النزاعات بين الأطفال من ذوي الأمزجة الحادّة ستكون بالضرورة أكثر حدّة من تلك التي تجري بين أطفال أكثر مرونة.
لا يتمتّع الأهل بتأثير مباشر في مزاج الطفل وطباعه؛ ولكنهم يستطيعون أن يعلموه الكفايات الضرورية ليدير بالشكل الأفضل الاختلافات الفردية ويعرف كيف يتعامل مع طباع الآخرين. أمّا اكتشاف الكفاية التي يحتاج إليها الطفل، فهي قضية بحد ذاتها، وتربيته عليها هي قضية أخرى، لذا نُقدِّم إليكم برنامجاً خاصاً يتضمّن آليات حل المشكلات والكفايات الخمس عشرة الموزَّعة على أربع مراحل.
بإمكانكم استخدام هذه المعلومات للتعاطي مع سلوك طفلكم وتعليمه كفايات جديدة.
يتضمّن البرنامج أربع آليات أو مراحل، وهي: توقف وراجع الموقف، اعثر على أفكار، تصرّف بشكل ملموس، راجع مجدَّداً وصحِّح عند اللزوم.
- المرحلة الأولى: توقف وراجع الموقف
يجب أن تأخذ الوقت الكافي لتنظر إلى المواقف وتحلله. انظر أوّلاً إلى ما يجري في داخلك. ما هي مشاعرك؟ ثمّ راقب سلوك الطفل. تعرَّف إلى مشاعرك الخاصة، مثلاً: "أنا أشعر أنِّي منزعج حقّاً بسبب كل هذه الشجارات". إذا كنت متوتراً، من الأفضل أن تهدأ قبل أن تتدخّل. تنفّس بعمق أو انظر عبر النافذة. وحتى تجعل الأُمور أقل دراماتيكية، باستطاعتك أن تطرح على نفسك هذه الأسئلة: هل أنّ مشكلة السلوك هذه عند طفلي خطيرة فعلاً؟ هل سأفكِّر بها بعد خمس سنوات؟
راقب سلوك الطفل: هل هو متكرِّر؟ هل بإستطاعتي أن أضع تواريخ عليه؟ انظر إلى أهدافك على المدى الطويل: هل يمكن إستخدام هذه السلوكيات كمدخل لتعليمه قيمك؟
- المرحلة الثانية: اعثر على أفكار
ثمة طرق عديدة للتصرُّف إزاء سلوك ما وفي كل وضع. وكلما كانت لديك خيارات متعدِّدة بين يديك، كانت فرصتك أكبر في العثور على خيار ناجح. بإستطاعتك كذلك التحدُّث مع أصدقائك أو أقاربك، قراءة الكتب، حضور المحاضرات...
- المرحلة الثالثة: تصرّف بشكل ملموس
حين تكون لديك عدّة أفكار، اختر واحدة وجرِّبها في البداية مع الأخذ بالإعتبار حاجات الطفل وباقي أفراد الأُسرة. يجب أن تتذكّر أنّك تريد من طفلك أن يتعلّم. تحضر مقاربتك بالتفكير بعناية بالطريقة التي ستمارسها بها، وحتى بالكلمات التي ستستخدمها. اطلب مساعدة أو دعم إن احتجت إليهما. ثمّ تصرّف، فأفضل المخططات لا تنجح ما لم نُجرِّبها.
حين تكون جاهزاً، قرِّر ردح الزمن الذي تريده لتنفيذ محاولتك الأولى قبل أن تُغيِّرها. ما من مدّة سحرية ينبغي احترامها، لكن بعض الوقت قد يكون ضرورياً حتى ينغرس السلوك الجديد في العادات. يجب أن تعلم أنّه حين تُغيِّر طريقة تعاطيك مع مسألة معيّنة، قد تسوء الأمور أحيانا قبل أن تتحسَّن. فالأطفال يحاولون أحياناً الحصول على الردّ الذي اعتادوا الحصول عليه قبل أن يختبروا طريقة جديدة في السلوك. فمحاولة واحدة لا تكفي بالتالي. ولكن بعد وقت معقول، سيكون بالطبع من غير المجدي الإستمرار في هذه المحاولة إن كانت لا تحرز نجاحاً.
- المرحلة الرابعة: راجع مجدداً وصحِّح عند اللزوم
المخططات التي تنجح بالكامل من المرّة الأولى نادرة. وأفضل التقنيات ليست تقنيات سحرية! في أغلب الأوقات، يتعيّن علينا أن نراجع ونضبط ونُصحِّح مقاربتنا للأمور. كثيراً ما يميل الأهل إلى تكرار "الشيء ذاته" أي حين لا نحصل على ما نريد في موقف ما، نجعله أكثر قسوة ونكرِّره عشرين مرّة وثلاثين مرّة... هنا ينبغي أن ندرك أنّ مقاربتنا لا تنجح وبدل أن نقنع أنفسنا بأنّنا على حق وأنّ على الطفل أن يفهم في النهاية، من الأفضل أن نعدل طريقة معالجتنا للأمور. ينبغي عموماً ما بين ثلاث إلى خمس محاولات قبل الوصول إلى الهدف المنشود. وأحياناً قد تحتاج إلى عشرة تغييرات أو أكثر، لذا من المهم ألّا تفقد الأمل، فالوقوع على الحل الناجع يحتاج بعض المثابرة.
ومن أجل أن تكون أكثر فاعلية، عليك باستخدام خمس مهارات: أن تتجنب اندلاع المشكلة، أو توطِّد السلوكيات المرغوب فيها، أن تعلم الكفايات الضرورية، أن تعترف بالمشاعر وأن تضع الحدود المعقولة.. كل واحدة من هذه النقاط مهمّة.
- أن تتجنّب اندلاع المشكلة:
- المهارات والأمثلة:
تخفيف حدّة التوتر.
اترك الوقت يفعل فعله.
تعديل المحيط.
وضب ألعاب الطفل الكبير، حيث لا يستطيع الصغير الوصول إليها.
تقديم خيارين: "إذا أردت أن تكون لوحدك، باستطاعتك أن ترسم وأنت جالس على الطاولة، أو في غرفتك مع إغلاق الباب.
- أن توطد السلوكيات المرغوب فيها
- المهارات والأمثلة:
بذل الاهتمام.
أمضِ وقتاً مع أطفالك حين يتصرفون بشكل جيد الواحد مع الآخر.
الملاحظة: التعبير عن التقدير والامتنان "شكراً لأنّك تركت شقيقتك تنظر إلى كتابك الجديد".
المكافأة حين تطلب منِّي المساعدة بدل أن تضرب سيكون لك الحق بصورة لاصقة.
- أن تعترف بالمشاعر:
- المهارات والأمثلة:
إصغاء عادي.
أصغِ فقط من دون أن تعطي نصائح.
إصغاء ناشط.
"أنت تشعرين بخيبة لأنّك لم تحصلي على فستان جديد اليوم".
إشباع الرغبة في الخيال.
"ألن يكون رائعاً أن نمتلك عصا سحرية؟ بمجرد أن ترغب في شيء ما تستطيع أن تحضره بواسطة هذه العصا".
- أن تضع حدوداً معقولة:
- المهارات والأمثلة:
ضع قاعدة واضحة ومصوغة بشكل إيجابي.
"إلمس برفق".
أفصح عن النتائج التي ستتأتى عن العمل "إذا ما آذيت أحداً، ستلعب وحدك لفترة من الوقت".
صف ووجه نحو البحث عن حل أفضل
"لدي طفلان يريدان استخدام القطار.. ماذا باستطاعتنا أن نفعل حتى يكون الاثنان سعيدين؟".
- أن تعلم كفايات جديدة:
- المهارات والأمثلة:
كن المثال الذي يحتذى.
أعامل أطفالي كما أرغب في أن يعامل الواحد منهم الآخر.
التدريب التدريجي في اليوم الأوّل، أدل الكبير كيف يضع ألعابه بعيداً عن متناول شقيقه الأصغر. في اليوم التالي أساعده على وضع ألعابه كلها في أعلى، ثمّ أساعده على وضع ألعابه كلها في أعلى، ثمّ أسعده على وضع بعضها في أعلى وأتركه يكمل على الباقي، وأخيراً أذكره فقط، بأنّه يجب أن يضع ألعابه في أعلى.
نمحي ونبدأ من جديد "لقد نسيت أن تطلب من شقيقتك إن كنت تستطيع أن تأخذ لعبتها. نمحي ونبدأ من جديد".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق