اهتم بهذا الحديث جدّاً، وراقب قلبك، واسأل نفسك هل بداخلك ولو ذرة كبر على الناس؟ إن كان الأمر كذلك فلن تدخل الجنة وقد أتيت بصلاة وصيام وزكاة وحضرت دروساً. لا، ليس بهذا فقط، وهناك رواية أخرى للحديث: "لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال فرد له من كبر". فاحذروا الكبر يا جماعة.
ويقول الله عزّ وجلّ في الحديث القدسي: "الكبرياء ردائي، والعزة إزاري فمن نازعني فيهما عذبته". هل تنازع الله في كبريائه؟ ويقول الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز الحكيم، ضمن وصايا لقمان لإبنه: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان/ 18)، معنى تصعر: باللغة العامية "تلوي رقبتك"، إذن، ما أصلها في اللغة الفصحى؟ الصعر: هو مرض يصيب الإبل في رقابها فلا تستطيع أن تستعيد وضعها مرة أخرى (لا تعتدل رقبتها بل تبقى ملتوية)، من هنا جاء التعبير القرآني البليغ، والذي يحذرك من أن تصاب بهذا المرض، فلا تستطيع أن تعدل رقبتك مرة ثانية إذا لويتها. وفي آية أخرى: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا) (الإسراء/ 37). تواضع.. يا ابن آدم تواضع، فأنت لن تملك شيئاً فلم تتكبر؟ وتَعالَ نتعلم من تواضع رسول الله (ص): يقول الصحابة: كان رسول الله (ص) إذا سلّم على أحد لا ينزع يديه حتى وإن كانت لديه مشاغل ومهام عديدة. ويقولون: "وإذا سلم سلم بكليته" أي بجسده كله يلتفت لمن يُسلّم عليه، "ولا يصرف وجهه عَمَّن يسلّم حتى يصرف هو وجهه عنه". "وكان يجلس حيث انتهى به المجلس"، و"كان هاشاً باشاً لا تلقاه إلا مبتسماً"، هل تستطيع أن تضبط هذه النقاط الأربع مثل الرسول (ص) وتكون متواضعاً هكذا: 1- إذا ما سلمت على أحد، تسلم وأنت تنظر إليه. 2- عندما تسلم على أحد، لا تنزع يدك، ولا تسلم بطرف يدك، فهذا من الكبر، يقول الرسول (ص): "إنّ الله خيّرني بين أن أكون ملكاً نبياً وأن أكون عبداً نبياً، فاخترت أن أكون عبداً نبياً". أحبُّوا النبي (ص) وتعلقوا به واشتاقوا لرؤيته ومجالسته. جاء النبي (ص) رجل يرتعد (يعتقد أنّه آتٍ لمقابلة ملك الملوك) فقال له النبي (ص): "هون عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة". والقديد هو اللحم المجفف. هل فعلتها مرة حين أتاك رجل يهاب منصبك فقلت له: هون عليك ما أنا إلا ابن رجل فلاح؟ كان (ص) يركب الحمار، مع قدرته على ركوب الخيل، تواضعاً لله عزّ وجلّ. كان أحياناً مُخَيَّراً بين البغل والحصان، فيركب البغل تواضعاً لله. أرجو أن تفهموا كلامي بشكل صحيح، فأنا لا أدعوكم إلى أن تقللوا من شأنكم أو تَزهدوا، ولكن ليس هناك مانع من أن تتنازلوا مرة إبتغاء الخضوع لله وتعليم القلب الذل وعدم الكبر. أما الآن، فدعونا نسأل مرة أخرى: هل أنت متواضع؟►مقالات ذات صلة
ارسال التعليق