• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إستمتع بكل لحظة في حياتك

إستمتع بكل لحظة في حياتك
 تغيير عادة من العادات أو الاستغناء عن ساعة اليد، أو ابتكار طقس جديد في حياتك.. هذه وغيرها، كلها طُرق بسيطة وقابلة للتطبيق، تُسهّل عليك الاستمتاع بحياتك اليومية، ومعرفة القيمة الحقيقية لكل لحظة فيها. هل تعلم أن نظرتك الذاتية إلى الوقت، هي الأمر الذي ينبغي عليك تغييره، إن قررت أن تطبّق في حياتك اليومية مبدأ "عش اللحظة"، وأن تستمتع بكل دقيقة تمرُّ من حياتك اليومية؟ تخيل لو أنّ الإنسان بدل أن يعتبر الوقت عدواً له فإنّه يعتبره حليفاً، وبدل أن يواجهه ويهاجمه فإنّه يمتصه ويستعمله لمصلحته. سيصبح الوقت حينها مجالاً للإبداع ووقتاً مفتوحاً لكل الأنشطة، وكل الهوايات والمهام، حيث كل شيء يمكن أن يُنجَز في هدوء. وإليك هذه النصائح الست، التي ستجعلك تعيش الوقت على أنّه فن من الفنون، فن كيف تعيش حياتك.   1- حدّد أولوياتك: "ما هي الأمور الأكثر أهمية في حياتي؟". هذا هو السؤال الذي ينبغي أن تسأله لنفسك. ولكي تجيب، خُذ ورقة وقلماً واكتب لائحة بكل الأنشطة والمهام التي تقوم بها خارج عملك وخارج أساسيات الحياة الأسرية. اكتب مثلاً: (الرياضة، الحرف اليدوية، النزهات، مشاهدة التلفزيون، التسوق، الحفلات، القراءة، الذهاب إلى السينما، أنشطتك الجمعية والتطوعية). والخطوة التالية هي أن تقسم هذه اللائحة إلى أربعة أقسام. القسم (أ): أنشطة مهمة ومستعجلة. القسم (ب): أنشطة مهمة لكن ليست مستعجلة. القسم (ج): أنشطة أقل أهمية. القسم (د): أنشطة يمكن الاستغناء عنها لأنّها مضيَعة للوقت. ستكتشف بعد هذا التقسيم، أنك تمضي الكثير من الوقت في أنشطة لا تفيدك في شيء، ولا تشعر معها بأي متعة. لهذا، احذف من مفكرتك كل الأنشطة التي وضعتها في القسمين "ج" و"د"، ثمّ أعد تنظيم جدول أعمالك لكي يكون محوره الأساسي هو الأنشطة "أ" و"ب". واحترم القاعدتين التاليتين، الأولى: يجب أن تكون ألوياتك محددة وواضحة، لكي تتمكن من الاستمتاع فوراً بنتائجها الإيجابية، والثانية: يجب أن تكون ألوياتك قابلة للتنفيذ بسهولة ويُسر، وأن تكون ممتعة بالنسبة إليك.   2- انسَ ساعتك: ليس مستحيلاً أن تعيش من دون ساعة اليد، حيث يمكنك مثلاً أن تقرأ الوقت في ساعة الهاتف المحمول، أو على شاشة الكمبيوتر. يجب أن تُدرك أن غياب عقارب الساعة في حياتك، هو في حدّ ذاته أمر إيجابي. فهو يدفعك إلى الوعي باللحظة وإدراكها، وليس العمل على مُراقبة وحساب الوقت المتبقّي. جرب ذات صباح أن تترك ساعة يك في البيت، وانظر ماذا ستكتشف. هذه النصيحة صوف تُمكّنك من أن تفكّ ارتباطك بالنظرة الخارجية والمادية للوقت الذي يمر. وستمكنك من إعطاء أهمية أكبر للإحساس الداخلي والذاتي بالوقت. بالتالي، إعطاءه أهمية أكبر لشعورك أنت باللحظة الراهنة.   - اخترع طقساً جديداً: الطقوس هي أمور موجودة منذ قديم الزمان، منها الدينية ومنها الدنيوية ومنها الجماعية ومنها الفردية. لماذا لا تبتكر طقساً خاصاً بك، يكون بمثابة محطة وقوف في الزمن، تتوقف عندها بانتظام لكي تلتقط أنفاسك وتوثقها بالأنشطة التي تحب فعلها؟ اعلم أنّ الطقوس أمر مهم يُعزز التوازن النفسي للإنسان. اجلس كل صباح لمدة عشر دقائق، لمجرد التأمّل، أو توقف كل يوم عصراً في مقهى أو في ركن هادئ من بيتك لكي تشرب الشاي. أشعل كل يوم شمعة في ركن هادئ من البيت، وتأمّل وتذكر أشياء وذكريات جميلة من حياتك، اخرج يومياً لكي تمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة. هذه مجرد أمثلة يمكن الاجتهاد فيها لكي تكون لك طقوسك الخاصة. لا يهم الطقس الذي تختاره، لكن المهم هو أن لا تمارسه بسرعة واستعجال، بل خُذ ما يلزمك من الوقت. هذا الطقس سوف يساعدك على أن تتحرر من ضغوط الحياة اليومية، وهموم العمل والأسرة، ويعطيك نوعاً من الاطمئنان لكي تُتابع يومك.   - تمهّل ولا تُسرع: اختر نشاطاً يومياً تقوم به بشكل ميكانيكي دائماً، مثل الاستحمام، ترتيب الملابس، تحضير الأكل. وقبل أن تبدأ في ممارسة هذا النشاط، توقف لحظة وجيزة وخذ نفساً عميقاً جدّاً، ثمّ ابدأ في ممارسة ذلك العمل، لكن ببطء شديد. كن بطيئاً إلى أقصى حد في كل حركة تقوم بها، وحاول أن تركّز تفكيرك كله على كل وضع تقوم به، وعلى كل حركة من حركات يدك، ركّز على الشيء الذي تحمله، ركز على شعورك الجسدي بما يحيط بك، ركز على عضلاتك وحاول أن تشعر بها، وركز أيضاً على الطريقة التي تتنفّس بها. بهذا التمرين، سوف تنتبه إلى كل التفاصيل التي تفلت منك يومياً في زحمة حياتك. ستنتبه إلى الإحساس بالماء على كتفيك وأنت تستحم، والرائحة الجميلة التي تنبعث من ملابسك بعد غسلها. أشياء كثيرة مُفرحة لم تكن تنتبه إليها. وهكذا، فإنك تُعيد إلى حواسك دورها الرئيسي، وتقوّي العلاقة بينك وبين البيئة المحيطة بك، ما يقوّي شعورك بالسلام الداخلي.   - اكسر الروتين: يلعب الروتين دوراً مهماً في القضاء على إحساسك باللحظة الراهنة. صحيح أنّ بعض العادات يجعلنا فعلاً نكسَب بعض الوقت، إلا أنّه يؤدي كذلك إلى تعطيل اليَقظة والحذر اللذين يتمتع بهما كل إنسان. ولكي تستعيد يقظتك، ألغي من حياتك اليومية نشاطاً معيناً، تعرف حق المعرفة أنّه روتيني، ثمّ غيّر طريقة قيامك به أو استبدله به أنشطة أخرى. تذهب إلى التسوق مثلاً كل يوم جمعة، عند الساعة الخامسة مساء، حاول ولو لمرة واحدة أن تذهب يوم الجمعة عند الساعة العاشرة صباحاً مثلاً، وإذا كنت أنت مَن يحضّر الطعام دائماً يوم الإجازة الأسبوعية، حاول مرة واحدة أن لا تطبخ، وأن تطلب طعاماً جاهزاً من المطعم، أو أن تخرج مع أسرتك لإقامة حفل شواء في الهواء الطلق، أو تناول الغداء في المطعم. إذا كنت معتاداً على الذهاب إلى مكتبك من الطريق نفسه كل يوم، حاول يوماً ما أن تكسر هذا الروتين، وأن تذهب من خلال طريق آخر مختلف. هذا التمرين سوف يساعدك على أن تعي أكثر أنك تستمتع بحياتك أكثر، وعندها تكون واعياً أكثر بالخيارات التي تختارها.   - اجلس من دون أن تفعل شيئاً: إذا كنت تُسمّي وقت فراغك وقتاً ميّتاً، فذلك ربّما لأنك تشعر بأنك تفقد جزءاً من حياتك عندما تكون متفرّغة. لهذا، فأن يجلس الإنسان من دون أن يفعل شيئاً، هو شيء قد يكون مثيراً للقلق لدى البعض. يمكنك مثلاً أن تذهب إلى أحد المقاهي وتجلس بالقرب من إحدى شُرقاته، وتشرب فنجاناً من الشاي، من دون أن تفعل شيئاً. هذه الاستراحة القصيرة يعرفها الفنانون جيِّداً، وبالنسبة إليهم بمثابة "التفرُّغ" أي لحظة تفرغ من كل مهام أخرى، وهدوء، في إنتظار أن يأتيهم الإلهام. وخلال حياتك اليومية، توقّف بين الفَيْنة والأخرى، واجلس في ركن من مطبخك أو على كرسي في حديقة عمومية، أو استلق على سريرك وانظر إلى السقف، وتفكّر في اللحظة الراهنة التي أنت مستلقياً فيها، فادخل كوامن نفسك وحدّثها قائلاً "أنا.. الآن.. لا.. أفعل.. شيئاً". هذا التمرين يُمكّنك من تقوية العلاقة مع حياتك الداخلية، ويعطيك فرصة للإبداع واستلهام أفكار جديدة.

ارسال التعليق

Top