• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حالاتنا الذهنية والنفسية وتأثيرها في صحتنا

حالاتنا الذهنية والنفسية وتأثيرها في صحتنا
مشاعرنا، انفعالاتنا، والطريقة التي نتعامل بها مع الآخرين تؤثر في حالتنا الصحية العامة بطرق مدهشة وغير متوقعة. ما آخر ما توصل إليه العلماء في هذا المجال؟ تشهد الدوائر العلمية في كثير من العواصم ازدياداً في عدد الدراسات والتجارب التي تهدف إلى إظهار تأثير انفعالاتنا المختلفة في صحتنا البدنية. فبعد أن تبين علمياً أنّ الفرح يخفف من إمكانية إصابتنا بالرشح، تتوالى الأبحاث وتظهر أن هناك العديد من الطرق التي تؤثر فيها مشاعرنا في صحة أجسامنا. ونستعرض هنا 12 من أبرزها.   1- اللطف يساعد على الوقاية من تصلب الشرايين: تبين أن تكرار حالات الحنق والغضب يفاقم خطر الإصابة بتصلب الشرايين، وفي المقابل فإنّ القيام بأعمال ودية لطيفة تجاه الآخرين يمكن أن يخفف من خطر هذه المشكلة. ويعلق المتخصص الأسترالي دافيد هاملتون فيقول إنّ اللطف يحفز الجسم على إنتاج الأوكسيتوسين الذي أظهرت الدراسات أنه يخفف من إفراز المواد الكيميائية المسببة للالتهابات، والمرتبطة بظاهرة تصلب الشرايين. ويضيف هاملتون أننا نحصل على أكبر كمية من الأوكسيتوسين عندما نقوم بأعمال لطيفة يتخللها النظر إلى عيني الآخر ومشاهدة ابتسامة على شفتيه.   2- التوتر يفاقم عوارض ما قبل العادة الشهرية: يقول الخبراء في جامعة بافاللو الأميركية إنّ التوتر والضغط النفسي اللذين تتعرض لهما المرأة، خاصة في النصف الثاني من الدورة الشهرية، يفاقمان من حدة العوارض التي يعانيها عدد كبير من النساء قبل العادة الشهرية. فالتعرض لقدر كبير من التوتر يؤدي إلى زيادة إفراز الجسم لمواد كيميائية تدعى بروستاغلاندينز المرتبطة بعوارض ما قبل العادة الشهرية. وكانت أبحاث أخرى قد أظهرت أن إمكانية معاناة آلام العادة الشهرية تتضاعف لدى النساء المعرضات لقدر كبير من التوترات والضغوط النفسية، بحكم وضعهنّ العائلي أو الاجتماعي أو المهني، مقارنة بالنساء غير المعرضات إلى الكثير من التوتر.   3- التعبير عن الغضب يكافح الضغط النفسي والتوتر: يبدو أنّ الصراخ تنفيساً عن الغضب الشديد الذي قد نشعر به هو الحل الأفضل لصحتنا في هذه الحالة. فقد أظهرت الأبحاث التي أجراها الدكتور نيوس هيريرو من جامعة فالنسيا الإسبانية أنّ الصراخ تعبيراً عن الغضب يؤدي إلى إرسال دفعة كبيرة من الدم إلى النصف الأيسر من الدماغ، وهو النصف الذي يطلق مشاعر سعيدة تعمل في ما بعد على إراحتنا. وفي دراسة ثانية أجريت في الولايات المتحدة تبين أن معدل ضغط الدم ومستوى هرمونات التوتر يكونان متدنيين أكثر لدى الأشخاص الذين تظهر علامات الغضب على وجوههم كرد فعل للتوتر الذي يتعرضون له، مقارنة بأولئك الذين يستجيبون بشكل آخر للتوتر. وتقول المشرفة على الدراسة جنيفر ليرنر، إننا عندما نوجد في وضعية مثيرة للحنق الشديد (أي تلك التي تكون فيها استجابات الغضب أو السخط مبررة) لا يكون التعبير عن هذا الغضب مضراً لنا. لكن يستحسن في هذه الحالة أن يكون صراخنا في مكان خاص، فالصراخ مثلاً في المنزل عندما نكون بمفردنا لن يؤدي إلى المشاكل التي يمكن أن تبرز إذا ما صرخنا في وجه مديرنا.   4- الغضب الزائد يمكن أن يؤثر في اللثة: إذا كان التنفيس عن التوتر بقدر معتدل من الغضب أمر جيِّد، إلا أن ثورات الغضب المتواصلة قد تؤدي إلى نتائج صحية سلبية كثيرة أبرزها، وأكثرها إثارة للدهشة هو مرض اللغة. فقد تبين للبحاثة في جامعة هارفرد الأميركية إن إمكانية الإصابة بمرض اللثة تزداد بنسبة 72 في المئة لدى الأشخاص الذين يغضبون بشكل متكرر، مقارنة بأولئك الأكثر هدوءاً. ويعتقد العلماء أن سبب ذلك يعود إلى دفعات الأنسولين الكبيرة التي يطلقها الجسم أثناء نوبات الغضب. والمعروف أن هناك علاقة وطيدة بين ارتفاع مستويات الأنسولين في الجسم وبين الإصابة بمرض اللثة. ويقول المتخصص لي تاون من المؤسسة الأسترالية للتحكم في الغضب، إننا إذا أردنا أن نتحكم في غضبنا، فمن المفيد أن نبدأ بالتعرف إلى الإشارات الأولى التي تبدو علينا قبل أن نفقد السيطرة على الوضع. فهناك مثلاً من يبدأ بنقر الطاولة بأصابعه، أو ينقر الأرض بقدمه قبل أن ينفجر بالغضب. ومن شأن التعرف إلى هذه الإشارات أن يمنحنا فرصة لإخراج أنفسنا من الوضعية المثيرة للغضب، ونحن لا نزال هادئين نسبياً.   5- التشكيك يمكن أن يضعف فاعلية الأدوية: أجرى البحاثة البريطانيون في جامعة أوكسفورد تجربة لافتة لاختبار تأثير الحالة النفسية في حدة الألم التي نشعر بها. وتضمنت التجربة تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات يعمل أطباء على تعريضهم جميعاً إلى درجة مماثلة من الألم، ولكن في طرق مختلفة، إذ يتم تعريض أفراد المجموعة الأولى إلى الألم من دون إعطائهم أي مسكن. أما أفراد المجموعة الثانية فيتم دس مسكن للألم في طعامهم من دون إخبارهم بذلك قبل تعريضهم للألم. وفي المقابل يتم إبلاغ أفراد المجموعة الثالثة بأنهم سيتلقون مسكناً للألم، بينما يعطى مسكن الألم هذا لأفراد المجموعة الرابعة ويقال لهم إنّه ليس مسكناً للألم. وأظهرت التجربة أن مستويات الألم لدى المشاركين الذين اعتقدوا أنهم لن يتمتعوا بأي تخفيف لآلامهم (المجموعة الرابعة)، كانت مماثلة لتلك التي قيست لدى الأشخاص الذين لم يتناولوا أي مسكن للألم (المجموعة الأولى). فمسكن الألم بالنسبة إلى أفراد المجموعة الرابعة لم يكن يتمتع بأي فاعلية. أما عندما عرف المشاركون أنهم سيتلقون مسكناً للألم (المجموعة الثالثة) فإن مستويات الألم لديهم انخفضت بنسبة 50 في المئة. ويخلص البحاثة إلى القول إننا إذا أردنا للدواء الذي نتناوله أن يكون فاعلاً، علينا أن نصدق ونؤمن بقدرته على مساعدتنا.   6- التعبير عن الحب يمكن أن يخفض مستويات الكوليسترول: قام البروفيسور كوري فلويد من جامعة أريزونا بتجربة طلب فيها من المشاركين الذين يعانون ارتفاعاً في مستويات الكوليسترول الكتابة عن، أو إلى أشخاص يحبونهم بمعدل 3 مرات في الأسبوع. وبعد انتهاء التجربة تم تسجيل انخفاض في مستويات الكوليسترول لديهم بنسبة ملحوظة، مقارنة بأولئك الذين لم يكتبوا أي رسائل عاطفية. ويعلق فلويد قائلاً إنّه لا يعرف تماماً لماذا يحدث ذلك، لكنه يعتقد أن أنماط السلوك الودية العاطفية تسهم في التخفيف من تأثير التوتر والضغط النفسي، وتساعد على خفض مستويات هرمونات التوتر في الجسم. والمعروف أنّ الغلوكوكورتيكويدز، وهي نوع من هرمونات التوتر هذه، تسهم في إرتفاع مستويات الكوليسترول في الجسم.   7- القلق يؤثر في قدرتنا على قيادة السيارة: تؤكد الدكتورة أديز وونغ من مركز أبحاث سلامة الطرق وحوادث المرور التابع لجامعة كوينزلاند الأسترالية، أنّ القلق يؤثر سلباً في ردود فعلنا وفي سرعة استجاباتنا، ويشتت انتباهنا أثناء القيادة، تماماً مثلما يحصل عندما نتحدث على الهاتف النقال أثناء القيادة. وتضيف وونغ أنّ القلق والحصر النفسي يسيطران على الأفكار الذهنية التي تأخذ حيزاً كبيراً من قدرتنا على الانتباه التي يفترض أن نستخدمها، ونكرسها للعمل الذي نقوم به، وهو قيادة السيارة. لذلك، وفي الحالات التي نشعر فيها بالقلق بسبب عوامل أخرى غير القيادة، مثل أن نقلق مثلاً بشأن العمل ونحن في طريقنا إلى المنزل، علينا أن نمنح أنفسنا ما بين 5 أو 10 دقائق، نمشي فيها قليلاً للتخفيف من قلقنا قبل أن نصعد إلى سيارتنا ونقودها.   8- الوقوع في الحب يمكن أن يزيد من نمو الدماغ: تقول البروفيسورة ستيفاني أورتيغ من جامعة سيراكيوز الأميركية أنّ الوقوع في حب شخص آخر يستغرق خمس ثانية فقط. لكن هناك 12 منطقة دماغية "متورطة" ومشتركة في هذه الظاهرة. وتقوم هذه المناطق الدماغية بإفراز مواد كيميائية مسببة للحبور، إضافة إلى مواد كيميائية أخرى يطلق عليها اسم "عامل نمو العصب" وهي تلعب دوراً مهماً في تقوية الارتباطات والاتصالات بين الخلايا العصبية. من جهة ثانية تبين أنّ الوقوع في الحب يسهم أيضاً في التخفيف من حدة الألم. فقد أظهر البحاثة في كلية الطب في جامعة ستانفورد الأميركية أنّ الطلاب الذين يعيشون علاقة حب جديدة كانوا يشعرون بدرجة أقل من الألم المتوقع في حالات محددة، عندما كانوا ينظرون إلى صورة حبيبتهم أمامهم.   9- السأم يؤثر سلباً في حالتنا الصحية العامة: يبدو أن عبارة "الموت من السأم" فيها شيء من الحقيقة. ففي الأبحاث التي قام بها المتخصصان البريطانيان مارتن شيبلي وآني بريتون في لندن كوليدج، تبين أن إمكانية الإصابة بأمراض مميتة في غضون عشرين سنة ترتفع بمعدل ضعفين ونصف لدى الأشخاص الذين يقرون بأنهم غالباً ما يشعرون بالضجر والسأم، وذلك مقارنة بالأشخاص الذين يهتمون بالعديد من القضايا وينغمسون في القيام بمختلف الأنشطة. وتعلق بريتون فتقول إن حالة السأم المتواصل هي بمثابة إعطاء تفويض لعناصر الخطر الأخرى، وليست سبباً مباشراً للإصابة بالأمراض المميتة. وبعبارة أخرى فإنّ السأم يزيد من ميل الناس إلى التدخين أو احتساء الكحول أو تناول الأطعمة الدسمة غير الصحية، ومن شأن كل ذلك أن يقود إلى الإصابة باضطرابات صحية خطيرة.   10- المسامحة تساعد على التخفيف من الألم: من الأفضل لصحتنا أن نتخلى عن أي ضغينة نشعر بها تجاه الآخرين، فقد أظهر الخبراء مؤخراً أن مسامحة الآخرين الذين أساؤوا إلينا تساعد على التخفيف من الآلام المزمنة، مثل آلام الظهر. ويقول الدكتور جايمس كارسون من جامعة أوريغون للعلوم والصحة إن بعض المرضى يعتبرون شخصاً آخر مسؤولاً عن الألم، مثل الطبيب الذي لا يتمكن من علاجهم، أو الشخص الذي سبب أصلاً الحادث الذي أطلق عندهم ألم الظهر. كذلك فإنّ الغضب والاستياء والغيظ كلها مشاعر تزيد من تعقيد عملية العلاج والشفاء من الألم. أما دافيد هاملتون فيقول إنّ المسامحة والتأمل الذي نركز فيه على نواحي الإيجابية، وعلى تمني الخير للآخرين، يرفعان لدينا مستويات الأندورفينات المعروفة بقدرتها الطبيعية على تسكين الألم.   11- تفاؤل يزيد نسبة مضادات الأجسام: عندما قام العالم الأميركي الدكتور ريتشارد دافيدسون بتقصي ردود فعل أجسام الناس الذين تلقوا لقاح الإنفلونزا، تبين له أن مستويات مضادات الأجسام كانت أكثر ارتفاعاً لدى الأشخاص الأكثر تفاؤلاً. ويقول إن في وسعنا جميعاً تعزيز تفكيرنا الإيجابي وتفاؤلنا في الحياة. وينصحنا الدكتور تيموثي شارب من مؤسسة أبحاث السعادة في سيدني في أستراليا، بتمضية بعض الوقت يومياً في التفكير بالأشياء الجيِّدة في حياتنا وفي العالم حولنا.   12- تفادي المشاحنات يمكن أن يرفع مستويات العناصر المغذية: أجرى البحاثة الألمان تجربة حديثة قاسوا فيها مستويات فيتامين C في أجسام المشاركين قبل، وبعد دخولهم في مشادة كلامية. وتبين لهم أن مشاحنة مدتها ثلث ساعة تخفض مستويات تركيز هذا الفيتامين بمعدل 300 ملغ. وتعلق المتخصصة الأسترالية بام ستون فتقول إنّ الغدد الكظرية تستخدم فيتامين C للمساعدة على إنتاج هرمونات التوتر. وتؤدي المشاحنات إلى زيادة حاجة هذه الغدد إلى الفيتامين المذكور. كذلك تتطلب عملية إنتاج هرمون التوتر إلى مجموعة فيتامينات B، لهذا السبب يقوم العديد من الأطباء بوصف قرص مكمل من هذه الفيتامينات للأشخاص الذين يمرون بفترات من التوتر الشديد والإجهاد النفسي.

ارسال التعليق

Top