• ٢٢ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٠ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ثقافة الاعتذار

ثقافة الاعتذار

قال الإمام عليّ (ع): «اقبل أعذارَ الناسِ تستمتع بإخائِهم، والقهمْ بالبِشرِ تُمِت أضغانَهم».

الاعتذار هو سلوك أخلاقي راقي ينم عن تلك الروح الإيجابية التي يتمتع بها المعتذر أو قابل العذر... الاعتذار هو إعلان لبدء صفحة جديدة تسودها روح المحبّة والتسامح وتجاوز الماضي بكلِّ سلبياته... الاعتذار هو العطر الجميل الذي يحوّل أكثر اللحظات حماقة إلى هدية جميلة.

الاعتذار هو ثقافة سليمة لا تدلّ على ضعف الشخصية، بل تدل على شخصية قوية استطاعت هزم كلّ هواجس الشر والحقد والضغينة واستبدلتها بمشاعر حبّ الآخرين وتقدير مشاعرهم والانتقال معهم من عالم الحزن والكآبة إلى عالم الفرح والسعادة.

نعم هذه هي ثقافة الاعتذار... وهي تحتاج إلى فن الإتقان.

ما هو الاعتذار؟

الاعتذار هو:

- إبداء التأثر لحصول تقصير أو خطأ أو تأخر أو سوء فهم مقصود أو غير مقصود.

- فعل نبيل وكريم يعطي الأمل بتجديد العلاقة وتعزيزها.

- التزام لأنّه يحثنا على العمل على تحسين العلاقة وعلى تطوير ذاتنا.

- مفتاح التسامح وباب كبير من أبواب الحبّ والسلام فهو حافظ للكرامة الإنسانية.

- باختصار إنّه مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعية مكوّن من ثلاث نقاط أساسية هي:

أوّلاً: أن تشعر بالندم عمّا صدر منك.

ثانياً: أن تتحمّل المسؤولية.

ثالثاً: أن تكون لديك الرغبة في إصلاح الوضع.

أسباب عدم الاعتذار:

- النظر إلى الاعتذار على أنّه ضعف، أو أنّه سلوك لا ينتج عنه سوى إهدار الكرامة والتقليل منها.

- الجهل بفضيلة الاعتذار، وأنّها من مكارم الأخلاق.

- وجود صفة اللامبالاة لدى الشخص المخطيء.

- الظن بأنّ الاعتذار أمر غير ضروري.

- التأثر بعادات الآخرين والبيئة المحيطة، في إهمال الاعتذار.

- خوف الشخص المخطيء من الحرج، أو التأنيب والسخرية أو ربّما معاقبة الآخرين.

- كثرة الأخطاء وتكرارها تولّد التعوّد عليها، وعدم الاعتذار منها.

- عدم إحساسه بحال الطرف الآخر الذي أخطأ في حقّه، ولم يعتذر له.

فوائد الاعتذار:

- يساعدنا في التغلّب على احتقارنا لذاتنا وتأنيب ضميرنا.

- يعيد الاحترام للذين أسأنا إليهم ويجردهم من الشعور بالغضب.

- يفتح باب التواصل الذي أوصدناه.

- هو شفاء الجراح والقلوب المحطمة.

الاعتذار فن له أُصول وقواعد أهمّها:

- عنصر التوقيت وحسن اختياره هو أوّل خطوة في فكر الاعتذار. فمن الضروري اختيار الوقت المناسب للاعتذار لمن أخطأنا في حقّه، فـ(الأُمور مرهونة بأوقاتها) كما قال الإمام عليّ (ع).

- فكّر ملياً في أمر الاعتذار، حاول أن تحدّد أسلوبه قبل عرضه. فالتفكير العميق يفسح المجال لتقديم عرض عقلاني ومقبول، قال الإمام عليّ (ع): «إذا قدَّمت الفكر في جميع أفعالك حَسُنت عواقبك».

- حدّد موضوع الخلاف بعناية لا سيّما وإن جاء الاعتذار بعد مدّة من الزمن، حاول أن لا تتهرب منه بالتناسي.

- اعتمد التعابير الملطفة والإشارات العفوية التي تنم جميعها عن مشاعرك الصادقة في اعتذارك. وعندما تكون صادقاً في مشاعرك فإنّها ستقع في القلب المقابل فيرضى، فيكلل أداؤك بالنجاح.

- يجب عدم الاعتذار للشخص الذي أخطأنا في حقّه أمام الغير حتى لا نجرح مشاعره.

قبول العذر

تحث التعاليم والوصايا الدينية على قبول المعتذر، والصفح عنه والتجاوز عن أخطائه، بل وتحث على التماس العذر له إن لم يكن له عذراً، يقول أمير المؤمنين (ع): «اقبل عذر أخيك، وإن لم يكن له عذراً، فالتمس له عذراً».

فكن قابلاً للعذر، متغافلاً عن تلك المشاحنات، تعش سعيداً مع الآخرين...

ارسال التعليق

Top