إنها مشابهة تماماً لآداب السلوك في البيت وفي الحياة الخاصّة: نفسح في المجال على الطريق أمام من هم أكبر سنّاً كي يمرّوا أمامنا؛ نساعد المُعاق، ونُرشد الضائع إلى الطريق الصحيح. يجب ألا نعبر إذا كنا نحمل الكثير من الأغراض أو نجرٍّ عربة طفل. وإذا انزعج أحدٌ منّا فمن الأفضل (الابتسام له والاعتذار إليه عمّا بدر منّا لنخفّف من حدة غضبه. بالطبع يجب شكر من يفسح لنا في الطريق، ولكن لا يجب ألا نُبالغ في الإفساح كي نثبت حُسن تربيتنا.
هناك العديد من التصرّفات الواجب الامتناع عن القيام بها في الشارع: عدم رمي الأوراق وبطاقات الباص المستعملة وغيرها، فالشارع ليس مكاناً لرمي النفايات، ومن المؤكد أنّه يجب الامتناع عن البصق والتمخّط أيضاً.
أمّا المرأة فعليها ألا تدخن في الشارع، وألا تقوم بأيّ عملٍ ملفت كتسريح الشعر أو وَضع المساحيق على الوجه أو ما شابه.
في زحمة الشارع، ربما التقينا بشخصٍ نعرفه، وقد يكون هذا الشخص في طريقه إلى موعدٍ محدد فيشيح بوجهه أو يخفض رأسه حتى لا نراه، في هذه الحالة يجب عدم إزعاجه بالتوقّف للتحدُّث إليه لأنّه لا يرغب بذلك، ومن الأفضل النظر إلى مكانٍ آخر إلا إذا بادر بالإشارة إلينا، عندئذٍ نستجيب له، هذا إذا كنت أنت الأصغر سناً، أمّا إذا كنت أنت الأكبر سناً فعليك أنت أن تشير إليه أوّلاً. لكن، في كلّ الأحوال، يجب أن يكون الحديث في الشارع مختصراً، وإذا كنت راغباً في إتمامه فما عليك إلا أن تذهب مع هذا الشخص إلى مكانٍ آخر، وأن تدعوه إلى منزلك لتناول القهوة أو الشاي فتكملان الحديث إلى نهايته.
إذا التقيت شخصاً في الشارع ولم تكن متأكداً من معرفتك به، فلا تنظر إليه محدّقاً فترةً طويلة، بل حرّك رأسك قليلاً ثمّ تابع سيرك.
من غير اللائق أن تُنادي على شخصٍ بعيد عنك في الشارع أو أن "تصفّر" له، لكن من الممكن أن تهرول للوصول إليه، على شرط ألا تفاجئه من الخلف بل يجب أن تسير أمامه قليلاً حتى يتعرّف إليك. كما أنّه من غير اللائق الإشارة إلى شخصٍ ما بالإصبع أو التحديق إليه طويلاً.
التحية: تختلف التحية باختلاف درجة الاحترام والمودّة التي نريد إظهارها، وحسب درجة الحميميّة في العلاقة. في الماضي، كان على الرجل، إذا التقى امرأةً، أن يرفع قبعته أو أن يمدّ يده في حركةٍ تشير إلى أنّه يريد رفعها، أمّا اليوم وبعد أن أصبح اعتمار القبعة نادراً، فعلى الرجل أن يحني قامته قليلاً أمام المرأة، وأما ظاهرة تقبيل اليد فغير واردة في الشارع. بعد ذلك، على المرأة أن تمدّ يدها لتسلّم عليه. أمّا التحية الأكثر انتشاراً اليوم فهي المصافحة، تمتدّ اليد لتصافح اليد ويتمّ تبادل بعض الكلمات القصيرة السريعة. بشكل عامّ، على الشخص الأكثر أهمية (سنّاً، أو مركزاً اجتماعياً أو غيرهما) أن يقوم بالمبادرة.
حين يلتقي أشخاص عديدون في الوقت نفسه، على كل واحد أن يعرّف الشخص الآخر بصديقه: يُعرّف بالشخص الأصغر سنّاً في البدء، والشخص الأصغر سناً يُعرّف عن الشخص الأكبر سنّاً. إذا نسي الصديق اسمك فلا تغضب بل عرّف عن نفسك شخصياً. وإذا لم يعرّف عنك صديقك، فابتعد قليلاً حتى ينهي حديثه مع الآخرين، فهو على الأرجح لا يريد أن يفرض عليك حديثاً طويلاً مع أشخاص لا تعرفهم.
الحيوانات في الشارع: تشكّل هذه الحيوانات المرافقة خطراً حقيقياً على السائرين، ولذلك يجب الإمساك جيِّداً بالكلب حتى لا يحتلّ كلّ الرصيف، فصاحبه – مثلاً – مسؤول عمّا يفعل وعن نظافة الأمكنة التي يمرّ بها، وعن نباحه المزعج وعن عضّاته. يجب منع الأطفال من مداعبة الكلاب التي لا يعرفونها. من الخطإ تَرْك الكلب ينبح وهو مربوط إلى باب متجر، أو في السيارة. وعادةً تمنع محلات بيع الأغذية دخول الكلاب إليها، فيجب احترام هذا الطلب، وعلى صاحب الكلب أن يعرف أنّ كلبه لطيف طالما هو يمسكنه ويتركه إلى جانبه.
حوادث الشارع: إذا كنتَ شاهداً على حادث سير فلا تتدخّل فيما لا يعنيك، ولكن إذا دعت الحاجة اطلب النجدة من أحد المخافر أو المراكز المتخصّصة، أو اشهد بما رأيت في حال وجود خلافٍ على أن تكون واثقاً من أنك ستقول الحقيقة. وإذا كنت طرفاً في هذا الخلاف، فاحتفظ بهدوئك لأنّ هدوءك سيؤثر في الآخرين أكثر من كلّ التهديدات والصراخ.
إذا كنتَ في صفِّ انتظار فلا تحاول أن تتقدم الآخرين لتسبقهم، وإذا فعل أحد ذلك فيمكن أن تلفت نظره بهدوء.
المصدر: كتاب آدابُ السلوك (الإتيكيت)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق