• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أولويات الإنفاق وتنظيم الدخل

يوسف ميخائيل أسعد

أولويات الإنفاق وتنظيم الدخل

◄من المشكلات التي تجابه الشباب مشكلة تنظيم الدخل وتحديد أولويات الإنفاق. فالشباب أو الشابة يجدان أنفسهما فجأة وقد صارا أصحاب ميزانية مستقلة. فبعد أن كان الواحد منهما يعيش في كنف الأسرة بغير مسؤولية اقتصادية، فإنّه يجد نفسه محمّلاً بتلك المسؤولية. لقد كان يأخذ مصروفه من والده طوال طفولته ومراهقته ومطلع شبابه. إنّه كان يحمّل أسرته مسؤولية الإنفاق عليه وسدّ جميع مطالبه بالمدرسة والجامعة.

ولكنّه وقد تخرج واستلم الوظيفة، فإنّه يجد أنّه قد صار المسؤول الوحيد عن نفسه. إنّ الوالد يقول له: "تحمّل مسؤوليتك" فماذا تكون النتيجة؟ الإحساس بوطأة المسؤولية. ولقد يرتبط هذا الإحساس بإحساس آخر هو الإحساس بالخوف. ذلك أنّ الشاب قد يجد نفسه وحده في بلد بعيد عن مقر أسرته. إنّه يقبض مرتبه آخر كلّ شهر وعليه أن يتدبر أمره وأن يوزّع دخله بحكمة على جوانب متباينة.

ومشكلة الموظف الجديد من الشباب هي مشكلة معقدة في الواقع. إنّ عليه أن يكتفي بمرتبه مهما كان ضئيلاً. إنّ عليه أن يستقل اقتصادياً وألا يمد يده إلى والده يطلب مساعدته.

على الشاب إذن أن يعيد تنظيم إنفاقه. فيجب عليه أن يمتنع عن التدخين حتى يوفر نقوده لما هو أهم وأجدى. وربما يلزم الأمر عدم دخول السينما أو الجلوس بالمقهى لضغط نفقاته.

ونحن ننبه الشباب إلى خطورة الارتجال في الإنفاق. إنّ بعض الشباب يستدينون لأنّهم لا يريدون التنازل عن بعض الأشياء التي تعوّدوا عليها. والواقع أنّ من الضروري أن يلائم الشباب بين دخله وبين أبواب إنفاقه. وهذا يستلزم ما يسمى بالتربية الذاتية. فالشاب يجب أن يعيد مواءمة سلوكه وعاداته مع ظروفه الجديدة.

أمامك موقف لا مناص منه ولابدّ من مواجهته. إنّ بعض الناس يعيشون بنصف مرتبك أو بنصف دخلك. بل ويدخرون منه. فما بالك تقول إنّ المرتب ضعيف ولا يكفيني؟ إنّ العيب ليس في المرتب الذي تحصل عليه، بل العيب في تطلعاتك ورغباتك الطموحة.

إنّ مَن يجرى وراء رغباته وقد أغمض عينيه عن إمكانياته وحدود دخله ينتهي لا محالة إلى الإفلاس والاستدانة. ولكن الذي يلجم رغباته ويحدد أوجه الإنفاق يعيش سعيداً وغنياً عن الناس. فقط عليك أن تعيد تنظيم أولويات إنفاقك.

لا تقلد غيرك ممن ينفقون ببذخ وتبذير. لا تقلد الأغنياء، ولا تقلد المبددين. الجم يدك عن البذخ والتبذير وعش في حدود دخلك مهما كان ضئيلاً. نحن نعرف شباباً لا يشربون المثلجات في أشد أيام الصيف حرارة لتوفير ثمن الزجاجة الغازية. وبعض الشباب اقلعوا عن شرب الشاي والقهوة حتى لا يستدينوا.

المهم أن تتمسك بالواقعية الاقتصادية في حياتك. إنّ الشخص الذي لا يضبط ميزانيته ينتهي حتماً إلى الإفلاس. وكذا فإنّ الشركة أو الدولة التي تنفق بغير حساب تنتهي إلى الإفلاس.

نذكرك أخيراً بأنّ الطمأنينة النفسية مرتبطة بكفاية الدخل. وأنت المسؤول عن هذه الكفاية. إنّ عليك أن تضغط بعض بنود إنفاقك. إنّ كثيراً ما تحسبه من الضروريات يمكن أن تستغني عنه وأن تجعله في نظرك ضمن الكماليات. ولا شك أنّ الضروريات والكماليات مسألة نسبية. فما ترى أنّه من الضروري يراه غيرك من الكماليات. فلماذا لا تحاول أنت أيضاً تحويل بعض الضروريات إلى كماليات؟►

 

المصدر: كتاب شخصيتك بين يديك

ارسال التعليق

Top