• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإحسان إلى الصديق

أسرة

الإحسان إلى الصديق

1- الإحسان إلى الصديق في القرآن الكريم:
أ) أحسِنْ إلى نفسِكَ باختيار الصديق الصالح:
قال تعالى: (يا وَيلَتى لَيتَنِي لَم أتَّخِذ فُلاناً خَليلاً * لقد أضَلَّني عنِ الذِّكرِ بَعدَ إذ جاءَني وكانَ الشّيطانُ لِلإنسانِ خَذولاً) (الفرقان/ 28-29).
وقال عزّوجل: (الأخِلاءُ يَومَئِذٍ بَعضُهُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ إلا المُتَّقِينَ) (الزخرف/ 67).
ب) إكرامه بالضيافة وحُسن الإستقبال في بيتك:
قال عزّوجل في الأكل من البيوت التي لا تحتاج إلى إستئذان، لأنّها كبيتك تماماً:
(أو صَدِيقِكُم) (النور/ 61).
ت) تحمّل أخطاء أو إساءات صديقك غير المتعمدة، ليتحمل هو أخطاءك، وإذا أعطيته عهداً على أمر معروف فالتزم به، لأنّ من حُسن الصحبة الوفاء بالوعد أو العهد:
قال تعالى على لسان موسى (ع) في خطابه للخضر (ع):
(قالَ إن سَألتُكَ عَن شَيءٍ بَعدَها فَلا تُصاحِبني) (الكهف/ 76).
ث) الدفاع عنه ونصرته ورفع الإتهام عنه إن كان بريئاً وأنتَ تعلم بذلك:
قال سبحانه: (وَما صاحِبُكُم بِمَجنونٍ) (التكوير/ 22).
ج) دفع المخاوف التي تنتابه، وإشعاره بالطمأنينة والسلام:
قال تعالى: (إذ يَقُولُ لصاحِبِهِ لا تَحزَنْ إنّ اللهَ مَعَنا) (التوبة/ 40).
ح) عدم التعالي عليه، ولا يصح أن تغترّ أو تفتخر عليه بأيِّ مزيّةٍ من مزاياك المادية والمعنوية، فمن الإحسان للصديق التواضع له:
قال عزّوجل يذمّ التكبُّر على الصديق: (فَقالَ لِصاحِبِهِ وهوَ يُحاوِرُهُ أنا أكثَرُ مِنكَ مالاً وأعَزُّ نَفَراً) (الكهف/ 34).

2- الإحسان إلى الصديق في الأحاديث والروايات:
أ) الإحسان يجمع ويجتذب الإخوان، فإذا غابَ غابوا:
يقول الإمام علي (ع): "منعُ خيرك يدعو إلى صُحبة غيرك".
ب) أنتَ تُحسِن اختيار ملابسكَ وطعامك، فكيف لا تُحسِن اختيار صديقك وهو الأهمّ، فإن تضع ثقتكَ بصديقٍ أهل للثقة يعني أنّك تُحسِن إليه كما تُحسن إلى نفسك:
قال رسول الله (ص): "المرءُ على دينِ خليلهِ، فلينظر أحدكُم مَن يُخالِل".
وكان (ص) يقول: "إختبروا الناس بأخدانِهِم (أصدقائهم)، فإنّما يُخادِن الرجل مَن يُعجِبهُ نحوه (سلوكه وتصرفاته التي تشبه سلوكك وتصرفك)".
وقال الإمام الصادق (ع): "إصحِب مَن تتزيّن به، ولا تُصحِب مَن يتزيّن بك".
ت) إذا رأيتَ جفاءً من صديقكَ فاتّهم نفسك يدم لكَ ودّه:
يقول الإمام زين العابدين (ع): "وإن رأيتَ منهم (أي الأصدقاء) جفاءً وانقباضاً عنكَ، فقل: هذا لذنبٍ أحدثته، فإنّكَ إذا فعلتَ ذلك سهّل الله لك عيشك، وكثّر أصدقاؤك، وقلّ أعداؤك".
ث) التودد للصديق والإحسان له، والإعراب عن المحبة واللطف واللين له، يستوجب إحسانه ودوام محبته وصداقته:
يقول الإمام علي (ع): "مَن لانَت عريكتُه وجبت محبّتُه، مَن لانَ عُودُه كثفت أغصانُه".
ج) ومن الإحسان إلى صديقك أن تُعرِّفه عيبه ولكن سرّاً لا علانية، أي بينك وبينه، تماماً كما تفعل المرأة التي تحفظ الأسرار ولا تكشف العيوب للغير:
عن الإمام علي (ع): "إنّما سُمِّي الصديقُ صديقاً، لأنّه يُصدِقكَ في نفسِك ومعايِبك، فَمَن فعلَ ذلك فاستنم إليه فإنّه الصديق".
ح) أعنهُ على الطاعة، فهو أحسن الإحسان إليه:
قال رسول الله (ص): "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيراً جعلَ له وزيراً صالحاً، إن نسيَ ذكّره، وإن ذكرَ أعانه".
وقال علي (ع): "المُعينُ على الطاعةِ خيرُ الأصحاب".
خ) وشيّعَ (صحبَ) علي (ع) ذمِّيّاً إلى خارج الكوفة حيث منزله، فلمّا عرف الذمِّيّ تعجّب، فقال (ع): "هذا من تمام حُسن الصُّحبة"!
د) ومن الإحسان إلى الصديق، السؤال عن إسمه ومعرفة مكان سُكناه:
قال رسول الله (ص): "إذا آخى أحدكُم رجلاً فليسألهُ عن إسمه وإسم أبيه وقبيلته ومنزله، فإنّه من واجب الحق وصافي الإخاء، وإلا فهي مودة حمقاء".

3- الإحسان إلى الصديق في الأدب:
قال (بشّار بن بُرد) موصياً بالإحسان إلى الصديق، بعدم مُعاتبته على الصغيرة والكبيرة:
إذا كُنتَ في كلِّ الأمورِ مُعاتباً***صَدِيقكَ لم تلقَ الذي لا تُعاتِبُه
فَعِشْ واحداً أو صِلْ أخاكَ فإنّهُ***مُقارفُ ذَنبٍ تارةً ومُجانِبُهْ
وفي الأمثال العربية: "الصديقُ عندَ الضيق".
وقيل: "عندَ الشدائِدِ تُعرَفُ الإخوانُ".
فالإحسان للصديق ليس مجرد ملاطفة ومزاح ولعب، بل مساندته ودعمه في حال الضيق والشدّة، لأنّه قد يجد مسامراً غيرك كثيراً، لكنه لا يجدَ مَن يُعينه في ضائقته إلى الصديق المُحسِن. ولذلك ورد في بعض الأمثال: "الصديق الصدوق، ثاني النفس وثالث العينين".
ومن الإحسان لصديقكَ أن لا تُصدِّق فيه الأقاويل، فطالما عرفته وخبرته ووقفتَ على حقيقته، فلا تقبل من الوشاة ما يقولونه فيه، ففي الحِكَم: "مَن صَدَّقَ الواشي، ضَيَّع الصديق".

4- برنامج الإحسان إلى الصديق:
في (رسالة الحقوق) للإمام زين العابدين (ع) في (حق الصاحب) جاء: "أمّا الصاحب:
1- فإن تصحبه بالتفضُّل والإنصاف (أي بالإحسان).
2- وتُكرمه كما يُكرمك (أي تُبادله كرماً بكرم).
3- ولا تدعهُ يسبق إلى مكرمة، فإن سابقَ كافأته (أي أن تُبادر إلى تكريمه).
4- وتودّه كما يودّك (أن تُبادلهُ المودّة والإحترام).
5- وتزجرهُ عمّا يهمّ به من معصية (أن تنهاهُ عن المنكر).
6- وكُن عليه رحمةً (لا تكن أنتَ والشيطان عوناً عليه، بل ارفق به كما يرفق الطبيب بمريضه).
7- ولا تكن عليه عذاباً".
وعنه (ع): "حقُّ الخليط:
1- أن لا تغرّه.
2- ولا تغشّه.
3- ولا تخدعه.
4- وتتقي الله تبارك وتعالى في أمرِه".

ارسال التعليق

Top