ربما أجهدك العمل فارتميت بجسدك على السرير؛ لتنام بضع ساعات تستعيد فيها شحن بطاريات عقلك وتركيزك لاستكمال العمل؛ لأنّ موعد التسليم اقترب والعمل لم ينتهِ بعد، وفي منامك تسمع شخصاً ينصحك بصدى متكرر، ولا يتحدث العربية، هو بنيامين فرانكلين، يمسك بمقالته الخالدة «نصيحة لتاجر شاب»، ويقول لك: «TIME IS MONEY» (الوقت هو المال).
تشغلك نفقاتك.. أليس كذلك؟
فواتير الإنترنت والهاتف والكهرباء والمياه، وتكاليف المواصلات، و«أوبر» و«الدليفري» صديقاك لتوفير وقت المواصلات وإعداد الطعام، لكنهما عدوّاك في توفير النفقات.
ولكن.. أيهما تريد: توفير الوقت أم النفقات؟
الإجابة معضلة، توفير الوقت قد يتطلب زيادة النفقات، وتوفير النفقات قد يؤدي إلى إهدار الوقت.. فما العمل؟
تلك العملة ذات الوجهين: الوقت والمال، والمعضلة ذات السؤالين: الوقت أم المال؟ بمجرد أن تتبادر الفواتير إلى ذهنك سيترجمها عقلك -تلقائياً- إلى حساب المبالغ الإجمالية، وحساب عدد ساعات العمل للحصول على المال، فنحن نترجم الأموال إلى الوقت اللازم لتحصيلها، ونترجم الوقت إلى الأموال التي نحصلّها منه، مما يجعلنا نسعى إلى زيادة الإنتاجية بالقيام بمشاريع متعددة؛ لزيادة الدخل، ولكن تعدُّد المهام يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الإجمالية للفرد بنسبة 40%، وذلك بحسب دراسة للجمعية الأمريكية لعلم النفس، كما أن تعدد المهام يؤدي -في الواقع- إلى أن تستغرق المشاريع وقتاً أطول لإكمالها مع ضغوط أعلى تؤدي إلى الأخطاء، وهو ما يحتاج إلى «إدارة الوقت»، وليس «تنظيم الوقت».
لماذا يحتاج العمل الحر لمهارة إدارة الوقت؟
1- لأنّه عمل مرن وقتياً بصورة مُربكة، ليس عملًا روتينياً بأوقات عمل رسمية، فأنت تعمل في أي وقت من اليوم، وتلك المرونة المُربكة تحتاج إلى إدارة الوقت بإتقان.
2- لأنّك مدير نفسك، والمسؤول عن الإنتاجية، أنت المُحاسَب والمُحاسِب، لذا يجب أن يكون الوقت أساساً من أساسات محاسبتك لنفسك؛ كي تتجنب التأخيرات في عملك، وبالتالي تحتاج وقتًا إضافيًا للوفاء بالمواعيد النهائية.
3- لأنّها مهارة تمكّنك من اللحاق بتسارع التحديثات في عملك المستقل؛ ففي عصر الـ5G يجب أن تملك الوقت الكافي لمواكبة هذا التسارع؛ «علشان ما تبقاش expired»، وحتى لا يتفوّق عليك منافسوك.
4- لأنّها من المهارات الأساسية لزيادة الإنتاجية والتخطيط؛ إذ تتيح لك أوقاتاً للقيام بمشاريع إضافية، وتمكّنك من إدراك الأنشطة التي أفقدتك الوقت، وتجعلك على دراية بالوتيرة التي يسير بها وقتك؛ لتصبح أكثر حذرًا بشأن إهداره، وتمكّنك من إدارة وقت فراغك لتقليل الضغط، وتحسين التركيز.
5- لأنّك تحتاج أوقاتًا لزيادة الأعمال، وبالتالي زيادة دخلك، وتحتاج أوقاتاً إضافية تساعدك على ابتكار أشياء جديدة.
6- لأنّها تساعدك على إنهاء أعمالك قبل موعد الديدلاين، وبالتالي بناء سمعة جيدة، والحصول على تقييمات مرتفعة على منصات العمل الحر.
7- تتيح بعض منصات العمل الحر إمكانية حساب وقت العمل، وتوفّر آلية لذلك، مثل أنا حسوب والتي تساعد في إدارة قوائم المهام وإدارة المشاريع وفرق العمل عن بعد، بما يساعد في تنظيم وإدارة الوقت، لذا فأنت بحاجة لإدارة وقتك إذا كنت تتعامل مع مثل هذه المنصات.
عزيزي المستقل كيف تهدر وقتك؟
1- ضع جداول غير مرنة
المرونة ليست مماطلة بل عدم تكدّس الأوقات بالعمل؛ حتى لا تزيد الضغوط، والجداول غير المرنة تكون متاحة للتعديل والتكدّس، فيبدو كجدول «الدايت»، وتظل تردد «هبدأ الجدول من بكرة»، في حين أن الجدول المرن يكون بمثابة روتين تقوم به تلقائياً. وإذا أردت تعلّم مهارة وضع الجداول فقد تساعدك هذه الخطوات الخمس.
2- لا تضع إجازات
بينما تخطط لوقتك تنسى تحديد أيام راحة، رغم أنّها جزء أساسي من التوازن بين العمل والحياة؛ فالراحة تمنحنا القدرة على استكمال العمل، وكما نقيّد أوقاتاً لعمل بلا راحة، فيجب أن نقيّد أوقاتاً أخرى لراحة بلا عمل.
3- اهمل يومياتك
تساعدك اليوميات على فهم إدارتك لحياتك ووقتك، وبعد الانتهاء من مشروع ما اقرأ يومياته؛ لتعرف مواطن الإجادة والخلل، فأنت تكتب عن نفسك، وإهمالها يعد إهمالاً لنفسك وعملك.
4- لا تتبع الوقت
عملك الحر بمثابة شركتك الخاصة، والشركات تستعين ببرامج إدارة الوقت؛ لتساعدها على تقليل تسريبات الإنتاجية بنسبة 80%، وزيادة إيراداتها بنسبة 61%، وحمايتها من تسرب الوقت الذي يُفقدها 38% من الإيرادات، مما أدى إلى شيوع هذه البرامج؛ لأنّها تُستخدم في تتبع أوقات فرق العمل، وتحدد الأنشطة التي تقلل الإنتاجية، وتقدم بيانات مفصلة عن الأوقات المستهلكة على المواقع والتطبيقات المستخدمة في المهام، وتتكامل مع تطبيقات إدارة المشاريع الشائعة، وتوفر منظورًا شاملًا للأعمال، وتساعد على إعداد الفواتير، وتتبّع الإنفاق، وحساب الأرباح، وجدولة ساعات العمل، وحظر تطبيقات التشتيت، لذا باتت بمثابة مساعد لفرق العمل، وليست مجرد تطبيقات.
5- لا تحدد ماذا تريد
القيام بأكثر من عمل في وقت واحد يهدر الوقت، وكثرة الأعمال لا تعني بالضرورة كثرة الإنتاجية، لذا عليك تحديد ما تريد عمله؛ لأن إتقان إدارة الوقت يعني استغلاله بشكل فعّال، فإذا كانت الساعة تكفيك لرسم بورتريه أو تصميم لوجو أو كتابة مقال أو ترجمة صفحة، ففي ساعتين يجب أن يكون إنتاجك ضعف إنتاجك في ساعة، وهكذا.
6- اقبل كلّ الأعمال
من أهم مهارات إدارة الوقت مهارة الرفض، رفض الأعمال الإضافية التي ستهدر وقت الأعمال الأساسية، ورفض العملاء الذين يشتتونك بالرسائل والمكالمات والتعديلات؛ لأنّ قبول «كلّ» عمل يضيّع «كلّ» عمل.
7- التشتيت ثم التشتيت
يقترن إهدار الوقت بضياع التركيز، ما يفرض تحديد الأولويات وتجنب الإلهاء، في ظل ملايين المشتتات والمُلهيات والرغبات المحيطة بنا، لكن ذلك لا يعني أنّك ماكينة لتنظيم الوقت؛ فهناك أحداث مفاجئة، كمرض أو حادث أو وفاة أو أمر يؤثر على نفسيتك ومزاجك، وهي أحداث يزيد التشتيت من أثرها السلبي على الوقت، لذا يجب التركيز، ويمكنك الاستفادة من هذه النصائح العشر أو الاستعانة بهذه الطرق الحياتية لتزيد تركيزك.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق