• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مكارم العبّاس (ع) وشجاعته

عمار كاظم

مكارم العبّاس (ع) وشجاعته

إنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السلام) قد حوى من المكارم والمحاسن، ومن الأخلاق والآداب ما لا يمكن قصرها في مجال، ولا حصرها في مقال؛ ولذلك جاءت ألقابه الدالّة على بعض من تلك المكارم والمحاسن، والمشيرة إلى نماذج من تلك الآداب والفضائل، عديدة وكثيرة، ورفيعة ومنيعة منها: (باب الحوائج، السقّاء، قمر بني هاشم، ساقي عطاشى كربلاء...). إنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السلام) قد احتذى حذو أبيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في إيمانه وأخلاقه، حيث كان من شدّة إيمان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكرم أخلاقه أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعدّه لكلّ عظيمة، ويدعوه عند كلّ نازلة وملمّة.

يقول الإمام الصّادق (عليه السلام) عن العباس (عليه السلام) في كلمات مختصرة، ولكنّها تعطي عناصر الشخصيّة الّتي تفسّر كلّ ما قام به العباس (عليه السلام): «كان عمّنا العباس نافذ البصيرة»، فلقد كان يتمتع ببصيرة في عقله يبصر بها الحقّ، وبصيرة في قلبه يبصر بها مواطن الإحساس والشّعور والعاطفة، فيما يحبّه الله ويرضاه من الجانب العاطفي للإنسان، وكان يملك البصيرة في حركته في الحياة عندما يواجه الخطّ المستقيم والخطّ المنحرف.

كان «نافذ البصيرة صلب الإيمان»، فلم يكن إيمانه الإيمان الّذي يمكن أن يهتزّ أمام التحدّيات، سواء كانت تحديات الترغيب أو الترهيب.

وجاهد مع أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً، ونحن نقرأ في الزيارة: «السّلام على العبد الصّالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين وللحسن والحسين، فنِعْمَ الأخ المواسي»، كما أنّنا نلتقي مع حركة (العباس) في قتاله في هذين البيتين اللّذين قد يكونان رجزاً له، وقد يكونان لسان حاله عندما قطعت يمينه:

والله إن قطعتُم يميني

إنّي أحامي أبداً عن ديني

فالإمام الحسين (عليه السلام) هناك يقول: «خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي»، في خطّ الدعوة، والعبّاس هنا يطلقها دفاعاً عن خطّ الدعوة أيضاً، فعندما وصلت الأمور حدّاً أن الدين يواجه التحدّيات التي تريد إسقاطه، وقف العباس (عليه السلام) محامياً وذابّاً ومدافعاً: «إني أحامي أبداً عن ديني»، ليبيّن أن هذه الحركة إنما كانت حركة إصلاح في أمّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحمايةً للدّين، «وعن إمامٍ صادق اليقين»، ولم يقُل عن أخي، لأنّ القضية في وعي العباس وفي وجدانه، لم تكن قضية أخوّة يدافع عنها، ولكنها كانت قضيّة قيادة يدافع عن حركتها وعن رسالتها في حركة التحدّيات التي واجهها.

وعن إمامٍ صادقِ اليقينِ

نجلِ النّبيِّ الطّاهرِ الأمينِ

ارسال التعليق

Top