلص من الوزن الزائد فهي:

 

1-  المنتجات الغذائية "خفيفة الدهون" تساعد على تخفيف الوزن:

تقول المتخصصة البريطانية في التغذية ومكافحة السمنة ليندل كوستان، إنّ المنتج الغذائي الذي يحمل عبارة "خفيف الدهون" أو "خال من الدهون" لا يعني بالضرورة أنّه خفيف الوحدات الحرارية أو خال منها. وتنصح بالتدقيق في لائحة محتويات المنتجات للتأكد من عدد ما تحتويه من وحدات حرارية قبل شرائها. ومن المعروف أنّ الشركات التي تصنع هذه المنتجات تضيف إليها السكر والمواد التي تزيد من كثافتها لتعزيز نكهتها وتحسين قوامها، ما يعني أنّ عدد وحداتها الحرارية يكون في أغلب الأحيان أقل بقليل فقط. أو مساو لعدد تلك الموجودة في الأنواع العادية. بل وفي كثير من الأحيان تكون هذه المواد المضافة أكثر تسبباً بزيادة الوزن من الدهون التي أزيلت منها، فالسكر مثلاً الذي تتم إضافته إلى المنتجات خفيفة الدهون يتحول في الجسم إلى دهون إذا لم يتم حرقه.

ومن جهتها تقول المتخصصة البريطانية في التغذية أليسون سوليفان إنّ الانتباه إلى كمية الطعام التي نأكلها لا يقل أهمية عن نوعية الأطعمة التي نختارها. فالكثيرون يحرصون على شراء الزبدة خفيفة الدسم مثلاً، لكنهم يستخدمون منها ضعف الكمية التي يستخدمونها من الزبدة العادية. وكان العديد من التجارب قد أظهر أنّ الأشخاص الذين قدمت لهم منتجات غذائية كتب عليها قصداً أنها خفيفة الدهون (من دون أن تكون كذلك) تناولوا كمية منها تزيد بنسبة 50 في المئة عما تناولوه من المنتجات نفسها التي كانت تحمل التسمية الحقيقية.

 

2-  الامتناع عن تناول "وجبة العشاء" يساعد على تخفيف الوزن:

هناك اعتقاد شائع بأنّ الامتناع عن تناول وجبة العشاء يساعد على تخفيف الوزن، على اعتبار أنّ الطعام الذي نتناوله مساء يتحول مباشرة إلى دهون متراكمة، لأنّ الجسم لن يتمكن من حرق الوحدات الحرارية الموجودة فيه بسبب غياب الأنشطة البدنية أثناء النوم. لكن عدداً كبيراً من خبراء التغذية يقولون إنّ موعد تناول الطعام غير مهم، وأنّ المهم لتخفيف الوزن هو مجمل عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها يومياً. وتبقى الطريقة الأمثل لتخفيف الوزن هي مراقبة عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها خلال مجمل ساعات النهار، والحرص على أن تكون أقل من تلك التي نحرقها.

وقد أظهرت دراسة أجريت في "مركز دان للتغذية" في كامبريدج أن تناول الطعام ليلاً لا يؤدي بالضرورة إلى زيادة الوزن. فقد قام البحاثة بقياس عدد الوحدات الحرارية التي كانت أجسام المشاركين تحرقها خلال التجربة، وتلك التي كانت تختزنها. وفي مرحلة أولى تم تقديم وجبة غداء كبيرة لهم ووجبة عشاء صغيرة. وفي مرحلة ثانية تم تقديم وجبة غداء صغيرة ووجبة عشاء كبيرة. وجاءت النتائج لتظهر أنّ الوجبة الكبيرة التي تناولوها في وقت متأخر لم تجعل الجسم يخزن نسبة أكبر من الدهون.

لكن من جهة ثانية، تظهر بعض الأبحاث أنّ عدداً كبيراً من الناس يتناولون نصف عدد الوحدات الحرارية اليومية في وجبة العشاء أو بعدها، وأنّهم يفعلون ذلك في محاولة للتخفيف من التوترات التي عانوها خلال النهار. من جهة ثانية يقول الخبراء إنّ تناول الأطعمة غير المناسبة ليلاً، أي الأطعمة الغنية بالوحدات الحرارية وبالدهون يمكن أن تؤثر سلباً في عملية الهضم، وتجعلنا نتقلب في سريرنا وتحرمنا من النوم المريح. ومن المعروف أنّ الافتقار إلى النوم يدفعنا إلى الإفراط في الأكل في اليوم التالي. لهذا السبب ينصح بعض الخبراء بتناول معظم الوحدات الحرارية اليومية في وقت مبكر من النهار، فتكون وجبة الغداء الوجبة الرئيسة، ووجبة العشاء خفيفة. ولكن إذا عرفنا كيف نوزع وحداتنا الحرارية على ساعات النهار، يظل في إمكاننا أن نستمتع بوجبة خفيفة صحية تحتوي على قرابة 150 وحدة حرارية بعد العشاء. وتركز كوستان على ضرورة تناول الوجبات في مواعيد منتظمة وعدم تفويت أي وجبة، فالنّاس الذين يفوتون الوجبات خلال النهار يأكلون كميات كبيرة من الطعام في المساء، ويكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن من أولئك الذين يأكلون جميع وجباتهم في مواعيدها. فالوجبات المنتظمة تساعد على التحكم في الشهية، على ضبط كمية الطعام التي نأكلها.

وكانت الدراسات قد أظهرت أنّ إمكانية الإفراط في الأكل وسوء تقدير عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها يزداد عندما نأكل في وقت متأخر. والأرجح أن يكون التعب هو المسؤول عن ذلك، لذلك يستحسن اعتماد طرق الاسترخاء المختلفة تفادياً للإفراط في تناول الأطعمة غير المناسبة مساء.

 

3-  لا يجب الجلوس إلى المائدة قبل بلوغ درجة كبيرة من الجوع:

يؤكد خبراء التغذية أنّ الانتظار الطويل حتى بلوغ درجة كبيرة من الجوع قبل الأكل يؤدي إلى فقدان التحكم بالشهية، وإلى الإفراط في تناول الطعام. وقد أظهرت الأبحاث أنّ تفويت الوجبات وخاصة وجبة الصباح، تؤدي إلى تناول عدد أكبر من الوحدات الحرارية في مجمل وجبات النهار، وإلى اتخاذ خيارات غذائية غير صحية. كذلك فإنّ تفويت هذه الوجبة يؤدي إلى تحفيز استجابة الجسم للأنسولين، ما يطلق بدوره عملية تخزين الدهون في الجسم وزيادة الوزن.

وكان البحاثة الأميركيون في المركز الوطني للتحكم في الوزن قد أظهروا أنّ توزيع كمية الطعام اليومية بشكل متوازن على امتداد ساعات النهار يعتبر عاملاً أساسياً لإنجاح عملية تخفيف الوزن. كما تبيّن لهم أنّ الأشخاص الذين يفوتون الوجبات يكونون أكثر عرضة لمعاناة مشكلات في الوزن، وأنّ أغلبية من يتناول الأطعمة المغذية كلّ 4 أو 5 ساعات في اليوم، خلال أيّام الأسبوع ونهاية الأسبوع يتمتعون بوزن صحي.

 

4-  احتساء الماء يخفف الوزن:

مقولة إنّ الماء الذي نشربه "يشفط" الدهون ويخرجها من الجسم غير صحيحة. صحيح أنّ الماء لا يحتوي على أي وحدات حرارية، غير أنّ الإكثار منه لن يؤدي إلى تخفيف الوزن إلا إذا استعضنا به عن المشروبات الأخرى الغنية بالوحدات الحرارية، ما يؤدي تلقائياً إلى التخفيف من مجمل ما نتناوله منها، ويسهل عملية تخفيف الوزن. وهذا يعني أنّ هذه العادة الصحية هي التي يمكن أن تساعدنا على تخفيف الوزن وليس الماء في حد ذاته. كذلك يمكن أن يساعدنا الماء على تخفيف الوزن بشكل غير مباشر. فاحتساء كوب من الماء قبل وجبة الطعام بنصف ساعة يساعد على تعزيز الإحساس بالشبع وعلى تخفيف كمية الطعام التي نأكلها في الوجبة.

 

5-  تناول الدهون يسبب زيادة الوزن:

يحتاج الجسم إلى الفئات الثلاث الرئيسة من الأطعمة: البروتينات، الكربوهيدرات، الدهون. والدهون ضرورية جدّاً لصحتنا وخاصة لصحة الدماغ، القلب، الجلد والأعضاء الأخرى في الجسم، إضافة إلى أهميتها في تمكين الجسم من امتصاص الكثير من الفيتامينات. والدهون خلافاً لما يعتقده الكثيرون مفيدة أيضاً لتفادي السمنة. فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة "الفيزيولوجيا والأيض" الأميركية في العام 2005 أنّ تناول الدهون يساعد على كبح هرمون الغريلين، هرمون الجوع، ويحفز في المقابل عملية إنتاج الببتايدز التي تجعلنا نشعر بالشبع. كذلك تبيّن أنّ تناول كمية صغيرة من الدهون مع الأطعمة الأخرى يساعد على خفض مؤشر التحلون للوجبة، ما يساعد على الإحساس بالشبع لوقت أطول. لكن من المهم اختيار أنواع الدهون الصحية الجيدة كتلك الموجودة في أطعمة مثل المكسرات، البذور، السمك، الأفوكادو، الزيتون، ومشتقات الحليب خفيفة الدسم، فهي تمنحنا الطاقة، وتساعد على ترميم وبناء الخلايا، وعلى إنتاج الهرمونات. أما الدهون التي يجب أن نخفف من تناولها فهي الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم الحمراء، مشتقات الحليب كاملة الدسم. أما الدهون التي يجب أن نتفاداها فهي دهون ترانس الموجودة في الكثير من المنتجات الغذائية المصنعة، فقد تبيّن أنّها تلحق أضراراً كثيرة في الصحة. وينصح الخبراء بأن تشكل الدهون الصحية مصدر 30 في المئة من مجمل الوحدات الحرارية التي نتناولها يوميّاً.

 

6-  يجب الامتناع عن تناول الأطعمة التي نتوق إليها بشدة:

عكس ذلك صحيح، فالسماح لأنفسنا بتناول القليل من الأطعمة اللذيذة من وقت إلى آخر، يساعد على إشباع هذا التوق ويساعد على تخفيف الوزن. فحرمان النفس من الأطعمة التي نرغب في تنالها يجعلنا نريدها أكثر وأكثر. صحيح أنّ الأطعمة التي نتوق إليها أغلبيتنا مثل المعجنات، الشوكولاتة، البسكويت، البيتزا، البطاطا المقلية، لا تحتل مكاناً على لائحة الأطعمة المفيدة للصحة، لكننا لسنا مضطرين إلى التخلي التام عنها. فتناول كمية صغيرة منها من وقت إلى آخر، يحول دون الإفراط الكبير في أكلها، وهو أمر يحصل عند فرض حظر تام عليها.

 

7-  زيادة الوزن أمر محتم عند التوقف عن التدخين:

تشير الدراسات الإحصائية إلى أنّ التحولات التي تطرأ على وزن الأشخاص بعد التوقف عن التدخين متفاوتة، فوزن بعضهم يزداد، بينما ينخفض وزن بعضهم الآخر، ويبقى وزن الكثيرين على حاله. فعلى الرغم من أنّ النيكوتين الموجود في السجائر يزيد من سرعة الأيض في الجسم، إلا أنّ تأثيره هذا يظل ضئيلاً. ولكن مهما كان تأثير التوقف عن التدخين، فالأفضل بكثير أن يكون الواحد منّا غير مدخن وذي وزن زائد قليلاً، عن أن يستمر في إلحاق الضرر بنفسه من التدخين ويرفض التوقف عنه خوفاً من السمنة.

 

8-  اعتماد نظام غذائي نباتي يؤدي تلقائياً إلى خسارة الوزن الزائد:

لا يمكن القول إنّ أي نظام غذائي نباتي يؤدي إلى تخفيف الوزن، فالبطاطا المقلية، رقائق البطاطا، المعكرونة، الشوكولاتة السوداء، والمعكرونة كلّها أطعمة نباتية، ولكن إذا كان نظامنا الغذائي غنياً بها، فمن المؤكد أننا لن نفقد أي وزن، بل سنكتسب العديد من الكيلوغرامات الزائدة. واتخاذ قرار التحول إلى نظام غذائي نباتي لمجرد تخفيف الوزن لن ينجح إلا إذا كان نظاماً غذائياً متوازناً غنياً بالخضار، الفواكه.

 

9-  الأطعمة الدسمة تؤدي إلى زيادة سريعة في الوزن:

يؤكد الخبراء أنّ زيادة الوزن عملية تتم ببطء ولا تحدث بين ليلة وضحاها. فنحن نحتاج إلى تناول 3500 وحدة حرارية إضافية كي يزداد وزننا نصف كيلوغرام، ونحتاج أيضاً إلى حرق العدد نفسه لنتخلص من هذه الزيادة.

 

10-                   الحميات القاسية تساعد على فقدان الوزن:

قد يكون ذلك صحيحاً على المدى القصير، لكن مثل هذه الحميات تؤدي مع الوقت إلى تعطيل عملية تخفيف الوزن. فتطبيق الحميات القاسية التي تفرض قيوداً مشددة على كمية الطعام التي يمكننا أن نأكلها، يقود الجسم إلى الاعتقاد بأننا نمر في فترة من التجويع، فيتمسك بكلّ ما لديه من مخزون من الدهون، ويتوقف عن حرقها.

 

11-                   إذا كنّا نمارس الرياضة بانتظام يمكننا أن نأكل كلّ ما نريد:

على الرغم من فوائدها الصحية الكثيرة، ودورها الأساسي في الحفاظ على النسيج العضلي وبنائه، وفي التخفيف من حدة الشهية إلى الأكل، إلا أنّ الرياضة وحدها ليست طريقة فاعلة لتخفيف الوزن. وتؤكد المتخصصة الأميركية في مكافحة السمنة سوزان كارنيل أننا إذا اكتفينا بممارسة الرياضة فإنّ إبرة الميزان لن تتحرك في الاتجاه الذي نريده، وأنّ ذلك لن يحدث إلا إذا ضبطنا كمية ونوعية ما نأكل.

ارسال التعليق

Top