أسرة
1- الإحسان إلى المسجد في القرآن الكريم:
أ) تحويله إلى (مثابة) يقصده ويتجه إليه ليس مَن يريد الصلاة فقط، بل مَن يطلب موعظة أو يتفقّه في دينه، ويتعلّم كتاب الله، ويصفِّي خلافاته مع أخيه، ويدعو الله بما شاء:
قال تعالى: (وَإذْ جَعَلنا البَيتَ مَثابَةً لِلنّاس) (البقرة/ 125).
ب) تحويله إلى ملاذ آمِن، يسود فيه الوئام والإنسجام والتلاحم الروحي، والإحساس بالرّاحة والإستقرار والحماية.. أن يكون ملجأ كما هي الملاجئ أوقات الحروب:
قال عزّوجل: (وَإذْ جَعَلنا البَيتَ مَثَابَةً لِلنّاسِ وَأمناً) (البقرة/ 125).
ت) تطهيره من تمجيد غير الله تعالى وتقديس نبيّه (ص) والأئمّة من أهل بيته (ع)، وأن لا يكون ساحة دعائية للسلطان أو لفلان وعلان:
قال سبحانه: (وأنّ المَساجِدَ للهِ فَلا تَدعُو مَعَ اللهِ أحَداً) (الجن/ 18).
ث) تطهيره من المندسِّين والمخرِّبين ومثيري الإشاعات والجواسيس والمنافقين:
قال جلّ جلاله: (وطَهِّر بَيتِيَ لِلطائِفِينَ والقائِمِينَ والرُّكَّعِ السُّجُود) (الحج/ 26).
ج) أن يكون مكاناً تستريح له النفوس وتأنس به القلوب بزينة روّاده، الذين يرتدون أنظف ملابسهم، ويتطيّبون، ويتمشّطون، ولا يدخلونه بروائح الفم الكريهة أو روائح الأقدام المنفِّرة:
قال تعالى: (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ) (الأعراف/ 31).
ح) إبعاده عن المشاحنات وإثارة النعرات وتأليب بعض الجهات على بعض الجهات، فالمسجد مأوى المتصالحين والمصلحين، لا مأوى المتنازعين والمتخاصمين، إلا بقدر ما يدخلونه لفضِّ نزاعاتهم لا لإثارتها وتعميقها:
قال سبحانه: (وَلا تُقاتِلُوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرَام) (البقرة/ 191).
خ) عمرانه، ليس بالبناء وحده فقط، فما أكثر مساجد المسلمين ولله الحمد، بل بالحضور فيه والمشاركة في صلواته، والمساهمة في فعالياته، وبما يجعله مُلتقىً ومحفلاً ومنتدىً ومنتجعاً روحياً وثقافياً واجتماعياً:
قال جلّ شأنه: (إنّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَن آمَنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ وأقامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكاةَ وَلَم يَخشَ إلا اللهَ فَعَسَى أولئِكَ أن يَكُونُوا مِنَ المُهتَدِين) (التوبة/ 18).
د) أن يبقى المسجد محافظاً على روحانيته، وهادفيته، ونشاطه، ورعايته، وطهارته، كما بُنِيَ في أوّل يوم، فلا يتحوّل مع الأيّام إلى محل للترويج لغير دين الله وبناء الجماعة الصالحة:
قال سبحانه: (لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوَى مِن أوّلِ يَومٍ أحَقُّ أن تَقُومَ فِيهِ) (التوبة/ 108).
2- الإحسان إلى المسجد في الأحاديث والروايات:
أ) سأل أبوذر رسول الله (ص) عن كيفيّة عمارة المساجد؟
فقال (ص): "لا تُرفع فيها الأصوات، ولا يُخاض فيها بالباطل، لا يُشترى فيها ولا يُباع، واترك اللغو مادمتَ فيها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلا نفسك".
ب) تجنيب المسجد ما يُعكِّر صفوه الروحاني من السخرية والإغتياب والثرثرة.
قال (ص): "الجلوسُ في المسجدِ لانتظارِ الصلاة عبادة، ما لم يُحدث، قيل: يا رسول الله، وما الحدث؟ قال: الإغتياب".
وعنه (ص): "كلّ جلوس في المسجد لغو إلا ثلاثة: قراءة مُصلٍّ، أو ذكر الله، أو وسائل عن علم".
ت) من الإحسان إلى المسجد أن لا تدخله بالطهارة الظاهرية فقط، بل بالطهارة الباطنية أيضاً:
قال رسول الله (ص): "أوحى اللهُ إليَّ أن يا أخا المرسلين، يا أخا المنذرين، أنذر قومكَ لا يدخلوا بيتاً من بيوتي ولأحدٍ من عبادي عند أحدهم مظلمة، فإنِّي ألعنهُ ما دام قائماً يصلِّي بين يديَّ حتى يردّ تلك المظلمة، فأكون سمعه الذي يسمع به، وأكون بصره الذي يُبصر به، ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء في الجنّة".
ث) والإحسان إلى المسجد يعني الإحسان إلى أهله ومرتاديه، فلا يؤذي أحداً من روّاده برائحة مُقرفة:
قال (ص): "مَن أكلَ هذه البقلة المُنتنة (يعني الثوم) فلا يقرب مسجدنا"، لأنّ الروائح الكريهة تصرف المصلِّي عن التوجُّه والإنقطاع إلى الله.
3- الإحسان إلى المسجد في الأدب:
يثني الشاعر على بانٍ لمسجدٍ يعتبرهُ السلالمَ إلى الله، فيقول:
سَلِمَتْ يداكَ فقد أقمتَ سلالماً
نرقى بها للواحِدِ القهّارِ
ما قيمةُ الدينارِ نكنزهُ إذا
لم نرعَ حقَّ اللهِ في الدِّينارِ
فالعطرُ لم تذق الأنوفُ شميمَهُ
حتى يذوبَ على الهواءِ السّاري
شرفُ النفوسِ بأن تُقدِّم ذاتَها
للهِ في إحسانِها المِدْرارِ
4- برنامج الإحسان إلى المسجد:
قال رسول الله (ص):
"مَن أدمنَ إلى المسجدِ أصابَ الخصال الثمانية:
1- آية مُحكمة، أي يتعلّم شيئاً من كتاب الله (القرآن).
2- أو فريضة مُستعملَة، أي يصلِّي الجماعة أو الفريضة.
3- أو سنّة قائمة، أي يتعلّم أدباً أو خُلقاً من سيرة المصطفى (ص).
4- أو علم مُستطرف، أي علم جديد لم يسبق له أن تعلّمه.
5- أو أخ مُستفاد، أي يكتسب معرفة أو علاقة جديدة مع إنسانٍ مؤمن.
6- أو كلمة تدلّ على هُدى، أي موعظة ترشده وتُصحِّح له مساره.
7- أو تردّه عن ردى، أي موعظة تُجنِّبهُ المعصية وتُبعدهُ عن النار.
8- وترك الذنب خشيةً أو حياءً، أي السلوك الحسن المُراعي للأدب والعفّة".
تسألوننا: ما هو برنامج الإحسان إلى المسجد؟
الجواب: أن نسعى جاهدين أن نحقِّق له المكاسب الثمانية، ليكون مؤسسة تربوية، تعليمية، ثقافية، فلقد كان رسول الله (ص) يُعلِّم الناس في المسجد، ويلقي بعد كل صلاة خطبة.
ارسال التعليق