إنّ من أبرز آداب التحدث عبر الهاتف النقال أن لا يكون المستخدم طرفاً مزعجاً لغيره ولا مسرفاً في الوقت وأن يضع القاعدة المثالية القائلة "خير الكلام ما قل ودل". سبيلاً لتلك السلوكية الاجتماعية التي ينطبق عليها وصف الأتيكيت. واحترام الخصوصية الشخصية لجميع الناس وعدم إشراكهم في محادثات هاتفية لا علاقة لهم بها هي واحدة من قواعد الآداب الاجتماعية والصفات الناجحة المطلوب اتباعها. ومن الآداب العامة عند الاتصال بطرف آخر التعريف عن الذات ودون استخدام الأسئلة السلبية كأن تقول مثلاً: ألم تعرفني؟ أو "عليك أن تحزر مَن أنا". عرّف عن نفسك بشكل مباشر وواضح وقل له: أنا فلان الفلاني. كذلك ليس من اللياقة أن تسأل الآخر عن اسمه قبل التعريف عن نفسك أوّلاً والتأكّد من أنّ الشخص الآخر يعرفك. ينبغي أن تكون نبرة صوتك على الهاتف هادئة ولا تسبب الإزعاج للآخرين.
فالتحدث بصوتٍ عالٍ على الهاتف ليس من آداب الأتيكيت وكذلك التحدث بصوت خافت وهامس. حاول أثناء المكالمة الهاتفية ألا تستخدم يدك للتعبير عن شيء معيّن أو أن تتفوّه بألفاظ نابية أو تتكلّم بلغة أجنبية لا يفهمها من حولك فتسبب لهم الإحراج وكأنك توحي إليهم أنّه ليس من المفترض أن يفهموا ماذا تقول بإمكانك وبكلّ بساطة أن تعتذر وتبتعد قليلاً عن الجميع حتى تنهي مكالمتك من دون أن تزعج أحداً أو يزعجك أحد.
وحاول ألا تتباهى بأمر أثناء المحادثة عبر رفع صوتك، فهذا أسلوب غير لائق وربما يثير اشمئزاز الحاضرين. إنّ من الأفضل اختيار نغمة موسيقية جميلة لجهاز هاتفك الجوال كي لا تزعج الآخرين برنينه. ويمكنك أيضاً تجنب الإزعاج الصادر عبر الهاتف المحمول باستخدام تقنية الارتجاج بدلاً من تقنية الرنين، خاصة أثناء الاجتماعات والأعمال الهامة أو عندما تكون في زيارة شخص مريض أو قريباً من شخص نائم. وعندما تكون في مكان مزدحم بالناس حاول أن تضبط ارتفاع رنين الهاتف وكذلك الصوت الصادر عن المتكلم معك تجنباً للإزعاج وحتى لا يكون بمقدور أحد أن يسمع الحديث. والتحدث المطول عبر الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة يشتت الفكر ويعرض حياتك وحياة الآخرين للخطر، لذلك ينبغي الحدّ من استخدامه أثناء القيادة قدر الإمكان والتركيز التام على القيادة درءاً لأي خطر محتمل. ومن المعروف أنّ قوانين السير في الدول المتطورة تعاقب على استخدام الهاتف أثناء القيادة لذلك لا يجوز أن تعرّض نفسك للعقوبات ولا حياتك أو حياة الآخرين للخطر وعند الضرورة حاول أن تلجأ إلى استخدام سماعة الهاتف. من كلّ ذلك نرى أنّ آداب الأتيكيت تهذّب سلوكياتنا أثناء الحديث عبر الهاتف الخلوي حتى تتحاشى ردود أفعال الآخرين حيال مَن يتحدث بصوت مرتفع في الأماكن المزدحمة ويتجاهل الخصوصيات العامة ولا يراعي حرمة الآخرين.
إنّ احترام الخصوصية في المحادثة يعد من أهم وظائف الهاتف الخلوي لضمان سير الأعمال المهمة وإنجازها في الوقت المناسب والهاتف عموماً يمكن أن يساعد بسرعة على تبليغ أي قرار مهم لا يقبل التأجيل وبما انّ المعلومات التي تتعلق بالأعمال مهمة جدّاً وتحتم أن تحاط بشيء من السرية والكتمان لابدّ من الحرص الشديد على اختيار المكان والزمان المناسبين للنقاش في الموضوعات أو المشكلات التي تحتاج إلى مثل هذه السرية. إنّ الهاتف ليس مخصصاً لإدارة شؤون الأسرة أو الكتب والأفضل الانتظار لحين مقابلة الشخص المعني والتحدث معه مباشرة خصوصاً إذا كان هناك خلاف حتى تأتي النتائج مرضية للجانبين، ومن المعروف أنّ نبرة الصوت المستخدمة عبر الهاتف النقال يمكن أن تكون سبباً لحل المشكلة أو سبباً لتأزمها خاصة إذا كانت تجري بين شخص مسؤول وموظف عنده والتي قد تنتهي بعقوبة للموظف إذا ما تجرأ ورفع نبرة صوته عالياً أثناء الحديث مع مسؤوله، والتركيز على المحادثة بين شخصين أو أكثر في اجتماع عمل يكون أكثر جدوى إذا انحصر في موضوع واحد بدل الكلام في موضوعات متشعبة لا طائل منها كذلك فإنّ الحديث عبر الهاتف ينبغي أن يتناول موضوعاً معيناً فقط من غير أن يترافق مع أي عمل آخر يشوش عليه مثل الكتابة على الحاسوب أو قيادة السيارة أو شرب القهوة أو الشاي أو كتابة التقارير المهمة، فالإنسان لا يمكنه أن يقوم بجميع المهام معاً وأن ينجزها بكفاءة عالية ومن الأفضل أن يخصص وقتاً كافياً لكلّ عمل يريد إنجازه لما في ذلك من تأثير كبير على مصالح الأفراد والشركات.
المصدر: كتاب فن الأتيكيت في بناء العلاقات الاجتماعية والدبلوماسية لـ د.فاضل البدراني
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق